تحاول اسرائيل جر العالم إلى قتال اليمن

اخترنا لك

يحيى محمد الشرفي:

“نحن في معركة بحرية” هكذا وصف قائد البحرية الإسرائيلية السابق إليعازر (تشيني) ماروم، ما يحدث وما حدث في البحر الأحمر ومحيط الجزيرة العربية من استهداف للسفن الإسرائيلية وقطع الملاحة أمامها بقرار من القوات المسلحة اليمنية رداً على الحرب العدوانية التي شنها الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر.

جاء ذلك في تقرير مطول لصحيفة هآرتس العبرية، تناول التداعيات الكارثية على الكيان الإسرائيلي بسبب قرار القوات المسلحة اليمنية بإغلاق الممرات الملاحية من الجهة الجنوبية تجاه السفن الإسرائيلية وقبل ذلك تهديد صنعاء باستهدافها واعتبارها أهدافاً مشروعة وعدم التراجع عن هذا القرار إلا بعد أن يتراجع الكيان عن الحرب التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ويعلن وقف الحرب نهائياً وينسحب كلياً من شمال القطاع.

يقول التقرير إن ثلث واردات الكيان الإسرائيلي على الأقل تمر من البحر الأحمر وباب المندب، كما يكشف التقرير أنهم في إسرائيل يتحاورون حول كيفية الرد على اليمن.

وفيما يبدو اختارت إسرائيل أن تنحى منحى آخر، وهو محاولة تدويل الأزمة وجعل الرد على صنعاء ليس خاصاً بالكيان الإسرائيلي بل شأناً يهم المجتمع الدولي وأن ما قامت به صنعاء لا يهدد السفن الإسرائيلية إنما يهدد سفن العالم والملاحة الدولية، وهو ما أُبتت صنعاء عدم صحته، بدليل تأكيدها عدم تأثر حركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر واستمرار الحركة على حالها باستثناء توقف حركة الملاحة الإسرائيلية فقط التي ارتدعت غيرت شركات النقل الإسرائيلي مسارات سفنها من البحر الأحمر وحولت هذه المسارات إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول القارة الأفريقية، وخصوصاً بعد أن نفذت صنعاء تهديداتها باحتجاز السفينة جلاكسي ليدر في 19 نوفمبر الجاري.

في هذا السياق قال التقرير الصادر عن هآرتس، أن الهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية بما في ذلك الهجوم الذي استهدف سفينة الشحن الإسرائيلية المحملة بالحاويات والذي وقع أثناء تواجد السفينة في المحيط الهندي في نقطة قريبة من المياه الإقليمية اليمنية أقصى جنوب شرق اليمن، والذي استخدم فيه طائرة بدون طيار وصفها الإعلام الإسرائيلي بأنها طائرة (شاهد) الإيرانية، في حين يبدو أن الهجوم قد وقع بطائرة (وعيد) اليمنية الصنع والتي تتطابق مواصفات شكلها الخارجي مع مواصفات (شاهد) الإيرانية، هذا الهجوم استهدف السفينة المحملة بالحاويات وأدى إلى دمار كبير في السفينة في حين لم يتعرض الطاقم على متنها لأذى وبحسب تقرير لـ(DW) الألمانية فإن تكلفة إصلاح الأضرار والدمار الذي تعرضت له سفينة الحاويات الإسرائيلية في المحيط الهندي بالطائرة المسيرة تبلغ 1.5 مليون دولار وذلك حتى يمكن للسفينة أن تعود لحالتها الطبيعية وللعمل من جديد، إضافة إلى العملية الهجومية للسيطرة على السفينة سنترال بارك الإسرائيلية المحملة بحمض الفسفور قبالة خليج عدن والتي قالت الولايات المتحدة الأمريكية أن سفينة حربية تابعة لها قامت بإنقاذ هذه السفينة بعد أن سيطر عليها مسلحون مجهولون وأنها استعادت السيطرة على السفينة فيما المسلحون هربوا بزوارق وتم مطاردتهم واعتقالهم وتبين أنهم قراصنة صوماليون وأن الهجوم لم يكن من قبل القوات البحرية اليمنية، يؤكد تقرير هآرتس بالقول “لم تكن الأضرار التي ألحقها الحوثيون بالسفن كبيرة، ولم تقطع إصابات، لكن هذه الأحداث تهدد التجارة البحرية لإسرائيل وسلسلة إمدادها”، وهو تأكيد بأن المتضرر الوحيد من القرار اليمني هو الكيان الإسرائيلي فقط وتجارته البحرية فقط ولا علاقة لأمن الملاحة العالمية بشيء.

