هل استعصت السعودية على الإصلاح والتغيير؟ *

اخترنا لك

لماذا تأتي المهلكة المُسعودة من جهة تطور نظامها السياسي في ذيل قائمة الدول العربية بل وربما دول العالم؟

هل هي حالة خاصة ـ أي: هل هناك خصوصية لهذا النظام السياسي السعودي أو ما يُسمى بالمجتمع السعودي الذي يحكم آل سعود؟

(٢)

لماذا ـ رغم الكثير من التشابه ـ بين النسيج الاجتماعي في دول الخليج، بل وفي شكل الأنظمة الملكية الحاكمة، تبدو المهلكة المُسعودة.. الأكثر تخلّفاً من الناحية السياسية، والأكثر مقاومة للتطور السياسي؟

هل هي طبيعة النظام المحافظ والتقليدي، الذي (قد) يستعصي على التغيير؟

(٣)

هناك دول محافظة كثيرة في العالم.

وهناك دول يمكن وصفها بالتقليدية.

ولكن بعضها ديمقراطي أو سائر باتجاه الديمقراطية، وتتمتع بأنظمة سياسية أكثر تطوراً، وبما لا يقاس، مع مملكة آل سعود.

هل للموضوع علاقة بالأيديولوجيا الدينية؟

بمعنى ان الحكم السعودي يزعم الدين وحكم الدين (الوهابية)؟

(٤)

هناك أنظمة دينية اعتمدت رؤية المودودي (ثيوديموكراسي)؛ وهي تسبق السعودية بمسافات طويلة من حيث تطور النظام السياسي وحجم المشاركة الشعبية؟

هل العلّة في المجتمع السعودي: قبلي ومحافظ مثلا؟

هناك دول أكثر قبليّة (اليمن مثلاً) وهي الى ما قبل الحرب أكثر ديمقارطية وحرية ومشاركة سياسية.

(٥)

حتى المجتمع في الأردن يمكن أن يعتبر أكثر قبلية من السعودية (من حيث النسبة)، لأن الحواضر في الحجاز وفي الأحساء والقطيف أقلّ تمسكاً بالقبيلة والانتماء القبلي.

فلماذا النظام السياسي السعودي أكثر تخلفاً من هؤلاء جميعاً؟ رغم تشابه المجتمع والنظام السياسي الملكي؟

 

(٦)

هل السبب هو الجهل؟ وبشكل مُلطَّف: تضاؤل نسبة التعليم مثلاً؟

كلاّ، فنسبة التعليم في السعودية ليست قليلة، ولكننا لا نرى ربطاً واضحاً بين ارتفاع نسبة التعليم، وانخافض مستوى الأميّة السياسية، وتخلّف النظام السياسي!

هل السبب هو ضعف الطبقة الوسطى أو صغر حجمها وهي (حاضنة التغيير)؟

(٧)

كلاّ.. فحجم الطبقة الوسطى كبير. أصغر منها وُجد في دول أخرى ـ كما لاحظ نداف سفران ـ وقامت بالتغيير، كما في الثورة المصرية ١٩٥٢. ورغم انكماشها في السعودية، لكن أثرها في التغيير السياسي لازال محدوداً.. فلماذا كان ذلك؟

فأين هو التغيير إذن، وما هي المشكلة؟

(٨)

هناك دول كثيرة اقل مستوى في التعليم من السعودية، في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية، ومع هذا تقدّمت خطوات كبيرة باتجاه اصلاح أنظمتها السياسية، فلماذا لم يحدث شيء منه في السعودية؟

هل الدولة الريعية rentier state هي السبب في تخلّف النظام السياسي؟

(٩)

نعم.. الدولة الريعية منحت آل سعود القدرة على تأجيل الاصلاح السياسي، من خلال استخدام (الريع): مالا وخدمات، للقضاء على أجنّة المطالبة بالتغيير. لكن السؤال الحقيقي: لماذا لم يحدث تطور في الوعي والطموح والمطالبة بالنسبة للمستفيدين من ذلك الريع، فيتحولوا الى أدوات نشطة في التغيير؟

(١٠)

لنقل أن الدولة الريعية كان تأثيرها سلبياً في جمود النظام السياسي، الذي اشترى الولاء بالمال والخدمات.

ولكن..

