في الحرب على الإرهاب: قطع رأس “الهيدرا” لا يكفي!.

اخترنا لك

د. صادق القاضي:

عندما واجه المحارب الأسطوري “هرقل” الأفعى الخرافية “هيدرا Hydre”، كما في الميثولوجيا اليونانية، كانت مشكلته مع ذلك المسخ المتوحش ذي الرؤوس المتعددة، أنه كلما قطع رأساً من رؤوسه، نما مكانه رأسان، وكلما تضاعفت الرؤوس تضاعفت قوة الشر، وبالتالي خطورته وصعوبة القضاء عليه.

تماماً كما في معضلة “الحرب الدولية على الإرهاب”. عندما أطاحت أمريكا برأس “منظمة القاعدة” في كابول، تمددت ونمت لهذه المنظمة الإرهابية رؤوسٌ وأذرع كثيرة من باكستان إلى الصومال، ومن أندونيسيا إلى نيجيريا.!.

لاحقاً، الضربات الموجعة التي تلقتها منظمة “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”بقيادة الزرقاوي، ضعضعتها، ومن تحت أنقاضها خرج أقوى وأخطر التنظيمات الإرهابية حتى الآن، “تنظيم الدولة الإسلامية” “داعش”، بزعامة البغدادي.

اليوم، تتهاوى قلاع “داعش” بوتيرة متسارعة في العراق وسوريا، لكن الحرب الدولية على الإرهاب، إذا استمرت بنفس سياستها النمطية، فإن القضاء على داعش، قد يفضي إلى تمدد الإرهاب بمسميات ورؤوس مختلفة أكثر توحشا وشراسة.

أمريكا لا تشبه البطل الأسطوري “هرقل”. إنها تمتلك ما يفوق عضلاته الخارقة، لكنها لا تحمل نواياه النزيهة، أمريكا التي مولت الإرهاب لصالحها ضد روسيا في قندهار، تحاربه اليوم لصالح فرنسا في باريس، وتدعمه ضد الأسد لصالح السعودية في الرقة.. إنها لا تريد قتل الوحش، فقط تلسعه بالسياط عندما يحاول الاقتراب من مصالحها أو مصالح حلفائها.!

بهذه المداورة والانتقائية والتسييس.. تساعد أمريكا ومعها كثير من القوى الدولية والإقليمية في تنامي الإرهاب وتمدده وتعدد رؤوسه، وبما يكشف عن ما وراء كواليس هذه الأحجية: إنهم لا يريدون القضاء على الإرهاب، بقدر ما يريدون ترويضه، وتوجيهه، ووضعه تحت السيطرة، واستخدامه ورقة ضغط ومناورة ومكايدة وابتزاز في هذه اللعبة الدولية.

وهي، بالفعل، بالنسبة إليهم، مجرد لعبة، زهيدة الكلفة، هائلة العوائد، لقد تم تدمير دول وإسقاط أو زعزعة أنظمة معادية بهذه الأداة، وبتكاليف زهيدة.. ووحدها الشعوب في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن.. هي من دفعت وتدفع التبعات الكارثية الفادحة.

لكن اللعب بالنار لا يخلو تماماً من المخاطر، الهجمات الإرهابية المتصاعدة في العواصم الغربية، حرائق صغيرة لشرارات خارجة عن السيطرة، وبروفات مصغرة لجحيم قادم، الأحداث المرعبة لــ ١١ سبتمبر ٢٠٠١م في أمريكا، نفذها مجرد ١٩ شخصا من منظمة يفترض أنها أحد المخلفات الأمريكية للحرب الباردة.

هذا ما سيجعل المجتمع الدولي، اليوم أو غدا، يتعامل بجدية ونزاهة مع ملف الحرب على الإرهاب، ومن نافلة القول أن عليه قبل ذلك:

– التوقف عن تسييس الإرهاب، وتوظيفه في التدافعات والصراعات السياسية.

– مواجهة الأنظمة المتبنية للإيديولوجيات المتطرفة، والراعية للتنظيمات الجهادية.

بعدها يمكن مواجهة التنظيمات الإرهابية، بثقة من القدرة على استئصالها، بخطوة ستكون بمثابة الضربة القاضية، التي وجهها هرقل للأفعى هيدرا، وأسقطها إلى الأبد.

 لقد اكتشف هرقل أخيراً بأن قطع رؤوس الهيدرا يؤزم الوضع أكثر، فحمل بجانب سيفه الصارم، شعلة متقدة لتجفيف المنابع، وكلما قطع رأسا قام بحرق مكانه، قبل خروج أحد الرؤوس الأخرى.. عندها تجمدت رؤوس الشر دفعة واحدة. انهارت الهيدرا، وتلقائياً تساقطت وتهشمت على الأرض.

 

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

Ansar Allah leader reviews American and British failure in confronting Yemeni operations

On Thursday, Ansar Allah leader, Abdul-Malik Al-Houthi highlighted the American and British failure in their attempts to counter Yemeni...

مقالات ذات صلة