زاره مشاهير الفن والسياسة والنضال”الشارع العدني مضخة حياة وذكريات”

اخترنا لك

الخبر اليمني/
في منطقة التحرير بالعاصمة صنعاء بين ميدانها وثانوية جمال عبدالناصر، تختبئ بخجل (مدينة عدن) بمبانيها المعروفة ومقاهيها ومطاعمها المزدحمة والمفعمة بالحركة وذات الروائح والمذاقات المتميزة ومياه شواطئها التي تلمع بها أعين العدنيين هناك في الشارع العدني، أو كما يسميه البعض شارع المطاعم العدنية. وبوسع المواطن في صنعاء المشغوف بزيارة عدن تحقيق ذلك في دقائق بدلاً من ساعات يقضيها في الطريق لقطع حوالي 363 كم, ما عليه إلا التوجه إلى منطقة التحرير داخل العاصمة، والسؤال عن الشارع العدني فيها, وبمجرد وصوله ستحتضنه عدن الخالية من دنس الغزاة وسكاكين دواعشهم. صحيفة (لا) أبت إلا أن تزور ذلك المكان، وتعرض لقارئها مشهداً صورته بالعدسة والقلم لهذا المكان الرائع.
عدن في قلب العاصمة صنعاء
مدينة عدن اختزلها في صنعاء شارع مزدحم بالمطاعم والمقاهي العدنية، يصل طوله إلى 100 متر تقريباً، ومغلق من 3 جهات عدا الجهة التي يدخل منها زائروه, يمر وسط مبانٍ تم تصميمها على الطراز العدني، كأنه قطعة من عاصمة اليمن الاقتصادية وثغرها الباسم.
وما إن يدخل إليه الزائر من شارع النزيلي المجاور له، حتى ينتقل بخطوة واحدة من صنعاء إلى عدن، فكل شيء فيه على الطريقة العدنية؛ المأكولات والمشروبات والروائح والأصوات والمباني والشخصيات ولهجة المواطنين فيه، وكل شيء يسير وفق الإيقاع العدني.

الشارع العدني وجهة جميع الفئات

يميناً ويساراً تصطف على جانبي الشارع ومنتصفه سلاسل من المطاعم والمقاهي و(البوافي) الشعبية المتزاحمة والمتداخلة مع بعضها بكل ود وصداقة, لا يكاد يُعرف حدود أحدها من الآخر، وتمتلئ بالزبائن من مختلف الفئات والشرائح والمهن والطبقات الاجتماعية.
ويعتبر هذا الشارع وجهة يومية لبعض النُّخب وعوام الناس لتناول الوجبات الشعبية واحتساء الشاي العدني المشهور، وتشبه ساحته نوعاً ما المكتبة لاحتضانها لقاءات وحوارات ثقافية.

الوحدة لوحة الشارع

تختزل يومياته حكايات وقصصاً من واقع معاناة الإنسان اليمني بسبب الإقبال الكبير عليه، نتيجة موقعه المتوسط لمدينة صنعاء، وتعدد وتنوع مطاعمه ومقاهيه ورخص أسعار وجباته وشهرة بعضها، وأسباب أخرى جعلت منه – في مرحلة ساءت فيها الأوضاع المعيشية في البلد- مقصداً للكثيرين.
فكثير من الناس في مدينة صنعاء بحاجة ماسة لمكان يجمعهم مع إخوانهم الذين يسعى العدو إلى تفريقهم بمشاريعه التفكيكية للبلد, حيث يلتقي الكثيرون ممن أرهق الفقر كاهلهم وأثقلهم الحزن، وفاقمت معاناتهم التغيرات غير المتوقعة للحياة بفعل العدوان المفاجئ الذي شنه التحالف الأمريكي السعودي على الوطن, ووجدوا في هذا الشارع ذلك المكان الذي يجمعهم مع أبناء الجنوب المحتل, الذين قست الحياة عليهم، وتنكرت لهم الأحلام والآمال والوعود المغرضة والمخادعة التي تقال لهم من أذناب الوصاية, فاستراحت نفوسهم، وهانت عليهم مرارة هذه الحياة داخل عاصمة كل اليمنيين (صنعاء).

