هناك وثائق تدل على نوايا المستعمرين في حرمان اليمن من أي منفذ الى البحر , وقطع كل الصلات الاقتصادية والتجارية بين الساحل والمناطق الداخلية وحصر تجارة المناطق الجبلية والداخلية الى عدن
لم يحرز الاستقلال من بين كل الأقطار العربية إلا اليمن الشمالي لكن اليمانيين المطوقين بأتباع بريطانيا أضطروا امداً للنضال طويلاً من أجل توحيد بلدهم وإحراز استقلالهم التام
عزيز خودا بيردييف
برزت مشاريع ومخططات تقسيم اليمن بشكل واسع منذ العام 2014م، وبدت أكثر وضوحا خلال الحرب، فهل كانت هذه المشاريع وليدة اللحظة، أم أن لها جذورا استعمارية، وهل هي ذات المخططات التي عمل عليها المستعمر خلال العقد الماضي ويتم تنفيذها حرفيا، أم أن لها أوجه وتفاصيل جديدة؟
للإجابة هذه التساؤلات وغيرها من الأسئلة، وتفسير الكثير من الأحداث التي تخللتها حرب اليمن، على ضوء التاريخ والوثائق والمراجع التاريخية، ينشر موقع الخبر اليمني كتاب “تقسيم اليمن بصمات بريطانية” للباحث عبدالله بن عامر، الذي تكرم بالموافقة على نشرها نصيا، حتى يكون في متناول الجميع..
ما نشهده اليوم ورد في تقارير بريطانية قبل 100عام .. من مشروع مستعمرة الساحل الغربي وفصل حضرموت والمهرة واحتلال تعز الى مشاريع الدول الثلاث والاقاليم الستة
المؤلف
مقدمة المؤلف..
هل قرأت يوماً أن مخططاً بريطانياً يقوم على إنشاء مستعمرة تمتد من الحديدة غرب اليمن الى عدن جنوباً وتكون متصلة برياً عبر المخا , ولحمايتها من أية تهديدات يُستعان بمرتزقة من السودان؟ وهل أطلعت يوماً على مخططات بريطانية تتضمن محاصرة اليمن وعزله عن البحر وتوجيه تجارته الى منفذ واحد يخضع لسيطرة الاحتلال؟؟!.. ترى هل اطلعت من قبل على ذلك؟ أم اطلعت وقرأت عن محاولة فصل حضرموت والمهرة منذ العام 1935م وعن جيش إنقاذ حضرموت أو جيش تحرير حضرموت والمهرة 1970- 1972م ضمن مخطط تفكيك جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو عن مخطط احتلال تعز؟ وتأسيس مستعمرة الركن الجنوبي الغربي لليمن من الحديدة الى تعز ووصولاً إلى عدن؟
أسئلة صادقة بالتأكيد … ونوايا كانت مبيته ومرسومة على ورق الحسابات الاستعمارية البريطانية كثيرون منا الباحثين والمهتمين والساسة كانت غائبة عنّا تلك المخططات , والبعض من الساسة ربما آثر الصمت والتغاضي عنها وخاصة أولئك الذين كانوا على ارتباط بالدوائر البريطانية بصورة ما .. بالتأكيد أن من غابت عنه مثل هذه المعلومات يشعر بالصدمة والذهول .. وفي حقيقة الأمر ينبغي على القارئ الحصيف والمتابع المهتم أن يكون مستوعباً أن الثقافة الاستعمارية الأوروبية على وجه العموم والثقافة الاستعمارية البريطانية على وجه الخصوص قد منحت نفسها حق تحديد ورسم الخرائط للمنطقة العربية وغيرها وبالأخص اليمن منذ أن أدركت الأهمية الاستراتيجية لهذا البلد وموقعه ومنذ أن بدأت ترنو بعين إستعمارية إلى المجرى الملاحي الأهم البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.
هذه إشارات مهمة وقراءة ما بين السطور الإستعمارية لبريطانيا وشقيقاتها الأوروبيات إبان تلك الفترة.. ومن الأهمية بمكان لو ألزمنا أنفسنا بإعادة قراءة تلك المخططات التآمرية وتلك المطامع الاحتلالية التي ألقت بظلالها الثقيلة على المنطقة .. وأصبحت تعرف في المفهوم التاريخي الاسافين البريطانية العتيدة التي كانت نتاجاً للخرائط البريطانية التقسيمية البغيضة التي تعتبر موروثاً سيء الصيت والسمعة ستبقى تطارد دوائر الحكم في بريطانيا طوال العهود والحقب الزمنية
يبدو ان الواقع الذي نعيشه اليوم سيدفع الكثيرين إلى قراءة حقيقة مخططات التقسيم التي تعود الى ما قبل قرن من الزمان فاليمن تعرض ويتعرض للتقسيم ضمن مخططات اجنبية معظمها يعود إلى الأفكار والمقترحات والرؤى والخطط البريطانية التي كانت محل تداول ونقاش بين القادة العسكريين والمتخصصين والخبراء البريطانيين والتي تهدف تلك الخطط إلى إخضاع اليمن والهيمنة عليه.