وتدفع إسرائيل نحو الدفع بالمجتمع الدولي لتبني حرب في منطقة البحر الأحمر ضد البحرية اليمنية، إذ لا تريد إسرائيل أن تفتح لنفسها جبهة حرب جديدة تضاف إلى جبهتي القتال الجنوبية في قطاع غزة وشمالية في جنوب لبنان، ولهذا فإن الساعات الماضية شهدت تحركاً غربياً اشترك فيه طرف يمني فيما تسمى الحكومة المعترف بها دولياً التابعة للتحالف السعودي وهذا الطرف اليمني موالي للكيان الإسرائيلي وله لقاءات مع ضباط استخبارات إسرائيليين إضافة لرجال أعمال يهود جرت هذه اللقاءات بالطبع خارج اليمن.

طارق صالح الذي مكنته الإمارات الدول الأكثر تطبيعاً مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي من السيطرة على منطقة الساحل الجنوبي الغربي لليمن على مقربة من مضيق باب المندب، ومدته بسلاح وأموال لتجنيد مقاتلين للقتال ضد قوات صنعاء على مدى سنوات الحرب الماضية وتحديداً منذ العام 2018 حتى الآن تقريباً، تكشف اليوم معلومات أنه يتواجد حالياً في جيبوتي الدولة التي تتقاسم مع اليمن نسبياً الهيمنة على مضيق باب المندب والتي تستضيف على أراضيها العديد من القواعد العسكرية التابعة لدول غربية أبرزها فرنسا وأمريكا وحتى شرقية أيضاً كالصين.

ذهاب طارق صالح حالياً وفي الوقت الذي توترت فيه المنطقة قرب باب المندب بشكل غير مسبوق، يكشف مدى انخراط الأطراف اليمنية التابعة للتحالف السعودي الإماراتي في المشروع الإسرائيلي والأمريكي الذي يسعى لجعل الكيان الإسرائيلي هو الطرف الإقليمي المهيمن على منطقة الشرق الأوسط، كما يكشف ذلك أن طارق صالح وظيفته المرسومة له من قبل الأمريكيين والإسرائيليين هي الدفاع عن الكيان الإسرائيلي ضد أي طرف يمني يعادي الكيان أو يستخدم الجغرافيا اليمنية والموقع الاستراتيجي ورقة ضغط ضد الكيان الإسرائيلي لإجباره على وقف مجازره وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر.

ليس غريباً على طارق صالح العضو فيما يسمى مجلس القيادة الرئاسي المشكل سعودياً كسلطة شكلية للمناطق التي يسيطر عليها التحالف السعودي الإماراتي جنوب وشرق اليمن، أن يصطف بشكل واضح وصريح إلى جانب الكيان الإسرائيلي ضد أبناء شعبه أولاً وضد من يساند المقاومة الفلسطينية ويحمل عن الفلسطينيين جانباً من الحمل والعبء ويخفف على جبهة غزة جزءاً منه، فحكومة التحالف السعودي الإماراتي وفي الوقت الذي لم تصدر فيه أي دولة عربية بياناً تعلق فيه على قيام اليمن ممثلة بحكومة صنعاء بفرض الحصار البحري على سفن الكيان الإسرائيلي من الجهة الجنوبية، ذهبت حكومة التحالف السعودي إلى الإعلان صراحة أن ما قامت به صنعاء ضد الكيان الإسرائيلي هو “عمل إرهابي وقرصنة” ليتأكد بعد ذلك الشارع اليمني في مناطق سيطرة التحالف والعالم العربي أن من كانوا يحاربون الشعب اليمني باسم (الشرعية) عبارة عن أذرع وأتباع للاحتلال الإسرائيلي.

