أبو بيروت:
لم تكن حماس لتتمكن من تحقيق الهجوم “المعجزة” بكل المقاييس، “طوفان الأقصى”، لو لم تُطَهِّر القطاع بداية من العملاء داخل حركة فتح (صيف 2007). فقد خاضت معارك بين الحروب وراكمت قوة مع بقية الفصائل، كما طهّرت التنظيم من الخونة وشنّت حربًا بلا هوادة على العملاء داخل الحركة، وحيَّدَت الشق الإخواني بفضل العبقري العروبي الوطني المخلص، الشهيد المقاوم يحيى السنوار.
وعلى خُطى حركة حماس، قرأت حركة أنصار الله المشهد اليمني بكل تمعّن واستشرفت الوضع الجيوسياسي في المنطقة بكل دقة، فاتخذت القرار المناسب بتصحيح مسار الثورة والفصل مع الأحزاب العميلة. وكان الحادي والعشرون من سبتمبر 2014 تاريخًا مفصليًا في طبيعة الصراع الداخلي الذي حُسِمَ لفائدة القوى الوطنية الحية والشعب الرافض للعمالة والهيمنة، والصراع الخارجي الذي تصدّى للعدوان الصهيو-أمريكي وأدواته الرجعية. كل ذلك ساهم في بناء الإنسان اليمني المقاوم عقائديًا وميدانيًا، وراكم قوة عسكرية، وارتقى بالعقل المبتكر في مجال التكنولوجيا الصاروخية. وبفعل ما تقدّم، كانت ولا زالت جبهة اليمن المساندة لغزة تدقّ المسامير في نعش العدو الإسرائيلي وتفرض معادلات جديدة على المستوى الإقليمي والدولي، ستُتَوَّجُ بإذن الله بالنصر المبين والبناء القومي التحرّري.
وللأسف، فإن بقية أجنحة المحور لم تتعلم من دروس التاريخ الحديث والحاضر، وخاصة حزب الله اللبناني الذي فرّط في فرصة 7 أيار 2008، ولم يحسم الموقف نهائيًا مع أجنحة إسرائيل والرجعية العربية في الداخل، وبقي يراعي توازنات هشة، وأطنب في النُبل مع خصوم، بل أعداء متربصين به دائمًا. حتى حانت الفرصة لهؤلاء فبدأوا ينهشونه من كل جانب، غير مقدِّرين لتضحياته وبيئته، وفرحين ومساهمين باغتيال قادته وأفضل ما أنجبت الأمة، وتتعمق المأساة الآن بالمطالبة بتجريده من سلاحه. إذا لم يتدارك الحزب الأمر ويكفّر عن أخطائه السابقة، ويترك جانبًا ما يُسمى بالسلم الأهلي، ويخوض حرب وجود بما تبقى من سلاح ولو لزم الأمر فصل بيروت والجنوب عن باقي لبنان كما هو حال اليمن، وإذا لم يقم بكل هذا ويرتكن إلى المظلومية والسردية الكربلائية، فإن كل نفسٍ مقاومٍ من كل الطوائف سيلقى مصير الساحل السوري.
وعلى ذكر سوريا، فإن حزب الله خسر كثيرًا برهانه على هذا البلد مثله مثل إيران فخذلهم نظام الأسد البعثي وباعهم للعدو، فاغتيل خيرة المجاهدين وعلى رأسهم عماد مغنية والقنطار والمستشارون الإيرانيون، والعظيم قاسم سليماني، ثم لاحقًا الرئيس رئيسي ووزير خارجيته، وفتحت الساحة الإيرانية واللبنانية في وجه الاستخبارات الغربية انطلاقًا من الجغرافيا السورية.
ولولا رعاية الله لصدق المجاهدين والقادة، لمُحِقَت المقاومة اللبنانية ولسقطت الجمهورية الإسلامية في إيران عند أول يوم من حرب الـ12 يومًا.
نرجو من كل المقاومين في كل الساحات أخذ الحيطة والحذر، فلم يقدر العدو على هزيمتنا عسكريًا وسياسيًا ونفسيًا، وإنما ضربنا في مقتل أمنيًا نتيجة العمالة والخيانة وتكالب الرجعية. فلا صلح، لا تفاوض، ولا اعتراف، لا بالعدو ولا بفرقاء الداخل ولا بإخوة الانتماء الرجعيين والمنبطحين والمطبعين، وعلى رأسهم حكام سوريا الدواعش والسليمانيين.
قالى تعالى: “كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبون فيكم إلاً ولا ذمة”. صدق الله العظيم.
كاتب من تونس