ولعل من الملفت أن نجد محاولات متكررة لتقسيم اليمن مصدرها واحد , بل ليس من باب المبالغة القول : هناك من قام باستنساخ تقارير سرية لضباط بريطانيين وعمد إلى محاولة فرضها وتطبيقها على أرض الواقع بعد قرن كامل من صدورها ورفعها الى القيادة العسكرية البريطانية وتتضمن تلك الخطط السياسة الواجب إتباعها للتعامل مع اليمن على مختلف الأصعدة.
وقد استجبنا للمطالبات بتحويل ما جرى مناقشته وعرضه في ندوات عديدة سبق أن نظمتها دائرة التوجيه المعنوي خصصت للحديث عن التقسيم البريطاني لليمن بين الأمس واليوم مارس – ابريل 2020م فكان هذا الإصدار المتواضع الذي حرصنا فيه على تقديم خلاصة متكاملة عن مخططات تقسيم المنطقة ككل وتقسيم اليمن بشكل خاص مع أبرز التصورات الاستعمارية لتقسيم اليمن والأساليب المقترحة لتنفيذ تلك المخططات كإستخدام قوات سودانية لحماية المستعمرة البريطانية التي كان من المقرر تأسيسها والممتدة من الحديدة حتى عدن عبر الساحل الغربي والمخا إضافة الى خطط ومقترحات أخرى تتعلق بتعز والمكلا والسواحل الغربية والجنوبية والجزر والمناطق الشافعية والمهرة وحضرموت وجميع تلك الخطط تُستدعى اليوم ضمن محاولات التقسيم الجديد.
-
إذا قام اليمن من كبوته تمكن بفضل ثرواته الطبيعية وشعبه النشيط ومركزه الاستراتيجي في ظرف سنوات أن يحول (يغير) تركيب القوى في الشرق الأوسط وعن طريق ذلك يمكن ان تتغير بعض المعطيات الدائمة في السياسة الدولية
جان جاك بيري
ولا ريب أن البعض عندما يستمع الى كلمة التقسيم البريطاني لليمن يذهب تفكيره الى الفهم بأنه تقسيم الجنوب إلى محميات شرقية وغربية , لكنه لا ينتبه الى ان هذا التقسيم بلغ في مرحلة من المراحل مستوى اخضاع اليمن التاريخي بشكل كامل لعملية تمزيق وتقسيم بهدف الإخضاع والسيطرة.
- عدن تظل منطقة بريطانية إضافة إلى جزيرة ميون.
- تقسيم الشطر الجنوبي الى محميات شرقية ومحميات غربية
- تأسيس مستعمرة الحديدة عدن وكذلك مشروع انشاء مستعمرة الركن الجنوبي الغربي لليمن ومركزها تعز والعمل على أن تكون تعز معادية لصنعاء.
- السيطرة على السواحل والموانئ اليمنية الغربية والجنوبية وعزل اليمن الداخلي وحرمانه من أي منفذ بحري وتوجيه التجارة اليمنية إلى منفذ واحد من خلاله يتم التحكم باليمن اقتصادياً.
- تأسيس إمارة شافعية تكون كالطوق على مناطق الزيدية لاسيما من الجنوب وتكون فاصلة بين اليمن البريطاني واليمن الزيدي.
- دفع بن سعود الى احتلال الشمال اليمني المتمثل في عسير ونجران وجيزان.
- ضم الشرورة للسعودية بموجب صفقة ثم منح السعودية ضوءاً أخضر لضم الوديعة والتآمر على منطقة العبر.
- فصل حضرموت والمهرة مع ضم المنطقتين إلى السعودية ضمن اتحاد فيدرالي.
- خنق اليمن اقتصاديا وعزل يمن الداخل عن البحر وعزل اليمن ككل عن الجزر وتوجيه التجارة اليمنية الى منفذ واحد يكون تحت سيطرة البريطانيين.
ما سبق الإشارة إليه عبارة عن خطوط عريضة لما تمكنا من الوصول اليه في عدد من المراجع التي تسنى لأصحابها الاطلاع على الوثائق البريطانية وقد حاولنا في هذا الإصدار إعادة صياغة ما قُدم في المحاضرات من واقع المصادر نفسها مع الحرص على الإيجاز قدر الامكان حتى يتمكن الجميع من الاطلاع والاستفادة.
وقد تطرقنا كذلك الى مشاريع التقسيم خلال القرن العشرين منها تقسيم اليمن الشمالي أثناء مرحلة الحرب الملكية الجمهورية ومشروع تفكيك وتقسيم اليمن الديمقراطية إضافة الى مشاريع أخرى منها في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي وأخرى بعد تحقيق الوحدة كمشروع الدول الثلاث ووصولاً الى مشاريع الأقاليم وما يجري تنفيذه على أرض الواقع فيما يتعلق بحضرموت والمهرة وكذلك الساحل الغربي وعدن.