في الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتجدد ملامح التحوّل العميق الذي أحدثته المواجهة في بنية الصراع العربي–الإسرائيلي، حيث لا تزال الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة تمثل، بحسب توصيف فصائل المقاومة، أفظع حرب إبادة جماعية في التاريخ المعاصر، بعد مرور عامين على اندلاعها دون أن ينجح الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة.
طوفان الأقصى -الخبر اليمني:
فعلى الرغم من حجم الدمار والمجازر التي طالت المدنيين، لم يتمكّن الاحتلال من كسر إرادة الفلسطينيين أو القضاء على المقاومة، التي تحوّلت إلى عنوانٍ للصمود الشعبي والعسكري. هذا الثبات، وفق مراقبين، مثّل صخرةً تحطمت عليها مشاريع الاحتلال ومخططاته، وأعاد رسم موازين القوة في الميدان.
وقد شكّلت معركة طوفان الأقصى منعطفًا حاسمًا في تاريخ الصراع، إذ جاءت كردٍّ مباشر على سياسات القمع والتهجير والاستيطان، وكشفت زيف الأسطورة التي نسجها الاحتلال حول قوة جيشه وتفوّقه الاستخباري والعسكري. كما أظهرت أن المقاومة الفلسطينية باتت تمتلك بنية تنظيمية وميدانية قادرة على خوض مواجهة طويلة النفس، متكئة على حاضنة شعبية واسعة.
وبينما يتمسّك الفلسطينيون بـخيار المقاومة كخيار استراتيجي، تبرز دعوات واسعة إلى دعم هذا المسار سياسيًا وجماهيريًا في العالمين العربي والإسلامي، من خلال التحرك الشعبي والإسناد الميداني والإعلامي. فقد باتت معركة الطوفان نموذجًا ملهمًا لحركات المقاومة الإقليمية التي ترى في وحدة الجبهات وسيلةً لإعادة التوازن في مواجهة الاحتلال والهيمنة الغربية.
ولا ينفصل هذا المشهد عن امتداد محور المقاومة في الإقليم، من اليمن ولبنان إلى العراق وإيران، حيث عبّرت تلك القوى عن دعمها الثابت للقضية الفلسطينية، في إطار ما بات يُعرف بمعادلة الردع المتبادل مع الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد عامين على اندلاع الطوفان، يتأكد أن ما جرى لم يكن مجرّد معركة عسكرية عابرة، بل تحوّل استراتيجي في مشروع المقاومة الفلسطينية، أعاد تعريف مفهوم الردع، وفتح أفقًا جديدًا أمام فكرة التحرير، رغم حجم التضحيات الهائل.
لقد رسّخت ذكرى السابع من أكتوبر مكانتها كمحطة تاريخية فاصلة، أكدت أن المقاومة ما زالت قادرة على فرض معادلاتها، وأن القضية الفلسطينية، رغم كل محاولات التصفية، لا تزال حية في وجدان الأمة، تنتظر لحظة العدالة والانتصار.
