غفــوة مؤقتـة 1:5Am….

اخترنا لك

منى الحجري:

في الواحدة صباحاً كانت الأبواب مغلقة ، البابُ الخارجي لبيتنا ما يزال مفتوحاً لم اتربسهُ بالقفل بإنتظار أخي الذي ما يزالُ في الخارج ، اوصدتُ نوافذ غرفتي واتجهتُ متثاقلةً خطواتي إلى فراشي الذي ما إن تكورتُ عليه حتى انتفض بي برداً يُثلجُ أطرافي ،

تحاملتُ على التفافي عليه لأجذب بطانيةً من خزانة أمي التي كانت قد غرقت في سباتٍ عميق ، وعدتُ إلى فراشي بنفسِ التباطؤ في المرةِ الأولى ، استلقيتُ بظهري ونظرتُ إلى أعمدة السقف وهي ترسمُ من ضؤ هاتفي ظل وجهي ، كان الظلُ ثابتاً فأنا لم أحرك رأسي لا يمنةً ولا يسره ، كل ما في غرفتي مثيرٌ للإنتباه ، صوتُ عقارب الساعة المثبتة على الحائط أعلى الباب ، صوت دبيب النمل فوق قطعة الشكولا التي تكاسلتُ عن أكلها ، صوتُ المروحة وهي تجرُّ جناحاً تلو الأخر  لتركي باب غرفتي مفتوحاً حتى اسمع رنة جرس الباب الخارجي بينما يجيء أخي ، حتى زفراتي وشهقاتي بدا لها صوتاً يشبهُ الصفير في ليلة قارصة البرودة ، اما دقات قلبي فكانت تشبهُ المضخة صعوداً وهبوطاً بصدري ،

يا الله كل ما اسمعه يزعجني ، وددتُ لو انسلخ مني ، انسلخُ روحاً ويظلُ جسدي هنا معلقاً مع هذه الأصوات ،

تمرُّ الدقائق وهي تنتحبُ عليّ وكأنها في عزاءٍ مؤقت لجسدٍ  وحيد في زوايا أربعة ،

الموت السايكولوجي هذا هو ما أشعرُ به هذهِ الأثناء ولا قدرة لي على الإنفكاك منه بسهولة ، كل ما كان يفزعني أن ثمة شيء يضربُ في أصابع قدمي ويدي وكأنهُ ماس كهربائي ذا فولتيه كبيرة ، ينفخُ جسدي المرمي على الفراش كالمنطاد بغازٍ مغشوش فيرتفعُ بي ببطء تارة ويلقي بي تارةً أخرى بسرعةٍ قاتلة ،

يا الله إني استنزفُ وقتاً مخيفاً في بيتٍ أشبه ببيت الأشباح الذي قرأتُ عنه ذات يوم في رواية دراكولا ، ايكونُ عقلي يستحضرُ تلك القصة واقعاً حقيقاً في هذهِ الليلة الكئيبة ،

حاولتُ شدَّ قدمي إلى الأعلى ولكني تبلورتُ متصلبة كالإناءِ الموضوع في فريز ثلاجتنا قبل أن ننسى شكل الثلج لغياب الكهرباء ما يتجاوز  ست سنوات وأكثر ، أحسستُ بإنكماشي كأسفنجةِ المواعين حينِ يهجرها الماء على رف المطبخ متجاهلين استخدامها ،

ما الذي أصاب جسدي اليوم لا شيء فيه ينفذُ ما أطلبهُ منه، وجهي ككرةِ الغولف وهي تسقطُ في حفرة عميقة جراء ضربةٍ قوية من لاعبٍ محترف ، ظهري متخشبً على السرير كلوحِ  ، يديَّ ممدودتان كجناحي نسرٍ مصلوب في قمة جبل ، قدمايَّ كعموديَّ كهرباء في منتصفِ السرير ، وداخلي ضرباتٌُ كالمطرقة على وتدٍ متحجر ، يزيدُ توتري ، وانا في دائرة صراعٍ مع جسدي المنهك هزَّ جرس الباب الخارجي للبيت أذنيَّ بعنف ، فوثبتُ واقفة وعينيَّ سبقتني إلى الساعة فإذا هي الواحدة وخمس دقائق ، حينها عرفتُ أني كنتُ في كابوسِ غفوة مؤقتة..

 

 

 

أحدث العناوين

UN announces: 77 newborns in Gaza in 20 nurseries have become orphans

The plight of children in Gaza is growing more miserable every day, with 77 babies now in 20 nurseries...

مقالات ذات صلة