لماذا فشل المشروع البريطاني في إقامة الإمارة الشافعية

اخترنا لك

كتاب تقسيم اليمن بصمات بريطانية للباحث عبدالله بن عامر(الحلقة الثامنة)

لقراءة الحلقة السابعة:الخطة البريطانية لإقامة الإمارة الشافعية والسيطرة على الجزر اليمنية

 

لماذا فشل المشروع؟

كان اليمنيون رغم اختلافهم المذهبي أكثر حرصاً على وحدة نسيجهم الاجتماعي ولهذا نجد أن بعض المؤرخين أشاروا الى أن “كافة اليمنيين توحدوا ضد الاستعمار وقتها واحبطت القبائل الشافعية مخطط التقسيم البريطاني” (د. محمد الشهاري طريق الثورة اليمنية ص 33) وقبل ذلك كانت بريطانيا قد منحت هذا المشروع للشريف حسين الذي سبق وأن وعدته بأن يكون ملكاً على العرب جميعاً ثم قالت ملكاً على الجزيرة العربية ثم تراجعت الى الحجاز فقط وكان المشروع يتمثل في بناء حكومات إقليمية وهو الزعيم الروحي لهذه الحكومات والمناطق وقد عاد المشروع من جديد في خمسينيات القرن الماضي والمجال لا يسعفنا للتطرق لذلك , لكن بلغ الأمر الى مواجهات عسكرية بين الطرفين بسبب ذلك (لماذا كان الإمام أحمد حريصاً على أن يدير أمور الدولة من تعز فكان معظم سنوات حكمه في تعز ولم يستقر في صنعاء؟) وكان من أسباب بقاء الإمام أحمد في تعز افشال هذا المشروع فيما إبنه البدر ظل متنقلاً بين الحديدة وصنعاء لضمان السيطرة على كل الدولة , ومن خلال ما سبق نستيطع القول إن الخطوط العامة للسياسة البريطانية في اليمن تقوم على:

  • السيطرة على السواحل الجنوبية والغربية من خلال توزيعه على ثلاث جهات من ميدي حتى رأس الكثيب شمال الحديدة (سعودي) ومن الحديدة حتى المكلا (بريطاني) والمهرة مع أجزاء من حضرموت (للسعودية) كما سنعرف لاحقاً.
  • إنشاء مكون وما يشبه المستعمرة على الركن الجنوبي من اليمن يمتد من الحديدة حتى عدن مع تأمين هذا المكون بالسيطرة على تعز.
  • محاصرة أي مشروع وطني يمني في المناطق الجبلية من خلال تشكيل حزام معاد له , بل والقضاء على أي مشروع وطني يمني من أي منطقة كانت شمالية او جنوبية.
  • منع أي قوة يمنية مستقلة من الوصول الى أي من السواحل الغربية او الجنوبية والعمل على أن تكون تعز منطقة معادية للشمال نظراً لكثافتها البشرية وحضورها المعنوي لا سيما في المجال الثقافي.
  • محاصرة الشمال وإثارة الاضطرابات فيه

ولو أردنا أن نقرأ الحاضر مما نشاهده ونعايشه في واقعنا الراهن , فإن المعطيات السابقة والمخططات البريطانية التي فشلت في الماضي ربما يجري احياؤها اليوم باستخدام القوة العسكرية والأدوات المحلية الداخلية إضافة الى السياسات الإعلامية التضليلية ومحاولة تفريق اليمنيين على أسس مناطقية ومذهبية للتعجيل في تنفيذ تلك المخططات , وللأسف أن هناك من اليمنيين من ينخرط في تنفيذ تلك المشاريع التقسيمية دون أن يكون قد أمتلك خلفية معرفية تؤهله لقراءة حقيقة ما يجري اليوم وأهدافه وأبعاده.