ماذا عن الآن في عهد الداشر؟

لقد تحولت الدولة من (ريعية) تُعطي الناس ما يشبه الرشوات (عطاءات/ مكرمات)..

الى دولة (ضرائبية) تأخذ منهم.

فأين مقولة: لا تمثيل بدون ضرائب؟!

(11)

 

الآن.. في العهد السلماني: انتهى عهد الدول الريعية. وبدأ المواطنون يئنّون من ثقلها، ويوجد في نفس الوقت اختناق سياسي، وقمع أمني لم تشهد له البلاد مثيلاً منذ تأسيسها.

فكيف اجتمع القهر السياسي، مع البطش الأمني، مع التدهور المريع في مستوى المعيشة، دون أن يحدث أي شيء لسلمان وابنه؟

(١٢)

ثمّ..

الكويت دولة ريعية.. ولاتزال.

لماذا يوجد بها حريات عامة ـ بنسبة ما ـ وانتخابات، وبرلمان، ومستوى من حرية التعبير والمجتمع المدني.. منذ استقلالها والى اليوم، رغم الهنّات هنا وهناك؟!

كادت البحرين الذهاب بهذا الإتجاه، لولا عنتريات ملكها وثالوثها الموالي للسعودية (الخوالد)!

(١٣)

لماذا أدى الاكتفاء الاقتصادي ـ في بلدان عديدة ـ الى بروز شريحة واسعة من السكان تقود باتجاه المطالبة السياسية وتحقق بعض المنجزات فيها، على قاعدة أن التنمية والتحديث يقودان الى تطوير النظام السياسي، وفي حال ممانعته يتم تغييره وإنهاؤه؟

لماذا لم يحدث مثل هذا في المهلكة المسعودة؟

(١٤)

إذا كان الاكتفاء (الريعي) قد عوّق تطور النظام السياسي.. فلماذا وحسب الاحصاءات الرسمية، يوجد ٣٠٪ من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من مليون عاطل عن العمل، و٦٥٪ يعيشون في منازل مستأجرة، ومليوني عانس!.. ومع هذا لم يقد ذلك الى حراك سياسي، او الى مطالبة سياسية فعالة مؤثرة؟!

(١٥)

هل المشكلة في (قيم المجتمع) وعدم مواءمتها للإصلاح السياسي؟

أقصد القيم التي زرعها آل سعود، باسم الدين تارة (طاعة الحاكم واجبه مهما فعل!)، وباسم القبيلة تارة أخرى (اخذ الدولة بذراعه فصار حقاً له تملكها!)؟

أساساً:

هل النسخة الدينية التي نعلفُ منها (الوهابية) هي السبب؟

 

 

 

 

(١٦)

وهل المجتمع السعودي أساساً يمكن وصفه بـ (المجتمع المتدين)؟!

بل هل يصحّ تسميته بالمجتمع القبلي؟

وهل صحيح أن الدين بنسخته المتداولة لدينا، وليست حقيقته وجوهره، صار أفيوناً لمجتمعنا، كما قال الشيوعيون الماركسيون؟

وهل صدقت مقولة آل سعود: اركب دابّة الدين واضرب به؟ فانطبقت علينا!

 

 

(١٧)

وهل يجوز (علمياً وابتداءً) الربط بين التغيير السياسي وتطورّ النظام السياسي بمنظومة القيم الإجتماعية والدينية؟

وما هي تلك القيم التي يمكن أن تكون قد عوّقت الناس عن المطالبة بحقوقهم كمواطنين يحق لهم العيش حياة كريمة في مختلف جوانبها؟

 

 

 

(١٨)

اذا كان الدين ـ بنسخته الرسمية الوهابية ـ قد استُثمر في معاضدة الإستبداد والطغيان والإثرة والفساد و… (الترفيييييه!)، فكيف عجز المجتمع أن يعيد الدين الى مكانته ويحوّله سيفاً ضد آل سعود، بحيث يواجه طغيانهم وفسادهم وشرورهم؟ مع أنه لدينا مئات الألوف ممن يسمّون بـ (طلبة العلم)؟

 

 

(١٩)

لماذا تمّ تفعيل ما يزعم أنها أعراف وقيم المجتمع(ـات) المُسعود، بحيث أصبحت خادماً لآل سعود، وتدعو الناس للخضوع: (أخذها بذراعه ـ الله لا يغير علينا ـ امسك مجنونك لا يجيك الذي أجنّ منه.. الخ)..

