نداء وطن .. لا للإستعمار السعودي – الإماراتي نعم للأمن و العزة و الرخاء و الأخوة

اخترنا لك

تتسِم الحياة اليوم في اليمن الجنوبي ، بسيادة الفوضى و طغيان الأقوى ، و تتحكم في الناس مشاعر الغضب و القهر من سيطرة الغزاة السعوديين و الإماراتيين ، بما أرتكبوه من جرائم و دمار بحق الشعب اليمني جنوبا و شمالا طيلة الخمس سنوات من الحرب … عبر اليمنيون عن ذلك من خلال الوقفات الإحتجاجية التي ينظمها قوى المقاومة الشعبية . ترفع خلال الإحتجاجات علم اليمن الجنوبي و لافتات كتب عليها ” نرفض الاحتلال السعودي الإماراتي ” و ” نعم للسيادة اليمنية ” .  هي لا تشبه لافتات عملاء الاحتلال ، المكتوب عليها ” مليونية الوفاء للإحتلال السعودي الإماراتي “. صحيح يقبضون الثمن آلاف الدولارات لكن مقابل الخزي و العار لهم ، نستذكر هنا أبيات من قصيدة للإمام الشافعي :

لا تأسفن على غدر الزمان لطالما … رقصت على جثث الأسود كلاب

لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها … تبقى الأسود أسودا و الكلاب كلاب

تموت الأسود في الغابات جوعا … ولحم الضأن تأكله الكلاب

وذو جهل قد ينام على حرير … وذو علم مفارشه التراب

الدهر يومان ذا أمن و ذا خطر … و العيش عيشان ذا صفو و ذا كدر

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف … و تستقر بأقصى قاعه الدرر

و في السماء نجوم لا عداد لها … و ليس يكسف الا الشمس و القمر

نعيب زماننا و العيب فينا … و ما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب … ولو نطق الزمان لنا هجانا

و ليس الذئب يأكل لحم ذئب … و يأكل بعضنا بعض عيانا

المسار الثوري للحراك الجنوبي

بدأ المسار الثوري للحراك الجنوبي في عام 2007م ليؤطر و يجمع عددا من الحركات و القوى و الشخصيات العسكرية و السياسية المطالبة ” بفك الارتباط بين شطري اليمن ” ، هنا التعبير خاطئ ، الأفضل ” إعادة الإرتباط  بين شطري اليمن ” ، أي إلغاء وحدة 1990م الخاطئة ، العودة الى الوضع السابق ، و البدء في إتخاذ إجراءات  وحدوية جديدة و صحيحة و بالتدريج .

في 26 أكتوبر 2014 تم الإشهار رسميا من فندق ميركيور بمدينة عدن عن ” المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي لتحرير و استقلال الجنوب ” . جاء هذا المجلس نتيجة دمج أكبر مكونيين على الساحة  الوطنية  الجنوبية  ” المجلس  الأعلى  للحراك  السلمي الجنوبي ”  و  ” مجلس الثورة السلمية لتحرير و أستقلال الجنوب ” ، ضم أيضا فصائل اخرى بمجلس واحد متحد . المجلس لم يتأسس على أساس فكرية أو أيديولوجية ، بل انطلقت مكوناته من اعتبارات قبلية سياسية ، و اجتماعية و اقتصادية . و يتضح هذا من كلمة الزعيم و قائد الثورة الجنوبية حينها المناضل حسن أحمد باعوم رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب . مع الإضطرابات التي عمت معظم المدن اليمنية اثناء ثورة الشباب . أعلن الناخبي القيادي في الحراك ، وقف المطالبة بالانفصال بشكل مؤقت . و قراءة الواقع السياسي الجديد بدقة . إذا القضية الجنوبية عند الحراك تطابق مع ما يراه أنصار الله { كلمة السيد عبد الملك الحوثي ، بمناسبة ذكرى ثورة الشباب  http://www.saadahnews.com/?p=110  } .

