ليست ناطحة سحاب في نيويورك، ولا مدينة أوروبية مبنية على أعلى قمة جليدية لتستقطب سياح العالم، إنها قرية ” الحطيب ” اليمنية البسيطة، لا يتجاوز عدد سكانها 400 فرد، وتوجد فوق السحاب.
نزار سمير – الخبر اليمني – خاص:
بُنيت قرية ” الحطيب ” على سفح جبل مرتفع جدًا، لدرجة تجعل السحاب كأنه يتساقط من تحتها.
وعلى الرغم من أن إرتفاعها يصل إلى 3200 متر فوق سطح الأرض، فإن جوها دافىء ومعتدل.
تقع قرية ” الحطيب ” شرق منطقة ” حراز “، التابعة لـ ” مناخة ” في العاصمة اليمنية ” صنعاء “، وتتميز بأنها منطقة جبلية تتكون من عدة قُرى وتحيطها أسوار عالية، تشبه القلاع.
وتعتبر هذه المنطقة الجبلية إستراتيجية منذ المملكة الحِميرية، وهي مملكة يمنية قديمة من عصور ما قبل الإسلام، حيث تقع في موقع مهم بين سهل تهامة الساحلي المحاذي للبحر الأحمر من الشام طولًا
إلى إقليم الحجاز من مكة وجيزان إلى صنعاء، لذا كان جبل ” حراز ” نقطة توقف مهمة للقوافل التجارية عبر التاريخ.
بناء القرية مرسوم كقلعة محصنة بمنازلها وجدرانها القوية اللاصقة بصخور جبال ” حراز “، مندمجًا مع المناظر الطبيعية بين الصخور والحقول الواسعة النابتة.
القرية كانت مركزًا لعائلة أسمها ” الصليحي “، وبُنيت في القرن الحادي عشر ليحتموا فيها من أي غزو قد يهاجم اليمن، حتى سكنها أهل قبيلة ” البهرة “، ومدفون بها زعيم القبيلة ” محمد برهان “، الذي يتوافد على القرية كل عام، آلاف من أتباعه لزيارة قبره الموجود في قرية ” الحطيب “.
و ” البهرة ” في اللغة الهندية تعني ” التاجر “، وسُمي أهل القبيلة بهذا الأسم لإنشغالهم بالتجارة، فقد تميزوا في الإتجار بالبن، ورغم أن عدد السكان ليس كبيرًا فإنهم يصدرون أجود أنواع البن اليمني.
البناء في قرية ” الحطيب ” له طراز معماري قديم، لكنها في الوقت نفسه تجمع بين اللمحة الأثرية للأبنية والتطور العمراني، ويوجد في القرية أكثر من خمسة مساجد وعدة فنادق ومطاعم سياحية، ومستشفى، وتتمتع القرية بحدائق ومتنزهات وبوابتي حراسة، ومباني أخرى عبارة عن شقق مفروشة، وموقف خاص للسيارات، وكهرباء خاصة بالقرية.
وأضيفت القرية في عام 2002 م إلى قائمة ” اليونسكو ” للتراث العالمي، في الفئة المختلطة بين ” الثقافية ” و” الطبيعية ” كموقع له قيمة عالمية إستثنائية، وكل ما حولها من مناظر ثقافية نادرة من جبل ” حراز ” و ” القاضي ” و” القناص ” و ” مناخة ” وغيرها.