 

معلومات عن القبائل:

كان هناك تركيز بريطاني على القبائل اليمنية لدرجة أن المعلومات لدى القيادة البريطانية لا تقتصر على أسماء القبائل ومشايخها ومستوى نفوذها , بل وقدرة كل قبيلة على الحشد العسكري من أفراد واسلحة ولهذا نجد أن البريطانيين يضعون في اعتبارهم قبائل حاشد وبكيل وقبائل الجوف ومارب والبيضاء وغيرها من القبائل اليمنية ويضعون لكل قبيلة طرقاً وأساليب معينة للتعامل معها بغية تحقيق أهدافهم , ومن الملفت أن قبائل من إب كان بعض قادتها يتواصلون بالبريطانيين للحصول على أسلحة مقابل محاربة العثمانيين (مشائخ من العدين واب يطلبون الحماية البريطانية والدعم بالمال والسلاح مقابل محاربة العثمانين وكانت التقارير لدى البريطانيين ان هؤلاء يحتاجون فقط الى المال كون قبائلهم تمتلك أسلحة كافية وان عليهم التعهد بتسليم تعز وإب وماوية للإنجليز في حال نجاح عملياتهم ضد العثمانيين..  للمزيد عبداللطيف بن محمد البحر الأحمر في الصراع العثماني البريطاني ص 488) او الإمام يحيى وكانت بريطانيا تستجيب لبعض تلك المطالب ثم توقفت عن ذلك وكلما وصلت اليها وفود قبلية كان الضباط البريطانيون يردون بأننا اعطيناكم سلاحاً قبل عدة أسابيع أو مصارحة تلك الوفود بعدد قطع الأسلحة الموجودة في القبيلة مع اثارة تساؤلات حول أسباب عدم استخدام تلك الأسلحة في تنفيذ وعودها إضافة الى أن هناك زعماء قبليين كانوا يحصلون على دعم بريطاني ثم يخبرون الإمام بحقيقة هذا الدعم والبعض منهم كان يحصل على الدعم ثم يصطنع اعذاراً لتبرير تهربه من تنفيذ ما كلف به (قال جاكوب أن الشيخ بن ناصر مقبل حاكم ماوية وقع مع البريطانيين إتفاقاً ولهذا أعتذر عن مشاركة الأتراك في غزو لحج وكان يدعي المرض..  للمزيد فاروق اباظه عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر ص 632)  ونتيجة لكل ذلك نجد ان البريطانيين يشككون باية عروض تقدم اليهم من قبل تلك القبائل فيتجه الضباط البريطانيون الى الطلب من تلك القبائل اثبات قدرتها على المواجهة واشعال فتيل الازمات لاسيما ضد الامام يحيى وسيكون ذلك دليلاً على مصداقية التوجه وحينها ستقدم بريطانيا السلاح والمال وكانت بريطانيا تشكك في أية مؤامرة ضد الإمام ولم تستجب لدعوات البعض للحصول على المال والسلاح حتى تظهر بوادر نجاح أي تحرك لهم ويقول نائب الملك في رده على رسالة المقيم: أن من حسن السياسة ترك هؤلاء يتصارعون في اليمن الإمام والمتآمرين ضده ثم الإعتراف بالفئة الغالبة (للمزيد عبداللطيف بن محمد البحر الأحمر في الصراع العثماني البريطاني ص 473) وهو ذاته رأي المندوب السامي في القاهرة وحينها كانت القيادات العسكرية البريطانية تستند الى معلومات الاستخبارات فقد تمكنت وزارة الحربية من توثيق معلومات دقيقة عن وضع اليمن المستقل تحت حكم الامام يحيى لاسيما القبائل ومدى الجاهزية الحربية لها حيث قدرت في تلك الفترة بأربعين الف مقاتل وكان هناك تحريك لكل قبيلة او شيخ قبيلة ابدى تعاونه مع البريطانيين مثل قبيلة الزرانيق التي كانت مستعدة للتحرك صوب زبيد والادريسي الذي تكفل باللحية والساحل من شمال الحديدة حتى جيزان وكان هناك تواصل بريطاني حتى مع مشايخ وشخصيات في عمق الداخل اليمني فهناك شخصية وردت في الوثائق باسم “بونيام” وهذا الشخص تعهد للبريطانيين الاستيلاء على مناخة ذات الموقع المهم في التحكم بالطريق بين صنعاء والحديدة وكانت التوقعات البريطانية وقتها أنه في حال تمت السيطرة على مناخه فبإمكان القوات البريطانية وقتها احتلال الحديدة وحينها اعتمد البريطانيون على دفع الأموال للمشايخ حتى في عمق الداخل او المناطق المجاورة للسهول الساحلية كمنطقة جبل رأس فشيخها محمد حسن بن سنان بعث برسالة شكر للمقيم السياسي في عدن على منحته المالية دون سابق اتفاق بينهما ودون مقابل مع امله ان يقدم المساعده ضد العثمانيين من موقعه في جبل رأس (للمزيد عبداللطيف بن محمد البحر الأحمر في الصراع العثماني البريطاني ص 486) وفي الوقت الذي حاولت فيه استقطاب المشايخ في مناطق الامام والعثمانيين حرصت على التأكد من ولاء المشايخ والسلاطين في المحميات فدفعتهم الى اتخاذ مواقف عملية من ضمنها الحشد للحرب مع اخضاعهم للمراقبة لا سيما تحركاتهم واتصالاتهم.