لماذا والحال هذه، لم يتم تفعيل القيم المضادة لها: الكرامة، النخوة، الشجاعة، الحرية؟!

 

 

(٢٠)

هل السبب في تخلّف النظام السياسي، وجود آلة قمع ضخمة تقوم بالقتل والاعدام والاختطاف؟

صحيح أن حكم آل سعود في مقدمة الدول القمعية، خاصة وأن الدين ـ بنسخته السعودية الوهابية ـ أصبح غطاء مناسبا للإجرام؛ لكن الصحيح ايضاً ان هناك دول أكثر قمعاً، ولكن نظامها السياسي أكثر انفتاحاً.

 

 

(٢١)

لماذا يولّد القمع لدينا، نخباً جبانة، شعوباً جبانة؛ والقليل من الأحرار المعترضين؟ في حين نرى ان نسبة النخب المشاركة في البلدان الأخرى في التغيير السياسي عبر المعارضة أكثر وأكبر حجماً؟

اذا كان الخوف عامل (تدجين) فلم هو عندنا أكثر تدجيناً وتأثيراً؟

ولماذا أمد الخوف لا ينتهي؟!

 

 

(٢٢)

لماذا اصبح القمع عنصر إيقاظ وتحريك لدى شعوب ما، وليس لدينا حتى الآن؟ أي أن هدف القمع: (التدجين والإخضاع)؛ ولكنه قد يتحوّل الى عامل (إيقاظ وتحريك وتفجير ضد النظام).. فلم لم يحدث ذلك؟ ومتى يحدث؟

يقولون: المشايخ جبناء، وكذا النخب والقبائل وكل الشعب!

متى وكيف يكونوا شجعانا؟!

 

 

 

(٢٣)

هذه أسئلة كثيرة.. لستُ بصدد الإجابة عليها.

وضعتها ليتفكر فيها الشباب المعارضون الجدد، وليتفكر فيها عامّة المواطنين أيضاً.. ليناقشوها ويتساءلوا بشأنها.

وأتمنّى من المعارضين القدماء من ذوي الإمكانات العلمية: إثارة النقاش حولها، خصوصاً:

د.مضاوي الرشيد

 

أ.د.محمد المسعري

 

د.فؤاد إبراهيم

 

(٢٤)

ليس هدف التغييرات هذه، زراعة اليأس، ولا تعقيد قضية التغيير في بلادنا.

ولكني أؤمن بأننا كمعارضين ـ ومن خلال الأسئلة ـ يجب أن نعرف ثلاثة أمور أرى أنها مفاتيح التغيير:

١/ معرفة الذات: من نحن؟ ما هي عناصر القوة لدى المعارضة؟ كيف تضيف امكانات جديدة لديها؟ كيف تبتدع وسائل اضافية؟

 

 

 

(٢٥)

٢/ معرفة الخصم: أي العائلة المالكة، ما هي عناصر قوتها؟ ما هي نقاط ضعفها؟ ما هي الوسائل المناسبة لإضعافها وإجبارها على التغيير أو انهائها كلية؟

٣/ معرفة المجتمعات المتنوعة المُسعودة: تاريخها وأحوالها شخصيتها، والمؤثرات الثقافية فيها، كي نستطيع تحريكها باتجاه التغيير.

 

 

 

طرحتُ الأسئلة وقد أُجيب على بعضها في وقت ما.

لكني اؤمل ان يبادر المهتمون بهذا الأمر للنقاش هنا، إن شاؤوا.

تحية للجميع.

وتحية أخص لكل حرّ شريف يواجه الطغيان السعودي الآثم.

 

 

[author title=”د.حمزة الحسن” image=”http://”]ناشط سياسي، ومختص في الشؤون السياسية السعودية [/author]

 

*سلسلة تغريدات للكاتب على حسابه في تويتر

أحدث العناوين

أمريكا ترفع قميص “إسرائيل” بوجه السبع لتمويل عملياتها في اليمن

فشلت الولايات المتحدة، السبت، بدفع حلفائها في مجموعة السبع الكبرى لتمويل عملياتها العسكرية ضد اليمن. خاص – الخبر اليمني: وأصدرت مجموعة...

مقالات ذات صلة