تعيش الساحة اليمنية والإقليمية خلال هذه الفترة لحظة فارقة تتقاطع فيها الحسابات السياسية بالتحولات العسكرية فيما تتزاحم التقديرات الدولية في محاولة قراءة مسار الأحداث وتقدير الموقف الراهن وحسابات السلم والحرب ضمن مسار الحرب على اليمن وهي الحرب التي بدأتها السعودية ضمن تحالف دولي عريض ولم تخمد قط منذ أكثر من ١٠ أعوام.
خاص-الخبر اليمني:
أمام هذا الوضع وفي محاولة لاستقراء هذه السياقات وتفكيك الموقف المشكل قدّم مركز “سوفان” البحثي الأمريكي خلال الساعات الأخيرة قراءة تحليلة بحثت آخر تطورات المشهد اليمني في الجنوب ونوايا تحالف الحرب على اليمن بقيادة السعودية مشتملة تحذيرات صريحة للرياض وأبوظبي من عواقب أي تصعيد محتمل ضد صنعاء.
وقد جاءت هذه القراءة لتؤكد في فحواها أنّ اليمن بات محوراً رئيسياً في معادلة الأمن الإقليمي وأنّ التحركات العسكرية والسياسية الأخيرة لقوى تحالف الحرب على اليمن وداعميه الدوليين وأدواتهم في الداخل اليمني تسعى لإعادة رسم شكل الدولة اليمنية ومشهد الحرب على البلاد عامة، زاعمة في الوقت ذاته وجود انقسامات عميقة بين الرياض وأبوظبي وهو ما تنفيه صنعاء وتعتبره مقدمة تضليلية تمهد لتحرك عدواني ضد اليمن.
يزعم المركز أنّ الهجوم المفاجئ الذي نفذته قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في حضرموت مؤخرا يعكس حقيقة انفجار التوترات القديمة بين أبوظبي والرياض ويكشف عن أول تغيير جوهري في المشهدين السياسي والعسكري منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين صنعاء والرياض عام ٢٠٢٢ كما توضح قراءة المركز أنّ تقدّم قوات المجلس نحو سيئون وسيطرتها على القصر والمطار والمنشآت النفطية وصولاً إلى أطراف المهرة يعكس توجهاً انفصالياً تعمل أبوظبي على ترسيخه عبر دعم المجلس الانفصالي الذي تأسس عام ٢٠١٧ بهدف إعادة إنتاج دولة الجنوب السابقة وتقسيم البلاد خدمة لأجندات خليجية غربية.
يقول المركز صراحة إنّ سنوات الحرب ضد صنعاء شهدت تجاوزاً مؤقتاً للخلافات بين حكومة التحالف والمجلس بدعم سعودي إماراتي مشترك غير أنّ الهجوم الأخير فجّر هذا التماسك بعدما أكدت مصادر سعودية للمركز بدء سحب وحدات عسكرية من مناطق المواجهة باتجاه العمق السعودي في خطوة زعم المركز أنها مؤشر على تراجع التنسيق العسكري بين الحليفين.
ووفقا لسوفان فإنّ محافظة حضرموت التي تمتلك نحو ٨٠ بالمئة من احتياطي النفط اليمني باتت تمثل محوراً رئيسياً في مسار المفاوضات إذ تطالب صنعاء بحصة ثابتة من العائدات لتمويل رواتب الموظفين في الجنوب وأن التحرك العسكري للمجلس الانتقالي محاولة واضحة لإفشال محادثات الرياض وصنعاء وتمكين المجلس من فرض واقع ميداني جديد قبل أي اتفاق نهائي.
ويرى المركز أنّ الإمارات وحلفاءها يوسعون جهود السيطرة على الموارد والموانئ والمواقع النفطية اليمنية لاستخدامها كورقة ضغط على المناطق الشمالية لإجبارها على تنازلات إضافية فيما يرى محللون نقل عنهم المركز أنّ أبوظبي تتحرك لإضعاف حكومة التحالف ـ حكومة العليمي ـ أو تجاوزها بسبب ارتباطها بجماعات تعتبرها الإمارات معادية ـ الإصلاح.
وفي المجمل، قراءة المركز هذه والتي تجاهلت التصريحات السياسية لصنعاء التي تنفي وجود خلاف حقيقي وجوهري بين قوى تحالف الحرب على اليمن ممثلا بالسعودية والإمارات شددت على أنّ أي تصعيد ضد صنعاء سواء بقرار خليجي وفعل مباشر أو عبر الأدوات سيقود إلى تداعيات واسعة منها استئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة على السعودية والإمارات وبحزم.