إفطار عدني في صباح صنعاني

يستيقظ الشارع العدني كل يوم مع خيوط الفجر الأولى, وبشكل يثير الدهشة تدب الحركة في كل متر مربع داخله، لتكون ساعات الصباح الباكرة هي الأكثر سحراً فيه, والأجدر باغتنام فرصة الاستمتاع بها.
وتمثل لحظات ثمينة تنعش الأحاسيس الذابلة في نفس الزائر الذي يتأكد أن لا شيء يضاهي جمال تناول الإفطار العدني الشعبي في صباحٍ صنعاني أنيق. وعلى الرغم من تسمية الشارع باسم مدينة عدن؛ إلا أن التنوع في ما يقدمه وفي من يرتاده يعكس صورة الشعب اليمني المتوحد رغم التنوع الاجتماعي والثقافي الذي ينعم به.

عدن سكنت صنعاء عام 85

إن هذا الشارع هو نسخة من شوارع مدينة عدن المحتلة من قبل قوات الغزو السعودي الإماراتي، بمطاعمها وأكلاتها، علاوة على التجمع السكاني للعدنيين فيه, لذلك يشعر من يدخله لأول مرة وقد زار عدن مسبقاً، أنه متواجد وسطها. 
فأجواؤه عدنية خالصة، وإذا كنت تبحث عن شخص من عدن فسوف تجده هنا، هذا ما قاله لصحيفة (لا) أنيس ناصر دبا (56 عاماً)، موظف لدى وزارة التربية والتعليم، وهو أحد أبناء محافظة عدن – مديرية البريقة, يعيش في صنعاء منذ فترة طويلة, ويرتاد الشارع ومطاعمه منذ 31 عاماً.
وأنيس هو واحد من بين 6 آلاف شخص هربوا برفقة الرئيس علي ناصر محمد، من عدن إلى صنعاء، في أحداث 86 التي أشعلت حرباً أهلية في الجنوب بين مؤيدي علي ناصر وأنصار عبدالفتاح إسماعيل، انتهت بمقتل الأخير وفرار الأول ونظامه إلى الشمال، وكان أنيس حينها جندياً في جهاز أمن الدولة.
 وبالنسبة لأنيس ناصر، فالشارع العدني يعني له الكثير، حيث قال إنه استعاض به عن موطنه الأصلي في عدن، وعندما يأتي إليه يشعر أنه فيها أو قريب جداً منها. وبحسب كلامه فإن العدنيين هم من أسس هذا الشارع بعد أن كانوا قبل ذلك في شارع نادي الوحدة.
شهد الشارع افتتاح أول محل قهوة فيه عام 1985م، وهو (مجمع عدن)، على يد الشركاء الثلاثة: مدهش علي عبادل، ومحمد الطويل، وأبو علي النمر. أما أول المطاعم فهو مطعم (البوري) الذي افتتح في العام نفسه، ثم تلى ذلك افتتاح مطعم المؤَمن ومطعم ملك الشاهي العدني ومطعم العزعزي في العام الذي تلاه.

رؤساء ووزراء  وفنانون في الشارع

لم يقتصر ارتياد الشارع العدني الشعبي والبسيط على الطبقات الفقيرة من المُتعبين والمُثقلين بالأحزان؛ فثمة فئات أخرى زارته من وزراء وسياسيين وسفراء ورجال أعمال وفنانين ومثقفين وأعيان وطلاب وموظفين.
وقد سجلت في تاريخ الشارع زيارات كثيرة لكبار الشخصيات والقيادات من جنوب وشمال اليمن, حصلت أسبوعيتنا على أسمائهم من أصحاب المحلات كبيري السن, وأبرز تلك الأسماء رئيس اليمن الجنوبي (سابقاً) علي سالم البيض الذي زاره في العام 89، في إطار الزيارات الودية التي كانت تُقام بين جنوب وشمال اليمن تمهيداً للوحدة، وقبل ذلك زاره الرئيس علي ناصر محمد في 86، وزاره أيضاً الفنان محمد مرشد ناجي في نفس العام، وعبدالله علي عليوة، وزير دفاع سابق لليمن بعد الوحدة، وغيرهم من الوزراء ورجال الدولة، كما زاره حديثاً الفنان أيوب طارش والفنان فؤاد الكبسي، والكثير من الأسماء البارزة واللامعة في السياسة والثقافة والفن من النُّخب والكوادر.
غازي المفلحي/صحيفة لا

أحدث العناوين

كتائب القسام: المقاومة في غزة راسخة رسوخ جبال فلسطين

قال الناطق العسكري لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أبو عبيدة، إن كيان الاحتلال لم يستطع خلال...

مقالات ذات صلة