 

 

الحدود المستقبلية:

في أواخر عام 1917م كتب هارولد جاكوب تقريراً عن الحدود المستقبلية لبريطانيا في اليمن وتضمنت ضرورة إدخال الحديدة والمخا ضمن النفوذ البريطاني المباشر وأن على بريطانيا احباط طموحات الإدريسي والإمام بشان الحديدة , وقال في تقريره : إن اليمنيين المرتزقة يستخدمون مثلاً “ناركم ولا جنة الترك” ولهذا تعاونهم مع البريطانيين ليس حباً , بل بغضاً في العثمانيين , وأعاد التذكير بمشروعه بشكل كامل بما في ذلك مد سكة الحديد وبناء مدرسة لأبناء السلاطين (عبداللطيف بن محمد البحر الأحمر في الصراع العثماني البريطاني ص 485) , وكانت تلك الأفكار نابعة من دراسة للمجتمع اليمني حيث كان الضباط البريطانيون يخضعون لدورات للتعرف على كافة المعلومات المتعلقة بالشعوب العربية والإسلامية  فمما قيل عن جاكوب أنه كان صاحب خبرة طويلة في شؤون جنوب غربي الجزيرة العربية وكانت الحكومة البريطانية تدرك أهميته فقد عينته ضابط اتصال بشأن عدن واليمن وكانت أفكاره تقوم على ضرورة تغيير الواقع بمعاهدات جديدة والتعامل مع العرب بمعرفة مسبقة لحياتهم وطبيعتهم وكان يتحدث العربية ويورد الأمثال الشعبية العربية المتداولة التي تكون بمثابة خلاصة أو صدى لوضع سياسي أو اجتماعي معين (عبداللطيف بن محمد البحر الأحمر في الصراع العثماني البريطاني ص 486) وفي مارس 1918م كتب المقيم في عدن رسالة للإمام ضمنها رسالة من المقيم السياسي في القاهرة ريجنالد ويجنت تضمنت التأكيد ان بريطانيا مستعدة لضمان استقلال اليمن على النحو الذي ضمن فيه الإستقلال للإدريسي على اراضيه وتزويده بالمعدات الحربية لقتال العثمانيين وترك مصير اسرى الحرب العثمانيين لرغبة الامام وتزويده بالمال له ولقبائله على ان يدفع للقبائل عن طريقه وليس مباشرة عن طريق الانجليز وفتح بعض الموانئ العائدة للإمام في حال قيامه بالثورة .. وبشأن المعاهدات مع السلاطين ترى بريطانيا استثناءها من المفاوضات الدائرة حاليا وبشأن الادريسي فإن بريطانيا ملتزمة بالمعاهدة معه.. ورد الامام بأن على بريطانيا الوفاء بالتعهدات الجارية بينها وبين أسلافه وأوضح أن مطالبه تنحصر في المحافظة على نظام حكم اسلافه بالطريقة المتبعة دون المبالغة في المطالب الأخرى , أما الإدريسي فهو دخيل على البلاد (عبداللطيف بن محمد البحر الأحمر في الصراع العثماني البريطاني ص 490)

أحدث العناوين

Ansar Allah leader reviews American and British failure in confronting Yemeni operations

On Thursday, Ansar Allah leader, Abdul-Malik Al-Houthi highlighted the American and British failure in their attempts to counter Yemeni...

مقالات ذات صلة