كمّياتٌ تمّ رفعها الأسبوع الماضي إلى 10 آلاف برميل، لتُنقَل عبر أنبوب نفطي تستخدمه شركة “OMV” النمساوية في شبوة لضخّ النفط إلى ميناء النشيمة الواقع على البحر العربي، وهو أحد موانئ شبوة التي تستخدمها مافيا تهريب النفط من الخارج إلى الداخل، من خلال إدخال سفن عبر البحر العربي وخليج عدن مُحمّلة بمادة الديزل (السولار) إلى شواطئ شبوة، لبيعها في السوق السوداء اليمنية. وأكدت مصادر اقتصادية في صنعاء أن جماعة مصالح تابعة لحكومة هادي، تضمّ قيادات عسكرية، تقف وراء تهريب 300 ألف برميل من نفط صافر الخفيف وجني 18 مليون دولار منه شهرياً، معتبرة ذلك سابقة خطيرة.

أما على الأرض، فقد قوبلت عمليات التهريب تلك باعتراض العشرات من مسلّحي قبيلة الدماشقة المأربية، والتي اعتبرت ما يحدث “عملاً غير مشروع وسرقة منظّمة لثروة مأرب”.

وتسبّب هذا الاعتراض بمواجهات بين المسلحين القبليين وميليشيات محسوبة على “الإصلاح” في منطقة المختم شرق صافر في محافظة مأرب، وأدت إلى إحراق عدد من ناقلات النفط الخام في منطقة الرويك الواقعة بين منطقتَي صافر التابعة لمأرب والعبر التابعة لحضرموت، إثر هجوم المسلّحين القبليين عليها. وعلى رغم فرض قوات موالية لهادي طوقاً أمنياً لحماية خطوط التهريب، إلا أن حالة الاحتقان لا تزال مستمرّة.

عملية التهريب الأخيرة في مأرب جاءت بعد قرابة شهر من اكتشاف قيام عصابات مرتبطة بقيادات عسكرية وأخرى حزبية في المحافظة نفسها بسرقة النفط الخام من “القطاع 18″، أحد أكبر حقول النفط في صافر. ووفقاً لمصادر في القطاع، فإنّ عصابات مجهولة قامت بإحداث ثقب في أنبوب النفط الخام الناقل للنفط من “القطاع 18” إلى صافر بطول أكثر من 20 كيلومتراً، سَمَح لها بشفط النفط بواسطة أنابيب بلاستيكية إلى شاحنات التهريب. وقدّرت المصادر الكميات التي تتمّ سرقتها وتهريبها يومياً بما بين 3000 و6000 برميل يومياً. وبحسب مصادر قبلية في المناطق الحدودية بين شبوة ومأرب، فإن مُهرِّبي النفط يسيّرون عشرات الصهاريج التي تحمل النفط الخام المسروق يومياً، بحماية ألوية تابعة لحكومة هادي تقوم بتأمين طريق تلك الصهاريج ليلاً.
شركة صافر، المملوكة للدولة، أكدت العام المنصرم رسمياً تعرّض النفط الخام من الأنابيب الناقلة ومن الآبار لعملية نهب وتهريب منظّمة، متهمةً شبكات كبيرة بالوقوف وراء السرقة والتهريب والبيع. ولم تستبعد مصادر في الشركة أن تكون مافيا النفط قد جلبت خلال السنوات الماضية مصافي مؤقتة صينية الصنع، تُكرّر كميات بسيطة من الخام تتراوح بين 500 و1000 برميل يومياً. ويُعدّ خام صافر، وفقاً لمصادر عاملة في إنتاج النفط، من أجود أنواع النفط الخام في العالم، إذ إنه يُصنّف كـ«مزيج برنت بلاس»، وهو يُستخدم، بعد مزجه بالديزل، في تشغيل المضخات الزراعية والمولدات الكهربائية الكبيرة، ومن السهل بيعه في الأسواق. وتَوازى تصاعد ظاهرة التهريب من حقول صافر، التي كانت تنتج قبل العدوان أكثر من 35 ألف برميل يومياً، مع تزايد الشكوك في صحة حديث شركة صافر عن قيامها بإعادة حقن الفائض من النفط الخام في الآبار، وسط ترجيحات بتعرّضه هو الآخر لعملية نهب منظمة. وفي ظلّ اتّساع نطاق ظاهرة التهريب وامتدادها إلى محافظة شبوة، اكتشفت أجهزة الأمن الشهر الماضي نفقاً سرياً لتهريب النفط شرق مدينة عتق مركز المحافظة. وبحسب المصادر الأمنية، فإنّ النفق كان موصولاً بخطّ الأنبوب الناقل للنفط الخام بين حقل عياد النفطي في شبوة وميناء التصدير في النشيمة.
يُشار إلى أن عملية تهريب النفط من صافر عبر الصهاريج تتهدّد أنبوب النفط الرئيس الذي كان ينقل صادرات صافر إلى الخزان العائم التابع للشركة في ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة غرب اليمن بطول 450 كيلو متراً. وفي هذا الإطار، يحذّر خبراء من كارثة بيئية إن استمرّت حكومة هادي في تعطيل عمل الأنبوب، ومنع دخول فريق الأمم المتّحدة الفني المكلّف بمعاينة خزان صافر. وكانت الأمم المتّحدة استجابت لمطالبة صنعاء بالعمل على تفادي تسرّب نفطيّ من الخزان في آب/ أغسطس الماضي،حيث أقرّت إرسال فريق فني لتقييم حالة الخزان وإجراء الإصلاحات الضرورية له، إلّا أن تحالف العدوان رفض السماح للفريق بالدخول، وذلك بهدف إجبار صنعاء على التنازل عن مليون و147 ألف برميل من خام صافر يحويها الخزان منذ خمس سنوات.