مصادر تكشف مهمة ليندركينغ السرية في شبوة : نهب احتياطي الغاز اليمني

اخترنا لك

كشفت مصادر مطلعة في محافظة شبوة عن أسباب زيارة المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ إلى المحافظة يوم الخميس.

متابعة خاصة-الخبر اليمني:

وبحسب المصادر وصل ليندركينغ والقائمة بأعمال السفير الأمريكي كاثي ويستلي، ومسؤولين في شركة توتال الفرنسية، إلى محافظة شبوة وعقدوا اجتماع  مع محافظ شبوة عوض الوزير العولقي في منشأة بلحاف بحضور ضباط إماراتيين، تحت عنوان تصدير الغاز اليمني إلى أوروبا التي تواجه تهديد انقطاع الغاز الروسي في ظل الأزمة الأوكرانية.

وأوضحت المصادر أن مسؤولي شركة توتال تحدثوا عن القدرة على إنتاج ما يصل إلى 8 مليون طن سنويا، وهو ما يخالف الاتفاق المبرم مع شركة توتال الذي يقضي بإنتاج  5.3 ملايين طن سنوياً.

وأتت زيارة ليندركينغ إلى شبوة كتتويج لمسار طويل من النقاشات بدأ مع تصاعد الأزمة الأوكرانية خلال الأشهر الماضية، حيث تم إقالة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو وتعزيز النفوذ الإماراتي في المحافظة عبر ما يعرف بقوات العمالقة، وبالتزامن أجرت الشركة عدة لقاءات مع وزارة النفط في حكومة هادي في باريس ودبي، في سبيل إعادة الإنتاج.

وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن «توتال» جمعت كلّ الشركاء في «الشركة اليمنية للغاز المسال»، وهم «هنت» و«أس كي» و «هونداي» و«كوجاز»، في الإمارات التي لا تزال تخضع منشأة بلحاف الغازية اليمنية لسيطرتها منذ عام 2017. وجرى الاتفاق في هذا الاجتماع على إعادة الإنتاج والتصدير والتسويق من «قطاع 18»، الذي تتجاوز احتياطاته الغازية 10 تريليونات قدم مكعّبة، تستحوذ «توتال» وشركاؤها على أكثر من 7 تريليونات منها، وفق اتفاقيات أبرمتها مع الحكومة اليمنية عام 1996، أي قبل إنشاء مشروع الغاز المسال بعشر سنوات، وهو ما عرّض عدداً كبيراً من المسؤولين اليمنيين السابقين للمساءلة القانونية لاحقاً من قِبَل النيابة العامة في صنعاء، بتهمة الإضرار بمصلحة البلاد وتحرير عقود واتفاقيات لشركات أجنبية بناءً على بيانات غير صحيحة ومضلِّلة.

 

نهب ثروات اليمن بلا حساب

وكشفت جريدة الأخبار اللبنانية أن توتال مارست طوال طوال تلك السنوات الاحتكار مع شركائها، واعتمدت خلال الفترة الممتدّة بين عامَي 2009 و2014، أدنى المؤشّرات لبيع الغاز المسال اليمني كمؤشّر «هنري هوب» الأميركي، بقصد التهرّب من أيّ مطالبات بتعديل الأسعار التعاقدية التي اتّفقت عليها مع الحكومة اليمنية في تسعينيات القرن الماضي (أقرّت سعر 3 دولارات فقط لكلّ مليون وحدة حرارية، بينما كانت تبيع بسعر يُراوح بين 10و15 دولاراً).

ووفقا للصحيفة فإن هذه السياسة الاحتيالية نظرت فيها نيابة صنعاء، ووجّهت وزارة النفط منتصف عام 2014 بالاحتفاظ بحق اليمن في التعويض الكامل من «توتال» وشركائها الأميركيين، عن الكميات التي تمّ بيعها بأسعار تقلّ عن المؤشّرَين الآسيوي والأوروبي. وقُدّرت تلك الفوارق بـ8 مليارات دولار، بالإضافة إلى خسائر اليمن المترتّبة عن فواقد النفط الخام والغاز البترولي المسال ورسوم المنبع، التي تعمّدت الشركة وشركاؤها تسليمها لشركة «هنت» الأميركية التي انتهى عقدها في اليمن مطلع عام 2005، وآلت جميع أصولها لمصلحة شركة «صافر» الحكومية.

