طمس التاريخ روائيا..

اخترنا لك

الخبر اليمني:

محمد ناجي أحمد:

علاقة الغربي عمران بالسردالروائي والتاريخ كعلاقته باللغة والنحو ،فكما أن مفرداته وتراكيبه لاتكاد تبين بسبب ضعف وركاكة الصياغة ،وخلطه بين العامية والفصحى في المفردات والتركيب والحروف، كادخاله حروف الجرعلى بعضها ،
كذلك في حكيه جفاف في المتخيل،واستسهال في العبث بذاكرة وطن .هو لايخلق نصا موازيا للسرديات التاريخية،لكنه بكل سطحية يعبث بالتاريخ ،وهو لايقرأ ما بين السطور كما زعم في حوار له بصحيفة الشرق الأوسط لكنه يطمس كل ما هو بين ومكوِّن للشخصية الوطنية أو للتراث كما في أعماله “مصحف أحمر ،الثائر ،ظلمة يائيل ،مسامرة الموتى”.
المواقف والإحالات والإيحاءات والإشارات المثلية تتكرر في أعماله مما يعطي مجالا لقراءتها وفق منهج نفسي كعقدة تعكس نفسها وظيفيا في كل رواياته !

في رواية “الثائر”يقدم “الغربي “مرحلة “السلال 62-67م”روائيا بالدولة البوليسية في موازاة ذلك ينتصرفي خطاب الرواية لمؤتمري “عمران 64م””وخمر 65م”في مسايرة وانسياق مع مقررات قوى خمر .

يتناغم في أعماله وفقا لما تبتغيه السعودية ومشيخات الخليج التي تنظر للتاريخ والتراث اليمني بعدائية وسعي لتدمير ما تبقى من آثار ومعالم تاريخية تذكرنا بهدم المسجد الجامع في (ثعبات مدينة الملوك)الرسولية ،ثمانينات القرن العشرين واستبداله بجامع وهابي ،مما جعل من ثعبات قلعة اليساريين في السبعينيات والثمانينيات إلى ثكنة لتخريج التطرف باسم الدين .لقدتركت معالم وآثار الدولة الصليحية تتداعى عمدا،لتأتي جماعاتها الجهادية لتزيل قبة عبد الهادي السودي ،ومنتزه المؤيد ،أحد ملوك بني رسول ،والذي يشاع خطأبين الناس أنه قبة “الشبزي”.
يحضرني هنا ما قاله “جلال أمين “في كتابه “شخصيات لها تاريخ
“إن احترام الأمة لتراثها هو احترام لنفسها ،والعبث بالتراث هوتحقير للذات واستخفاف بها “وهو ما ينطبق على أعمال الغربي عمران الروائية.
فالعبث بالتاريخ هو عدم احترام لهذه الأمة ،وهو استخفاف بها وتشويه متعمد لضميرها الوطني بحجة أن القص عمل متخيل وليس تاريخا ،والحقيقة أن التاريخ ذاته لايخلو من الأساطير ولا من القص الموازي والمزاحم والنقيض .

ما يزعمه “الغربي “أنه خيال هو سرديات مزاحمة للتاريخ ،تحاول أن تنال منه باسم الرواية والتخييل .
لاينسى “الغربي”أن يصور لنا “المحقق”في سجون مرحلة السلال “حامل السوط”بأنه مدمن على الخمر ،وأنه يعاقرها في المكتب الذي يمارس فيه التحقيق والتعذيب ،وهي مزاعم نجدها في مذكرات النوفمبريين وتحديدا في مذكرات “اللواء حسين المسوري”حين يتناول قوات الصاعقة والمظلات !

تنطلق الرواية في خطابها من موقع وموقف الكيان السعودي والقوى التابعة له في “مؤتمرخمر “في إدانة الثورة السبتمبرية خلال 62-67م والترويج أن رجالاتها خارجون عن الدين ومتوحشون في تعذيب المختلف معهم ،والمؤلف حين يقدم هذه الحقبة لايتناول أخطاءها في الأيام الأولى ،وطريقة الإعدامات لرموز المملكة المتوكلية ،ورميهم في حفرة بحسب ما ذكره “عبد الله الراعي “احد الضباط الأحرار،لكنه يدين هذه المرحلة من موقع الرجعية اليمنية والعربية ،فيقدمهاعلى أنها فتحت السجون للاعتقالات والتعذيب والاعدامات الجماعية بتهمة الارتباط برموز مؤتمر خمر .هو يحاكم مرحلة السلال من موقع جمهورية 5نوفمر 1967م ،أي الجمهورية التي صُنِعَت سعوديا ،وإن اتخذت من القاضي عبد الرحمن الإرياني لافتة مرحلية سرعان ماضاق بهم وضاقوا به ،فنفوه إلى سوريا.