لكن بعد دخول الحوثيون لمدينة عدن ، بدأ تخوف الحراك الجنوبي من تمدد جماعة الحوثي ، و تكرار مأساة الرئيس صالح في 1990 ، 1994 ، 2007 . لهذا احتشد الآلآف من أنصار الحراك يوم 14 نوفمبر 2014  بساحة الإعتصام المفتوح بمدينة عدن للمطالبة من جديد بانفصال الجنوب عن الشمال . في هذه الفترة انخرطت القوى الجنوبية في مقاومة الحوثي / صالح ، و تمكنت من تحرير محافظة عدن من سيطرة الحوثي / صالح في 17 يوليو 2015 . بعد ذلك اصبحت عدن عاصمة مؤقتة للدولة اليمنية ، و مقرا مؤقتا لمؤسسات الحكومة . في 28 يوليو 2015 اصدرت حكومة هادي قرارا بدمج فصائل المقاومة  في ” القوات العسكرية و الأمنية ” الموالية للشرعية . وفي 24 أغسطس 2015 صدر مجلس الدفاع الأعلى اليمني خلال اجتماع له بالعاصمة السعودية الرياض بيان عن القيادة السياسية  للمقاومة الشعبية و الجيش الوطني يؤكدان على تشكيل لجان مشتركة لبناء المؤسسات العسكرية للجيش الوطني و المؤسسات الأمنية . المقاومة الشعبية الجنوبية أعلنت موافقتها على قرار دمجها ضمن قوات الجيش و الأمن . جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقد في أغسطس 2015 في قاعة فلسطين بمنطقة معاشيق بالعاصمة عدن . حضر الإجتماع عدد من قيادات المقاومة و قيادات الجيش الوطني ، حيث كان أبرز الحاضرين الدكتور  محمد مارم مدير مكتب رئيس الجمهورية حينها . تم تشكيل لجان من المقاومة و الجيش و الأمن  لبحث آلية الدمج . و تم اختيار عدد من أسماء قيادات المقاومة منها : القائد عيدروس قاسم الزبيدي ، القائد سليمان ناصر الزامكي ، القائد أحمد مثنى الردفاني ، القائد عبد الكريم قاسم فرج ، القائد شلال على شائع و آخرين . في مطلع عام 2015 برز دور منير محمود أحمد المشالي ــ الملقب ” أبو اليمامة اليافعي ” ، كقائد للمقاومة الجنوبية . الجناح الموالي للقائد عيدروس الزبيدي ــ ابن محافظة الضالع الجنوبية ، ضد التوغل الحوثي خاصة في منطقة ردفان . هذا أعطى شعبية كبيرة لعيدروس الزبيدي و ابو يمامة . مما لفت إليه أنظار دولة الإمارات التي كانت قد بدأت ترسّخ نفوذها في جنوب اليمن كجزء من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية .

مع بداية  ” عاصفة الحزم ” ، و مغادرة الرئيس و حكومته الشرعية إلى الرياض و إعتقال أنصار الله لوزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي ، و انهيار منظومة القيادة و السيطرة للشرعية هذا أحدث فراغا في حكم البلاد و تسييرها . هذا الوضع ساعد الإمارات في ترسيخ وضعها في جنوب اليمن . بعد فترة قصيرة أصبح ” أبو اليمامة اليافعي ” المشرف الرئيسي على الأنشطة الأمنية في عدن و ما حولها . تحت قيادته تحولت المدينة و الميناء إلى عاصمة فعلية للنفوذ الإماراتي ، و مركز العمليات الإستكشافية الإماراتية في شبه الجزيرة العربية و القرن الإفريقي ، و بخلاف إشرافه على العمليات العسكرية للحزام الأمني ضد الحوثيين و بقايا تنظيم ” القاعدة ” . قد ارتفعت مكانة ” أبو اليمامة اليافعي ” اكثر عندما تم تعيينه شيخا لقبيلته في ” مشالة ” بـ م/لحج خلفا لعمه . في 7 ديسمبر 2015  عين الرئيس هادي  القائد عيدروس الزبيدي محافظ م/عدن .

عدن ، و الجنوب بشكل عام كان يمر في اصعب الفترات ، هرولت الرئيس و حكومته إلى الرياض ، اعتقال وزير الدفاع ، انهيار منظومة القيادة و السيطرة للشرعية ، تشتت الولاءات بين هادي و الرئيس صالح و المواليين لعلي محسن الأحمر . امام هذا الوضع كان الخيار حتميا على التحالف لإيجاد قوة مقاتلة على الأرض يمكن الإعتماد عليها في العارك ضد الحوثيين في الجنوب . تلقّفت الإمارات على وجه الخصوص ” الزبيدي ” مع بعض من قادة الميليشيات ذات النزعة الإنفصالية و قدّمت لهم الدعم بالسلاح و المال و هذا أكسبهم نفوذا سياسيا و عسكريا قويين . خاصة ان عيدروس الزبيدي كان محافظا لعدن .

بعد ان ادركت السعودية و هادي أنهما غير مهيأين لمواجهة أنصار الله ، اضطروا الى استدعاء الجنرال على محسن الأحمر بغية كسب الدعم العسكري و السياسي و القبلي . لكن تسبّب تعيين الأحمر وما تبعه من دخول الإصلاح بشكل قوي إلى دائرة نفوذ الشرعية ، إلى زيادة الصدع بين الشرعية من ناحية و بين ( أبوظبي و الإنفصاليين الجنوبيين ) من ناحية اخرى و تزامن هذا مع تسارع الدعم الإماراتي لأجندة الإنفصاليين .

