صنعاء: القطاع الخاص يشترط “تحييد الاقتصاد” للإستمرار

اخترنا لك

رشيد الحداد- العربي- الخبر اليمني:

في بيئة شديدة التعقيد، لا يزال القطاع الخاص اليمني يكافح من أجل البقاء، محاولاً الصمود برغم الأضرار والخسائر المهولة وتراجع فرص الأعمال، والصدمات المتواصلة التي يتعرض لها تارة من «التحالف» وأخرى من قبل حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي.

 في بيئة أعمال صنفت من قبل «البنك الدولي» العام الحالي بواحدة من أسوأ بيئة لأداء الأعمال من خمس دول في العالم، يواصل «القطاع الخاص» اليمني نشاطه التجاري متجاوزاً مخاطر الحرب وتعقيدات الحصار. وفي ظل انكماش «القطاع العام» إلى 31% بالسالب، ارتفعت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي من 62.3% قبل الحرب والحصار إلى أكثر من 70% العام الجاري، وفق التقديرات الأولية الحكومية، وهو ما يؤكد أن هذا القطاع الذي يقود العملية الاقتصادية في الشمال والجنوب أصبح يتحمل العبء الأكبر لتداعيات الصراع والانقسام السياسي.

خسائر فادحة

تتحدث الأرقام عن خسائر فادحة تعرضت لها القطاعات الاقتصادية المختلفة التي تساهم في القطاع الخاص بنسبة كبيرة، وذلك جراء الحرب والحصار.

وتصل نسبة مساهمة القطاع الخاص بالزراعة، وقد تكبد خسائر فادحة تجاوزت 16 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، بنسبة 100%،  وعلى الرغم من حداثة مساهمة هذا القطاع في الصناعة التحويلية، بلغت النسبة 52.5% مقابل إسهام القطاع العام بنسبة 47.8%، وفي البناء والتشييد بنسبة 46.5%، وفي قطاع الخدمات الذي قاد القطاعات الاقتصادية خلال سنوات ما قيل الحرب بنسبة 66.7%.

الخسائر التي طالت تلك القطاعات كبدت القطاع الخاص خسائر فادحة تقدر بأكثر من 80 مليار دولار، وبرغم ذلك لم يتوقف نشاط هذا القطاع بل ظل مقاوماً لكل الصدمات المباشرة، الممثلة بقصف وتدمير المصانع والمزارع والأسواق والطرقات ومخازن الغذاء ومحطات الوقود، وشبكات المياه والطاقة والاتصالات.

وزارة التخطيط والتعاون الدولي في حكومة «الإنقاذ»، أكدت في تقرير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية الصادر أواخر يوليو الماضي، أن استثمارات القطاع الخاص في التعليم العام بلغت 899 مدرسة من أصل 16.730 مدرسة حكومية، ولديه 101 جامعة وكلية في التعليم العالي، ويمتلك أكثر من 60% من المرافق الصحية، وبسبب تراجع الخدمات الأساسية للصحة والتعليم العام الجاري بنسبة 60% بسبب الحرب والحصار، تكبد هذا القطاع خسائراً فادحة.

انكماش الحركة

 وفي الوقت الذي تشير بيانات وزارة المالية في حكومة «الإنقاذ» الى أن انكماش الحركة التجارية وصل إلى أدنى المستويات، وهو ما بدد فرص نشاط الاقتصاد الخاص، إلا أن تقرير وزارة التخطيط كشف عن وقوف العديد من المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني في اليمن إلى جانب هذا القطاع، وساهمت في الحد من أثار الانكماش الناتج عن ارتفاع معدلات الفقر إلى 85%، والبطالة إلى أكثر من 65%، وتراجع متوسط دخل الفرد بنسبة 68%، في ظل ارتفاع مستوى التضخم في الأسعار بنسبة 74%، وذلك من خلال اعتمادها على القطاع الخاص في توفير خدمات سلسلة الإمداد، مثل النقل والتخزين وخدمات التخليص الجمركي وإعادة الشحن.

