اليوم الأول لمغربي في بلاد العم سام “بائع اللحم”.. أمريكا التي رأيت وكرهت !

اخترنا لك

الناصر بن بطوطة – متابعات:

الولايات المتحدة الأمريكية أو “بلاد الجريمة” أو ربما “دولة العنف المجتمعي” هكذا يمكن إصطلاح تعريف مناسب للدولة الأولى في كلّ شيء عدا “السلام” فالحادثة التي صادفت يومي الأول هنا ، وهي كما اتّضح لي أبسط نماذج “عنف المجتمع ضد بعضه” تشي بالكثير والكثير عن واقع تعايش “الإثنيات” والعروق في بلاد العام سام “تاجر اللحم”.

في مدينة “مدينة ساكرامينتو بولاية” بولاية “كاليفورنيا” حيث وصلت “للعيش” ليلة أمس فراراً من عنف الملك ،قادماً من بلادي “المغرب” ، أرضي التي فارقتها مُكرهاً ، نهضت من الفراش على وقع اشتباكات عنيفة بالرصاص الحي بين مواطنين ، اشتباكات أسفرت بالمحصلة عن مقتل 6 أشخاص وإصابة تسعة آخرين على الأقل، رقم صادم جعلني أشكك وأعيد النظر في أولى لحظاتي هنا في الصورة التي ارتسمت لدي عن أمريكا ، بلاد الحريات والقلوب المتحابة المتحدة.

بعد خفوت صوت الرصاص ، خرجت إلى الشارع مستطلعاً ماجرى وإذ بالشرطة تغلق حركة المرور في عددٍ من شوارع المدينة ، الضباط منتشرون يحققون في الحادثة ، ستة قتلى وتسعة مصابين ، رقم صادم  للجميع ولأخيلتي التي رسمتها عن هذه الأمة الممزقة.

قبل مغادرتي كنت قد اتكأت ركن “الراوند” كما يسمونه هنا ، وحيث اتكأت رمقني طفل أشقر بخبث فنهرته ورحل، قبل أن ينظّر ضابط إلي والصليب يتهدى من عنقه الضخمة سائلاً بطريقة لا تخلو من سخرية:” هل أنت أمريكي؟ أين صليبك؟” أجبت: لا أنا عر.. ، “أوبس” عربي ، أحب محمد، لو أنك ترتدي الصليب كنت.. ، حسناً أغرب عن وجهي. فلم اجد بُداً من تنفيذ أمره متوجهاً إلى النزل الذي أقمت فيه البارحة ، البارحة فقط أنا في أمريكا.

في غرفة النُزل استلقيت مرهقاً منقبض الصدر من الخوف ،كلمات الضابط ترن في رأسي “أوبس” صليبك ، أحب محمد ، لو أنك ترتدي الصليب.. “.ما المعنى؟!.

العنف هنا مرعب ، فتحت هاتفي وبحثت في قراءة واحدة وسريعة عن مستويات العنف في أمريكا فوجدته الأعلى بين بلدان العالم وأغلب “مدمنيه” – نعم هنا العنف صار إدماناً-  تشبعوا بالثقافة الأمريكية شديدة المادية والمفارقة أنهم من حملة الصليب، صليب “لا تبخل بخدك الأيسر”.

مما قرأت سريعاً ، إحصائية صادرة عن “منظمة أرشيف العنف المسلّح” فضحت الرقم المرعب لمستويات مرعبة هي الأخرى من العنف المسلح  الذي يضرب المجتمع الأمريكي خلال سنوات العقد الأخير كمثال بسيط. قلت في نفسي ساخراً يبدو أنني سأموت هنا، بركاتك يا عم سام ، بركات “تاجر اللحم”.

تقول المنظمة المعنية برصد مستويات العنف الاجتماعي في تقريرها الصادر حديثا : “إن العنف المسلح في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة شهد تنامياً تصاعدياً وخطيراً يشير إلى وجوب التحرك لوقفه”.

وما أثار خوفي جدياً أنه في عام 2018 وحده شهد مصرع 1826 مواطناً أمريكياً فيما أُصيب 3142 آخرون جرّاء حوادث إطلاق نار ، ورغم انخفاض حوادث إطلاق النار في العام 2019 خلال عمليات الإغلاق بسبب انتشار فيروس كورونا إلا أنه ارتفع  ليصل إلى 138 حادثة إطلاق نار في المدارس خلال العام 2021″. أقرأ وكلمات الضابط ترن في رأسي.

واصلت القراءة فاكتشفت أنه وخلال العام الماضي حين بدأت التفكير بالسفر إلى أمريكا ، قتل ما لا يقل عن 150 شخصاً في أكثر من 400 حادث إطلاق نار في جميع أنحاء الولايات المتحدة، خلال عطلات نهاية الأسبوع فقط” رقم مرعب أيضاً.

الغريب والمؤسف أني انصدمت بحقيقة تقول: “إن مطلقي النيران في الحوادث السابقة هم أطفال بين 12 و 16 من عمرهم ما قد يشير إلى تصاعد العنف ضد الأطفال أو بينهم أو مع الغرباء وفقاً للمنظمة”. الغرباء ! حسناً، لن أمضي في طريق “أطفال أمريكا” من يدري ربما  أقرضهم “بابا نويل” المسدسات قبيل “وصولي – وصول الغرباء” ـ وحتماً كان قد حرص على تفقد الذخيرة الحية في جيوبهم وسيفعل يومياً ، قلت لنفسي : حسناً ، لن أسير في دربهم ، سألتزم بذلك، لن أنظر في عين أحدٍ منهم بعد اليوم.

هذا هو “اليوم الأول لمغربي في بلاد العم سام “بائع اللحم”.. أمريكا التي رأيت وكرهت !” ماذا يمكنني أن أقول؟! ، لا يمكنني نقل الصدمة التي عايشتها ، شردت لوهلة متسائلاً عمّا عنته جملة الضابط الأمريكي المتوشح بصليب عيسى ، لا أدري ماذا يمكنني أن قوله وأنا العربي المسلم الذي فرّ من ضباط “الملك” في بلاده فوصل هنا! .

الحقيقة هي أني لا أستطيع التعبير كثيراً عمّا شعرت به من خوف ورهبة في هذا المجتمع الذي سأبتدئ حياتي فيه لسنوات ، لسنوات ؟؟ إن عشت طبعاً.

المصدر: عرب جورنال

 

أحدث العناوين

صواريخ “رجوم تنسف تجمعات لجيش الاحتلال 

أعلنت "كتائب القسام"، اليوم الأربعاء، عن استهداف تجمعات لجيش الاحتلال بالقرب من مستوطنة حوليت بصواريخ "رجوم". متابعات - الخبر اليمني: وذكر...

مقالات ذات صلة