حل الدولتين.. بوابة التطبيع وتفريغ القضية من جوهرها

اخترنا لك

| أبو بيروت

توالى التهليل والتصفيق والتكبير خلال انعقاد مؤتمر حل الدولتين في الأمم المتحدة لدى اعتراف عدد كبير من الدول بما سُمّي «دولة فلسطين». يرأس هذا المؤتمر فرنسا الاستعمارية العنصرية التي اكتوت ولا زالت بنيران المقاومة الجزائرية والمملكة السلمانية رائدة الخيانة والعمالة وقاطرة قطار التطبيع مع «إسرائيل».

الدول «الكبرى» التي بادرت بالاعتراف ذات وزن سياسي واقتصادي وعسكري مهم في العالم، قادرة على تمرير القرار وتنفيذ المشروع.

هذه الدول تشترك أيضًا في خاصية استثنائية تتمثل في إبادة شعوب بأكملها لاستيطان أراضيها أو قتلها بالملايين ونهب ثرواتهم بحروب كونية دمرت العالم وأسفرت عن ولادة الأمم المتحدة ومجلس الأمن كمنظمتين وُجدتا لحماية مصالح هذه الدول وفرخت كيانًا لقيطًا مشوّهًا بقرار في سابقة خطيرة.

خلال كلماتهم من على منبر الأمم المتحدة أدانت هذه الدولة طوفان الأقصى واعتبرته عملاً إرهابيًا غير مبرر (كلمة كل من رؤساء البرازيل وإيطاليا وأمريكا)، قبل أن تطالب بتحرير «الرهائن» كشرط لوقف العدوان الصهيو-أمريكي المدعوم من هذه الدول.

وفي مفارقة عجيبة اشترطت هذه الدول العظمى أن تقام الدولة الفلسطينية على 20% فقط من أرض فلسطين التاريخية بعد نزع سلاح المقاومة وحل كل الحركات الفلسطينية عسكريًا وسياسيًا، فتكون بذلك كما طالب عميل الاستخبارات الإسرائيلية محمود عباس (الذي تفاخر يومًا بأنه لم يحمل مسدسًا قط) عبر الفيديو لأنه منع من الحضور بقرار أمريكي؛ دولة منزوعة السلاح. ما السر وراء هذا الانقلاب المفاجئ في مواقف هذه الدول الاستعمارية والرجعية العربية تجاه القضية الفلسطينية؟ بالتأكيد ليست صحوة ضمير ولا تطبيقًا للشرعية الدولية ولا استجابة لضغوط الشارع الغربي بالخصوص على أهميتها ونحن نباركها ونحييها.

إن السبب الرئيسي هو صمود المقاومة في وجه المشروع الصهيو-أمريكي ومنع الاحتلال من تحقيق أهدافه في حربه الوجودية، واتساع رقعة المقاومة السلمية عبر العالم وخوف الدول «الكبرى» من تداعيات تحركات شوارعها على بقاءها في السلطة. والأهم من كل هذا والمخفي عن التداول هو أن هذه الدول ومن خلال أجهزتها الاستخباراتية ومراكز بحوثها تعرف جيدًا أن الكيان الصهيوني في حالة انهيار وشيك عسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا بفعل الضربات العسكرية التي تلقاها ولا يزال يتلقاها من المقاومة الفلسطينية واللبنانية وإيران، وحرب الاستنزاف التي يشنها اليمن العنيد عليه، وكذلك المقاومة الشعبية بشتى الوسائل على امتداد العالم (أسطول الحرية المبحر الآن وقصفه بالمسيرات خير دليل).

تريد الدول الداعمة للعدو أن تجمد الجبهة الفلسطينية بطعم الاعتراف بالدولة للتفرغ للبنان لتحييده عن الحرب الأساسية التي ستخاض ضد إيران لتجريدها من كل أدوات القوة والردع، وبذلك يحقق نتنياهو حلمه التوراتي بقيام إسرائيل من النيل إلى الفرات، والمتقاطع مع هدف حلف الناتو في القضاء على القوى الإقليمية المقاومة للتفرغ لمعركته الكبرى مع الصين وروسيا.

هذا الغرب الاستعماري لم يستفد من دروس التاريخ ولم يستوعب نواميس الكون والحكمة الإلهية (وتلك الأيام نداولها بين الناس) رغم اختباره لإرادة الشعوب في الجزائر وفيتنام وأفغانستان والعراق واليمن. لن نرضى إلا بفلسطين كل فلسطين محرّرة من البحر إلى النهر بمقاومة أبناء أمتنا العربية والإسلامية، ولن نستجدي أنصاف الحلول من جلادينا، وسوف يأتي اليوم — وهو ليس ببعيد — الذي نحاسب فيه كل من أجرم في حق أمتنا وخانها. المجد والخلود للشهداء والتحية لغزة الأبية وكل المرابطين والقابضين على الزناد، والدعوة لشعوب الأمة لمزيد من المقاومة والصمود

أبو بيروت – تونس

أحدث العناوين

دراسة : التعرض للهواء النظيف يحسن النظر لدى الأطفال

كشفت دراسة أجراها باحثون بجامعة برنجهام البريطانية، أن تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال، حيث يساعد الهواء النظيف على...

مقالات ذات صلة