مع ذلك، ووفقا للاخبار فإن «توتال» لا تزال تسيطر على منابع الغاز المسال، وترفض أيّ إشراف على عملياتها الإنتاجية، وسط شكوك في تعمّدها سحب كميات كبيرة من الغاز خلال الفترة الممتدة بين عامَي 2009 و2014، بعدما تبيّن قيامها بسحب أكثر من 8 ملايين طن عام 2013، بما يخالف الاتفاقيات والعقود الموقّعة معها. وفي هذا الإطار، اتّهم رئيس مركز «مداري للدراسات الاستراتيجية»، حسن العبيدي، مطلع الشهر الجاري، الشركة الفرنسية بـ«محاولة نهب 3 تريليونات قدم مكعّبة من الغاز المسال خارج الاتفاقيات». وأشار إلى أن «الشركة التي تستحوذ على 51% من حصة بلحاف في شبوة، أخفت تلك الكميات الكبيرة في مكامنها ولم تعلن وفرتها». وشدّد العبيدي، وهو مهندس بترول، على أن «أيّ عملية لإعادة تشغيل المنشأة مرفوضة، ما لم يُعِد البرلمان تعديل الأسعار والمصادقة على الاتفاقية السابقة».

وتؤكد وثائق قالت الأخبار إنها حصلت عليها قيام «توتال» بعملية نهب منظَّمة للغاز المسال اليمني، وتبيّن أن قيام الجانب الفرنسي بزيادة القدرة الإنتاجية من 5.3 ملايين طن سنوياً إلى 6.7 ملايين طن بما يخالف الاتفاقيات، بهدف زيادة عائدات الحكومة اليمنية من مبيعات الغاز، كان وهمياً ليس إلّا. وفي حين أن إجمالي موارد الحكومة من هذه المبيعات خلال سنوات ما قبل الحرب لم تتجاوز 1.1 مليار دولار، بلغت خسائرها في النفط الخام والغاز الطبيعي والبترولي ورسوم المنبع خلال الفترة نفسها 2.7 مليار دولار. كما أن عوائد اليمن من تصدير الغاز المسال خلال الفترة الممتدّة من عام 2009 حتى عام 2014، لم تتجاوز 5% من الإيرادات العامة. وكان تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الصادر عام 2014 أفاد بأن كمّية الصادرات من الغاز المسال بلغت 1243 تريليون وحدة حرارية بريطانية خلال الفترة الممتدّة من عام 2009 حتى عام 2013، على أساس متوسّط سعر للمليون وحدة حرارية بريطانية بلغ 11.7 دولاراً في السوق العالمية، لتبلغ قيمة المبيعات حوالي 14.5 مليار دولار، في حين لم تتجاوز عوائد الحكومة اليمنية منها 787 مليون دولار، أي ما يساوي 5% فقط من قيمتها، مقابل 95% لـ«توتال» وشركائها.

وبحسب الأخبار أرجع متخصّصون ذلك إلى الأسعار التعاقدية القديمة التي رفضت «توتال» كلّ الطلبات الحكومية الهادفة إلى تعديلها، مصرّة على تحديد حصة الحكومة اليمنية من صافي أرباح المشروع بعد استقطاع 50% من إجمالي الدخل كنفقات رأسمالية وتشغيل للشركة المشغّلة. ووفقاً لخبراء نفط، فإن أيّ محاولة لإعادة إنتاج الغاز المسال وتصديره حالياً، في ظلّ توقّف إنتاج النفط من القطاع النفطي نفسه (18صافر)، ستكون لها أضرار بالغة على الاحتياطات النفطية، فضلاً عن أنه في حال استئناف العملية من دون إعادة النظر في الأسعار التعاقدية واستعادة الحقّ السيادي اليمني على القطاع المذكور، فسوف تواصل «توتال» الفرنسية نهب الغاز اليمني، مستغلّة حال الانقسام السياسي والاقتصادي الذي يعيشه اليمن.

 

المادة السابقة
المقالة القادمة

أحدث العناوين

ضابط في البحرية الأمريكية يكشف تفاصيل معضلة بلاده في اليمن

قال الضابط السابق في البحرية الأمريكية جيمس دوروسي إن بلاده تواجه معضلة استراتيجية حيث تخسر في أول نزال بحري...

مقالات ذات صلة