كما تعتمد المنظمات على القطاع الخاص في توفير مختلف السلع والخدمات، بما فيها السيارات والمولدات والسلال الغذائية وخدمات التحويلات النقدية، وهو ما ساعد القطاع الخاص ولو نسبياً في الحد من الأثار السلبية للحرب والحصار.

المستورد الوحيد

لا تمتلك حكومتا صنعاء وعدن أي قدرات مالية لاستيراد السلع والمنتجات الأساسية والوقود والدواء، وفي ظل ارتفاع نسبة الاستهلاك الكلي من 98% إلى 133 % العام الجاري، مع شح موارد النقد الأجنبي، يقوم القطاع الخاص باستيراد احتياجات اليمن من الغذاء والدواء والوقود بنسبة 96%، وبرغم ذلك يتعرض للكثير من المضايقات من قبل حكومة هادي ومن قبل قوات «التحالف» البحرية، وهو ما يتسبب بتأخر الواردات لأشهر وزيادة رسوم ديمراج السفن من جانب، وكذلك فرض رسوم نقل إضافية نتيجة تحويل معظم الشحنات التجارية من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن، بغرض فرض رسوم ضريبية وجمركية من قبل حكومة هادي لم تسلم للبنك المركزي، لتتسبب تلك الممارسات بزيادة رسوم النقل بنسب تتفاوت بين 47.83% و66.67%.

تكاليف عالية

ووفقاً للتقرير الرسمي، فإن تلك الممارسات رفعت تكاليف الشحن البحري للبضائع إلى اليمن، وأصبحت الشحنات التي كانت تستغرق شهراً قبل الحرب تحتاج من 3 إلى 4 أشهر الآن، بسبب التأخير في دخول وتخليص السفن بالموانئ اليمنية، وفرض أقساط تأمين إضافية نتيجة مخاطر الحرب، بواقع 500 دولار لكل شحنة تعادل سعة حاوية 20 قدم، و1000 دولار لكل شحنة تعادل سعة 40 قدم، ولا زالت تكلفة التأمين تضاف على الشحنات المتجهة إلى عدن، برغم إعلانها منطقة آمنة غير خاضعة لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش.

ولفت التقرير إلى أن تكاليف الشحن الجوي إلى المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة هادي لا تزال مرتفعة، حيث تفرض شركات التأمين 200% كرسوم تأمين على الخطوط الجوية اليمنية، وهو ما يضاعف تكلفة السلع والمنتجات في السوق المحلي.

الحل وفق القطاع الخاص

لكي يصمد القطاع الخاص أمام المخاطر والتهديدات التي تكاد تعصف به، تشدد الغرف الصناعية والتجارية في صنعاء على ضرورة تحييد الاقتصاد لضمان استمرار نشاطه الاقتصادي، وتعزيز سبل المعيشة في اليمن.

الغرف الصناعية والتجارية طالبت مؤخراً أطراف الصراع بعدم إقحام أنشطة القطاع الخاص في الصراع الدائر في البلاد، وضمان الحرية الكاملة للنقل البري والبحري والجوي، وتسهيل حركة التجارة الخارجية عبر فتح كافة المنافذ أمام تدفق بضائع القطاع الخاص وتنقل رجال الأعمال والمسافرين. كما طالبت باستعادة الطاقة التشغيلية الكاملة للموانئ اليمنية، بما فيها ميناء الحديدة، من خلال إصلاح الأضرار التي تعرض لها وتسريع تفريغ السفن ودخولها من الغاطس، فضلاً عن إلغاء احتكار نقابة سائقي شاحنات النقل الثقيل للنقل الداخلي من ميناء عدن، يضاف إلى تحييد الإيرادات العامة للدولة، وتحييد البنك المركزي واستئناف انتاج وتصدير النفط والغاز، والصادرات غير النفطية، ورفع القيود المفروضة على التحويلات المالية كضرورة لتحقيق استقرار سعر صرف العملة المحلية، وتوفير العملات الصعبة في السوق الحلي لتغطية الواردات.

أحدث العناوين

رئيس حركة حماس يرد على من يصفون العمليات العسكرية اليمنية بـ”المسرحية”

قال رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، إن للضربات اليمنية تأثير كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، والضغط على حركة الملاحة المتجهة نحو...

مقالات ذات صلة