وكما هو الحال مع طارق صالح الذي انكشف أمره اليوم أكثر، كشف المجلس الانتقالي الجنوبي وبغباء مفرط عن حقيقته حين سارع إلى تقديم نفسه جندياً بيد الكيان الإسرائيلي معلناً في بيان لناطقه الرسمي بأن المجلس مستعد لتبني حماية الملاحة البحرية للسفن الإسرائيلية التي تعبر من مضيق باب المندب وخليج عدن، وذلك بعد حادثة السفينة “سنترال بارك”، وفي حين لم يعلن أي طرف تبنيه للعملية كما لم يعلن الأمريكي أو الإسرائيلي من هو الطرف الذي نفذ عملية الهجوم بمسلحين على السفنة الإسرائيلية قبالة خليج عدن ذهب الانتقالي لاختلاق رواية مفبركة موجهاً الاتهام نحو قوات صنعاء وحركة أنصار الله واصفاً الهجوم بالإرهابي والقرصنة، ومعلناً بذات البيان استعداده حماية السفن الإسرائيلية في الممرات الملاحية ومناشداً الأمريكيين والبريطانيين ودول الإقليم (السعودية والإمارات) تقديم الدعم المالي والعسكري له ليشكل قوات ثم يباشر حماية سفن الاحتلال الإسرائيلي وغيرها في هذه المنطقة، وبعد إعلان البنتاغون أن الهجوم على السفينة الإسرائيلية تم من قبل مسلحين صوماليين وأن العملية مجرد قرصنة عادية، كان الأوان بالنسبة للانتقالي قد فات خاصة بعد أن سارع وقبل أي طرف يمني تابع للتحالف السعودي والأمريكي إلى فضح نفسه والهدف من تشكيله ولمصلحة من يعمل، وكانت حادثة سنترال بارك القشة التي قصمت ظهر الانتقالي مجدداً بفقدانه ما تبقى له من حاضنة شعبية وهو ما بدا واضحاً من خلال ردود الفعل من قبل الشارع اليمني الجنوبي تجاه بيان الانتقالي تلك الليلة والذي أعلن فيه استعداده حماية سفن الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية في حين كان أنصار الانتقالي ينتظرون أن يخرج الانتقالي ليعلن تبنيه هو لعملية السيطرة على السفينة الإسرائيلية وذلك دعماً للمقاومة الفلسطينية فيما جاء بيان الانتقالي صادماً وبقوة لآمال ورغبات الشارع اليمني الجنوبي.

كلاً من الكيان الإسرائيلي والموالين للتحالف السعودي الإماراتي أبرزهم طارق عفاش والمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات وحكومة معين عبدالملك ذهبوا إلى تبني رواية موحدة فما صدر عن الإسرائيليين رسمياً صدر عن المكونات اليمنية التابعة للتحالف السعودي فجميعهم اعتبروا أن ما قامت به قوات صنعاء (قرصنة وإرهاب وتهديد للملاحة البحرية الدولية) غير أن الصحافة العالمية وحتى بعض الأطراف الإسرائيلية والأمريكية ذاتها تؤكد أن حركة الملاحة العالمية في البحر الأحمر لم تتأثر بخطوة وقرارات صنعاء وأن ما تأثر فقط هو الكيان الإسرائيلي وشركات النقل والملاحة الإسرائيلية التي ألغت مسارات عبور سفنها من البحر الأحمر استجابة لتهديدات وتحذيرات البحرية اليمنية وقررت تكبد خسائر إطالة مسافة رحلاتها عبر سلوك طريق رأس الرجاء الصالح بالطّوفان حول قارة أفريقيا.

وعلى سبيل المثال يقول جون ستاوبرت، من مركز أبحاث البحرية الأمريكية، في تصريح لتقرير نشرته (DW) الألمانية، أن “الاستيلاء على سفينة جلاكسي ليدر كانت له دوافع سياسية، وعلى هذا النحو فإن التهديد الذي يواجه الشحن التجاري ككل هو منخفض ومن المرجح أن يظل هذا هو الحال بسبب الطبيعة المحددة للغاية لاستهداف السفن الإسرائيلية فقط”، معنى ذلك أن التهديد الذي يطال الملاحة الدولية منخفض وأن التهديد والأضرار لا تطال سوى السفن الإسرائيلية فقط وكيان الاحتلال .

أما محاولة الإسرائيلي تدويل الأزمة واستدعاء المجتمع الدولي لإشعال معركة بحرية جنوب البحر الأحمر، فقد انتهت بالفشل، وذلك بسبب المعركة الخفية التي خاضتها اليمن بقيادتها في صنعاء خلال 3 أيام استطاعت خلالها الحفاظ على سيادتها على البحر الأحمر ومضيق باب المندب من جهة وحماية اليمن من أي تهوّر للكيان الإسرائيلي غير محسوب العواقب وفرض اليمن نفسه كشريك رئيسي إن لم يكن صاحب الامتياز في تأمين حركة الملاحة البحرية وضامناً لديمومة أمان خطوط الملاحة الدولية تجاه جميع السفن باستثناء طبعاً سفن الكيان الإسرائيلي.

أحدث العناوين

القسام: تم الإجهاز اليوم على 20 جنديًا وضابطًا من قوات الاحتلال في رفح

واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية، السبت، الفتك بجنود وآليات كيان الاحتلال "الإسرائيلي" ملحقة فيهم خسائر فادحة في محاور القتال في...

مقالات ذات صلة