إلى الله نرفع أحزاننا

اخترنا لك

زكريا الشرعبي:

إلى الله يرفع اليمنيون أحزانهم، وكفى بالله حسيبا لشعب يفقد طفلا كل ست دقائق، ولا ترقى مأساته لخبر عاجل في نشرة عالمية.

كانت الأيام الأولى لهذه الحرب الوحشية التي يقودها التحالف ضدهم وسط تخاذل وتواطؤ دولي، كفيلة للإدراك أن العالم ليس سوى صفقات نفط وأسلحة وضمائر، فكيف والحرب توشك على إكمال عامها السابع، وطي صفحة 50 ألف شهيد وجريح كحصيلة أولية للموت المباشر بالغارات، وصفحة المليون قتيلا بالجوع والحصار.

لقد ألف اليمني الموت حتى صار جزءا من برنامجه اليومي، بات يشكك في قواه العقلية إذا مر يوم دون أن يشيع طفلا أو أخا أو زوجة أو قريب، ويتساءل ..أيعقل أن يكون ضمير العالم قد بعث وأن اليمنيين لم يعودوا أرقاما في دفاتر شحاذي الأمم المتحدة.

الأمم المتحدة ترفع التحالف العربي في اليمن من قائمة منتهكي حقوق الأطفال | اندبندنت عربية

إن شعبا يعاني كل هذه الويلات والعالم يبتسم، لن يبتسم والعالم يصطنع الإنسانية إزاء طفل سقط في بئر في المغرب العربي، ولن يطالب العالم بالتضامن معه لأنه يعرف ما هو هذا العالم ومم يتكون، إن أبا يقتل طفله أمام عينه ولا يستطيع انتشال أشلاءه من تحت الأنقاض لأن طائرة الموت تحوم في سماء المكان لمنع جهود الإنقاذ، سيعيش بلا شك شعور والدي الطفل المغربي ريان، لكنه لا يرى في الأخبار العاجلة على الشاشة سوى عاجل واحد هو: إعلان وفاة الضمير العالمي، وإن أما تعيش وهي جائعة أتعاب الحمل لمدة تسعة أشهر، ثم تلد طفلا يموت في الدقائق الأولى لوجوده وفي أحسن الأحول يولد مشوها نتيجة للأسلحة الجرثومية أو يصاب بسوء التغذية، ستسعد بكل تأكيد بنجاة ريان وستحزن على وفاته مستشعرة حال والدته المسكينة، لكنها وحدها من تدرك حقيقة مشاعر العالم، وتعرف أنها نفاق لا أكثر، إنها مشاعر لا تستدعي موقفا، ولو كانت تستدعي لكان ريان المغرب مثل أي ريان في اليمن، “لا أفق يغطيه ولا قبر يواريه”

هذه الأسطر تكتب وطائرة تابعة للتحالف تحلق بالموت في سماء العاصمة صنعاء، حيث يقطن 8 مليون مواطن، بينهم 3 ملايين طفل/ريان، ولا يعرف كم ريانا منهم سيدفن في أنقاظ منزله.

وإذ كان العالم ينتظر بفارغ الصبر لحظات إنقاذ ريان المغرب من حصار البئر، كان 3000 طفل يمني مصابون بالسرطان وألفي  طفل مصابون بأمراض أخرى، والجميع يختنق في قعر حصار التحالف وبحاجة إلى من ينقذهم للعلاج في الخارج، أو يمد لهم ما يبقيهم على قيد الحياة، على الأقل لعام آخر، لربما ينفخ الله في صور هذا العالم ويبعث من أجداث التوحش الرأسمالي، ضميرا يقضا، فيغادرون الحياة وليسوا ناقمين عليها.

بينما كان العالم ينتظر إنقاذ ريان،ويتساءل كيف وضعه وهو يقضي خمسة أيام بلا أكل، كان 17 مليون يمني يفكرون من أين سيأتون بالوجبة التالية، لأن العالم حرمهم كل أسباب العيش.

 

 

 

أحدث العناوين

ضابط في البحرية الأمريكية يكشف تفاصيل معضلة بلاده في اليمن

قال الضابط السابق في البحرية الأمريكية جيمس دوروسي إن بلاده تواجه معضلة استراتيجية حيث تخسر في أول نزال بحري...

مقالات ذات صلة