إنفورمد كومنت الأمريكية: في اليمن “عدوان سعودي» وليس حربا بالوكالة

اخترنا لك

الخبر اليمني/متابعات:

لا تكتفي السعودية والإمارات بفرض قبضة قوية على الأجزاء التي يزورها الصحفيون من اليمن -وبالتالي على القصة التي يمكنهم روايتها- وإنما تقوم استثمارات كل منهما في العلاقات العامة وجماعات الضغط، والمراكز البحثية والمستشارين السياسيين، بتشكيل سرديّة مضللة عن حربهم هناك.

إن كُتّاب العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام ومراسلي الأخبار، وحتى بعض من يُطلَق عليهم خبراء، يؤطرون الصراع غير المتماثل على أنه «حرب بالوكالة» بين دول السنّة بقيادة السعودية وإيران الشيعية ووكلائها الإقليميين، وبالتالي من هذا المنظور، فإن أسوأ كارثة إنسانية صنعها الإنسان في العالم تبدو كضرر جانبي.

 

سرديّة تبرئ السعودية والإمارات

إن كلمة «حرب بالوكالة»، المصحوبة بشكل غير ملائم بوصف «حرب أهلية بين حكومة معترف بها دوليا و ميليشيا مدعومة من إيران»، هي محاولة فاضحة لتبرير التدخل السعودي الإماراتي غير المبرر في اليمن.

وبلا شك، فإن الإنفاق الكبير للدولارات على الدائرة المؤثرة في واشنطن بشكل منهجي أنتج سردية للقصة برأت الإمارات والسعودية من قتل وتجويع اليمنيين باسم مواجهة النفوذ الإيراني المفرط.

وتعرف الحرب بالوكالة على أنها صدام بين قوى متنازعة لا تشارك مباشرة في القتال، وبدلا من ذلك، يقوم المنافسون بتسليح وتدريب الأطراف الثالثة في الدول الصغيرة للقتال.

ويصر حكام السعودية والإمارات المدعومون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمحللون السياسيون التابعين لهم على أن خصمهم اليمني هو وكيل للحرس الثوري الإيراني، لكي نصل من ذلك إلى استدلال أن ممالك الخليج العربي تقاوم بشكل صريح التأثير الإيراني أو الشيعي في شبه الجزيرة ومن خلال تلك السردية يتم تبرير أربعين شهرا من القصف والحصار المتواصل كدفاع عن النفس.

 

لا دليل حقيقي

ولكن هذا كلام فارغ لا أصل له. ومن المؤكد أن ميليشيا الحوثي حصلت على دعم إيراني ولكن بأثر رجعي، ليس في العديد من تمرداتها فيما قبل 2011 ضد حكومة «صالح»، ولكن في الآونة الأخيرة، بعدما اجتاحوا صنعاء عام 2014، بدعم من «صالح» وفرقه، حيث قاموا بتنظيم رحلات منتظمة من وإلى طهران.

وأثار هذا غضب الحكومات السعودية والإماراتية، التي أمرت بقصف مدارج مطار صنعاء وإغلاق المطار لأجل غير مسمى، على نحو غير معقول وغير عقلاني. وبالنظر إلى الجذور المحلية لمظالمهم، تبنى الحوثيون شعارات إيرانية مثل «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل»، ودعمت منافذ الدعاية الإيرانية قضية الحوثي، لكن ذلك كله لا يصنعان حربا بالوكالة.

فالدليل ضئيل على حصول الحوثيين على أسلحة إيرانية مع الحصار الخانق والبحري الذي تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة، وتبقى الصواريخ التي يطلقونها ذات تكنولوجيا منخفضة وعتيقة، ومعظمها بقايا من الحقبة السوفياتية. كما لم يتم إثبات وجود الإيرانيين داخل اليمن.

لكن صرخات إدعاء الدعم الإيراني للحوثيين تضخم نفوذ طهران بشكل فادح، بشكل يجعلها أشبه بنبوءة تحقق نفسها أكثر من كونها مبررا للحرب، بينما لا يمكن تقديم أي إدعاء منطقي بأن الحوثيين يأخذون أوامرهم أو حتى إلهامهم من الجمهورية الإسلامية.

هناك نقطتان جانبيتان في هذا الصدد: أولا، حتى عهد قريب، لم يعتبر الإثنا عشرييين الفارسية نظراءهم الزيديين شيعة حقيقيين؛ وثانيا، فإن «الحرب الباردة» بين طهران والرياض تتعلق أكثر بالرؤى الجمهورية مقابل الملكية للدولة الإسلامية، كما إنها مواجهة طائفية بين الفرعين الكبيرين للإسلام.

وعلاوة على ذلك، فإن ما تسميه السعودية والإمارات «الحكومة المعترف بها دوليا» كانت في منفى مريح في الرياض منذ عام 2015، كما إن وصف «المعترف بها دوليا» هي طريقة أخرى للقول إن تلك الحكومة ليس لديها سيطرة محليّة أو أتباع، ولكن فقط رعاة خليجيون.

هؤلاء الرعاة، وخاصة السعودية، لديهم تاريخ من التدخل في اليمن ضد الحركات الشعبية والاندفاعات الديمقراطية، وهناك حالات أخرى، مثل دعم آل سعود الإمامة الزيدية ضد التمرد الجمهوري في شمال اليمن خلال الحرب الأهلية في الستينيات، حيث تخطى الخوف من قيام الجمهورية أي عداء للشيعية الزيدية.

وشعرت الأنظمة الخليجية بالقلق من الانتفاضات في شمال أفريقيا، وأدت الاحتجاجات الجماهيرية في اليمن في عام 2011 -بقيادة النساء- إلى حدوث ذعر حقيقي في القصور.

 

تحويل الانتباه عن جرائم الحرب

إن أخطر جانب من جوانب سرديّة «الحرب بالوكالة ضد الميليشيات المدعومة من إيران» هو أنها تحرِف الانتباه عن جرائم الحرب غير القابلة للجدل.

يقوم الائتلاف الذي تقوده السعودية حاليا بتقدم نحو ميناء الحديدة الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر، والذي توقف العمل به منذ ثلاث سنوات، ولا يزال «محتلا» من قبل المتمردين الحوثيين.

يقع ميناء الحديدة ومحافظة الحديدة على طول السهل الساحلي للبحر الأحمر المعروف باسم تهامة، ويعمل سكانه بالصيد والرعي وصنع الفخار والسلال وهم من اليمنيين ذوي البشرة الداكنة من أصول عربية وأفريقية مختلطة، وينتمون روحيا للمذهب الشافعي من الإسلام السنّي، واجتماعيا، هم أفقر الفقراء، أما سياسيا، فليس لديهم أي تعاطف مع الحوثيين، ناهيك عن إيران.

هذا يعني أن ضحايا الهجوم القادم -أو الحالي- ليسوا «وكلاء للحرس الثوري الإيراني»، ومع ذلك يفرض عليهم الجوع والموت من قبل ممالك قذرة غنية تستخدم أحدث الأسلحة التي حصلت عليها من الغرب.

 

ترجمة وتحرير موقع الخليج الجديد

أحدث العناوين

شواهد على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني

على مدى الستة أشهر الماضية من الحرب على قطاع غزة، تحولت المستشفيات والمدارس والطرقات إلى مقابر جماعية دفن فيها...

مقالات ذات صلة