يختلق “الغربي “تاريخا قمعيا تعرض له رموز مؤتمر خمر ،والتي ظلت تحت مسمى “محاربة التدخل المصري في اليمن ” تناوئ أهداف الثورة اليمنية ،ابتداء من اتخاذ النظام الجمهوري وبناء جيش وطني ومرورا بإزالة الفوارق الطبقية ووصولا إلى تحقيق الوحدة اليمنية على طريق الوحدة العربية الشاملة .
يسطو الغربي على شخصيات وحكايات رواية الرهينة لزيد مطيع دماج ، متبعا لخطابها وشخصياتهاو حكاياتها في تقديم المدرسةفي العهد المتوكلي بصورة الانحلال الاخلاقي ، فالمدرسة العلمية ليست سوى شبكات للانحراف من التلاميذ والمعلمين وصولا الى سيوف الاسلام ،ونساء القصر !هو يستعيد من خلال شخصية (شيزان) ما كانت الرهينة قد قالته عن طريق (الدويدار الحالي) ويحل (الشاويش )محل (الطبشي )!

لقد قرأت كل ما أنجزه الغربي عمران روائيا وبعض مجموعاته القصصية ،لكنني مع رواية “الثائر ” أجد في قراءتها جلدا للذات لغة وسردا ووصفا.
في شخصياتها تجده يختار اسم “شيزان”وهو تعمد في غرائبية الاسم ومحمولاته الجنسية .
وهو ما يجعلنا نقف مع روايته” ظلمة يائيل “.
فالقارئ للرواية سيجدها من حيث البناء للشخصيات وتعدد الأديان والمذاهب تكاد أن تتماهى مع رواية “مصحف أحمر “فهناك تتداخل الأديان برمزية المصحف الأحمر مع الايديولوجيا ،وهنا تتداخل الأديان مع المذاهب مع التاريخ ،وفي الروايتين سيجد القارئ الطموح السردي متجاوزا للغة تشكل عائقا سرديا في العملين ،وسيجد حضور الجنس بإيماءاته المثلية ،وكأنّ الروايتين جزءان لعمل روائي …
وبالرغم من أن الطبعة التي قرأتها هي الطبعة الخامسة الصادرة عن مركز عبادي ،أي أنها مصححة ،الاّ أن الكثير من الأخطاء الإملائية والنحوية لم يتم تجاوزها …
الاستقصاءات الجغرافية لم تكن مستثمرة فنيا وإنما جاءت امتدادا كميا كأنك أمام جغرافي يستعرض الأمكنة وتواليها من اليمن إلى مكة إلى الشام …،وأما من حيث الاسقاط الزمني فهو ممكن في العمل السردي ،ولأن الرواية ليست صورة فوتغرافية للزمن بفواصله وحدوده ،أي أن التداخل في الأزمنة عمل فني وليس عيبا سرديا…
هناك مشكلة واضحة في استخدام التاريخ بتحيزات المؤلف الضمني ،وهي ملفتة في الرواية …
فالقصة القصيرة بحكم لغتها المكثفة وشعريتها ومفارقاتها تبدو أكثر تحد من الرواية التي تتمدد باللغة والتحليل لهذا يبدو الغربي في اعماله القصصية اشد تواضعا من اعماله الروائية.
وظيفة الأصابع والإيماءات في الإيحاء بالعلاقات المثلية متماثلة بنائيا في كل اعماله الروائية .

 

*نقلا عن صحيفة لا

أحدث العناوين

آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزّة في يومه الـ 200

دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، يومه الـ200 إذ شنت مقاتلات الاحتلال سلسلة غارات على مناطق متفرقة...

مقالات ذات صلة