هذا قد اخاف هادي و دفعه إلى إقالة قادة الحركة الإنفصالية المرتبطين بالإمارات من مناصبهم الرسمية و في مقدمتهم محافظ عدن عيدروس الزبيدي في أبريل 2017 و القيادي السلفي هاني بن بريك ( من مؤسسي ميليشيا الحزام الأمني ) . المتتبع لمسار المساعدات الإماراتية منذ عام 2016  للكيانات السياسية و العسكرية الموالية لها ، يجدها تأخذ الطابع المؤسسي . هي التي اسست الميليشيات العسكرية وهي التي درّبتها و سلحتها و تدفع مرتباتهم  و كذا الهيآت السياسية . بعد إقالة  عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ في أبريل 2017 عملت الإمارات على تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي 11 مايو 2017 . نصبت الزبيدي رئيساً له ، و أشرفت على اشهاره تنظيميا و ماديا و إعلاميا  . وهيئته ليعمل حكومة ظل أو حكومة أمر واقع للجنوب . في تحدي واضح لسلطة هادي و الرياض . هذا الوضع أقلق السعودية و هادي . بدأ التنافس السعودي الإماراتي يتزايد يوما بعد يوم ، و يبرز ذلك الخلاف من خلال الإقتتال المتقطع بين حلفائها  على الأرض و بأسلحة ثقيلة . الشرعية تملك القوة العسكرية النظامية و قوات الحزام الأمني هو الذراع العسكري للإنتقالي . لكن احداث أغسطس 2019 أخرجت الصراع السعودي الإماراتي الخفي ليطفو على السطح . هذه الحداث كشفت للسعودية ان الإمارات تنتزع مواطئ قدم استراتيجية و من ثم تقوض النفوذ السعودي في الفناء الخلفي التقليدي لها . و انكشف ايضا للسعودية ان حليفها هادي اضعف و غير قادر على الصمود امام حليف الإمارات ” الإنتقالي ” . الذي احدث تغييرات نوعية في خريطة النفوذ و السيطرة ، و أحدث نوعا من التوازن العسكري المرن بينهما ( الخليج أونلاين 17 /8/2019 ). هذا الوضع يخلق فرصة للإمارات لتحقيق اهدافها : (1) إضعاف حزب التجمع اليمني للإصلاح (2) فصل الجنوب عن الشمال كوسيلة لإخضاعه ضمن منطقة نفوذها (3) السيطرة على الممرات و المواني البحرية ، بالأخص في عدن . و هي بهذه الأهداف تتشارك مع حليفها ” الإنتقالي ” . هذه الاهداف تتناقض مع اهداف الرياض ، لأن سيطرة الانتقالي على الجنوب قد يدفع الإنتقالي الى البحث عن اتفاق مع انصار الله ، على ان يسيطر أنصار الله على الشمال و يسيطر المجلس الانتقالي على الجنوب ، مع انهاء الصراع بينهما . السعودية لن تفرط بالجنوب اليمني للإمارات . صمت السعودية في بداية أحداث أغسطس 2019 يدخل ضمن استراتيجية السعودية . هي اولا ترغب في ضمان إخضاع حكومة هادي لتوجهاتها ، هذا يتطلب بقاء الحكومة ضعيفة دون أن تسقط . لكن بعد ان حسمت قوات المجلس الإنتقالي المعركة و سيطرت على عدن ، تدخلت السعودية بحزم في 25 أغسطس و اعلنت مع الإمارات في بيان مشترك لوزارتا خارجيتهما عن تشكيل لجنة مشتركة لتثبيت وقف اطلاق النار حتى انتهى الأمر بـ ” اتفاق الرياض ” . الذي احدث نوعا من توازن الضعف بين مكون الإنتقالي و الشرعية ، حتى يظل الطرفان تحت سيطرتها و سيطرة الإمارات . هذا هو الاستعمار السعودي الإماراتي التي ترفضه كل القوى الوطنية اليمنية الشريفة .

ان القيادي في الحراك الجنوبي ” عبد الكريم قاسم فرج ” كان صادقا عندما تحدث عن الوضع الحالي بالقول :” ما هو الفرق اليوم بين الإنتقالي ومكونات الجنوب الحراكية الأخرى .” اليس الإنتقالي مع الشرعية و مع المرجعيات الثلاث و جميعها ترفض الإنفصال فلماذا مغالطة عباد الله من قبل الإنتقالي بأنه يسعى إلى قيام دولة الجنوب . ثانيا لماذا أشهر نفسه أنه الممثل الوحيد للجنوب و غيره لا لهم علاقة بالجنوب لا من قريب و لا من بعيد . صحيح المجلس الإنتقالي ممثل الإمارات العربية المتحدة في عدن و لحج فقط ، لا في جنوب اليمن و شرعيته  من أبوظبي . عرفنا موقف المجلس الإنتقالي في جدة و الرياض أضعف من ضعيف . هو مسير بريموت كنترول من ابوظبي  مثل الشرعية ، بريموت كنترول من الرياض . كيف تستطيعون إستعادة الدولة ؟ ثانيا ما هذا الخطاب الاقصائي ، لن يؤدي الا لمزيد من الإنقسام ، إن لم أقل الإقتتال المستمر بين الجنوبيين .

 

[author title=”د.حسن زيد بن عقيل” image=””]كاتب و محلل سياسي يمني[/author]

 

أحدث العناوين

أمريكا “الديمقراطية” تواجه المتظاهرين بالقناصة والمروحيات

أسقطت غزة ما تبقى من الشعارات الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي لطالما اتخذتها واشنطن ذريعة للتدخل في الشؤون...

مقالات ذات صلة