أمريكا وغرور القوة المطلقة ترامب والمزاج الأمريكي 2-2

اخترنا لك

محمد ناجي أحمد:

إنها القومية الأمريكية المثيرة للمشاكل والرغبة في الثرثرة .كما يصفها اليكسيس دو تكفيل في ثلاثينيات القرن التاسع عشر . وهي قومية وليست وطنية ،فالوطنية بحسب فهم الأمريكان تشير إلى الماضي ،وهم قومية بطموحات مستقبلية . وهو فهم على النقيض من رؤية (محمد عابد الجابري ) للقومية العربية ،وفهمه لها أيديولوجية ماضوية ،فالدولة القطرية لديه هي الحاضر والمستقبل ،وهي الحقيقة الواقعية والدولية .”مسألة الهوية ” محمد عابد الجابري –مركز دراسات الوحدة العربية 1995م.
القومية بالنسبة للأمريكيين هوية الحاضر والمستقبل والطموح الدائم للغلبة.
الفارق بين (بوش ) الابن و(ترمب) هو أن الثاني اهتم بغطرسة أمريكا خارجيا من أجل دعم اقتصادها داخليا ،في حين أن بوش الابن أغفل الاقتصاد واهتم بالغطرسة الخارجية .
ما يصنعه (ترمب ) هو امتثال للعقيدة الأمريكية التي تعيد خلق العالم من جديد بصورة شمولية ، تعبر عن القوة والنفوذ إلى أقصى حد ممكن ، بوسائل متعددة الجوانب حرصا على عدم تداعي هيمنتها المكتسبة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية .
تنتهج الإدارات الأمريكية المتعاقبة نهجا أصوليا في صياغة الخطاب السياسي ،بلغة دينية ،فيها الكثير من التناصات مع المقولات الدينية من العهدين القديم والجديد . لقد صرح (بوش) الابن في حربه على العراق أنه يعبر عن “الإرادة الإلهية ” بل وقال ” من ليس معنا فهو ضدنا ” وهو قول في الأصل منسوب للمسيح . في ثنائية مانوية للخير والشر والظلام والنور .،بل إن كاتب خطابات بوش الابن (ديفيد فروم ) ألف كتابا سماه ” نهاية الشر” صادر عام 2003م .
تكثر تناصات (بوش )الابن مع أقوال المسيح مما يجعله أكثر شبها ب(ريغان ) الذي حارب واسقط ” مملكة الشر” عن طريق سباق “حرب النجوم ” لقد كان بوش الابن يصوم عن أكل الحلوى طالما قواته في العراق .
من هذا المزاج الديني الممزوج والموظف في المصلحة تنطلق الإدارات الأمريكية في موقفها من فلسطين ،وتتحدد عقيدتها ب”إسرائيل أولا”.
الفلسطينيون والعرب بالنسبة لأمريكا ليسوا سوى إرهابيين ،ففي 6 آيار / مايو 2002م وفي ذروة العنف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين صرح
( مجلس الشيوخ ) بأنه ” يقف متضامنا مع إسرائيل ،الدولة التي تشكل الخط الأمامي في الحرب ضد الإرهاب ،وفي وقت تأخذ الخطوات الضرورية لتأمين سلامة شعبها من خلال تفكيك البنية الارتكازية للإرهاب في المناطق الفلسطينية ” ص234-235- أمريكا بين الحق والباطل .
لم يعد شعار ” الأرض مقابل السلام “هو المطروح أمريكيا وإسرائيليا ،وإنما المطروح هو شعار ” السلام مقابل السلام ” فالانسحاب من الأرض يعني بالنسبة لهم “انسحاب ثقافي واقتصادي وسياسي وعسكري ودبلوماسي ” وهم يريدون التمدد في هذه المجالات لا الانكماش .
إسرائيل كأمريكا ،ككل الحروب الصليبية والاستعمارية ،تنطلق من شعار ” الله معنا ” هكذا قال بسمارك وهتلر وبن جوريون وريغان وبوش الابن وترامب . فمن أجل الانتصار ب “الحديد والنار قالوا ” إننا لدينا مهمة مقدسة للحضارة .بحسب (روجيه جارودي ) في كتابه ( محاكمة الصهيونية الإسرائيلية ) الصادر عن دار الشروق 1999م . فإن مستعمري أمريكا بحسب قوله –يتذكرون (يشوع ) ومهمته المقدسة للقضاء على الفلسطينيين والأمم الأخرى . وكذلك صنع جورج بوش الابن حين قال ب”أنه يستمع إلى صوت الرب “في احتلاله للعراق .
الصهيونية هي الأقرب في التكوين والتفكير إلى الإدارات الأمريكية ،بل إنها أكثر من ذلك تزعم أن فلسطين أعطاها لهم “إله لا يؤمنون به ” فالصهيونية علمانية في دوافعها وأهدافها ،دينية في توظيفها للأساطير اليهودية .
لقد كان (هرتزل )بحسب (جارودي )في كتابه آنف الذكر –مشروعا استعماريا بحتا ،يستثمر الدين ولا يؤمن به ” كتب هرتزل إلى سيسيل رودس في يناير عام 1912م ” لماذا أتوجه إليك ؟ لأنه مشروع استعماري. وأنا أطلب منك أن تعطي المشروع الصهيوني كل الثقل الذي تمثله سلطتك “ص33.
يقول هرتزل في كتابه ( الدولة اليهودية ) ” من أجل أوروبا ،سوف نبني هناك حاجزا في مواجهة آسيا ،سنكون حراس المقدمة للحضارة ضد البربرية ” جارودي –المرجع السابق.
وما الجدار العازل في فلسطين إلا ترجمة عملية لوعد (هرتزل ) يقول يوسف فايتس مدير الأمن القومي اليهودي في يوميات ” أرض إسرائيل بلا عرب ،لأنه لا يمكن أن يكون هناك حلول وسط …يجب طرد العرب إلى الضفة الشرقية وسوريا والعراق ” ص53- جارودي المرجع السابق .
إن المنطق الديني “لإسرائيل الكبرى ” بمساندة أمريكية مفتوحة وبلا شروط ،يمكن أن يعمل كمفجر لحرب عالمية ثالثة ،أو بحسب تعبير هانتنجتون (الحرب الحضارية الأولى ) أي صراع الحضارات بدلا عن الصراع القومي والطبقي .

 

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

حزب الله يرد على تهديدات الاحتلال بكشف اخطر العمليات ضد قواته

وجه حزب الله اللبناني، الخميس، اقوى صفعة للاحتلال الإسرائيلي مع كشفه اخطر العمليات للحزب في عمق المستوطنات على طول...

مقالات ذات صلة