«إسرائيل» تفشل في تضليل المجتمع الدولي لابتلاع القدس

اخترنا لك

الخبر اليمني :

رزح مدينة القدس منذ خمسين عاماً تحت الاحتلال الصهيوني، وما زالت تتعرض لحملات تهويد يومية تشمل معالمها ورموزها التاريخية والدينية، ويأتي المسجد الأقصى وكنيسة القيامة في مقدمة هذه المعالم، وعلى مدار هذه العقود الطويلة لم تيأس الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية من التصدي بوسائل مختلفة، لوقف هذه الهجمة الشرسة التي بدأت منذ ما قبل الاحتلال، وقبل قيام الكيان الصهيوني بسنوات، وتحديداً منذ بدء مرحلة الانتداب البريطاني رسمياً في عام 1922، حين سمحت سلطات الانتداب بتقوية شوكة المستوطنين اليهود في القدس وباقي مناطق فلسطين، وبسط سيطرتهم عليها تدريجياً.
وقبل ذلك كان ل«وعد بلفور المشؤوم»، الذي أبرمته حكومة المملكة المتحدة مع ممثل الحركة الصهيونية، الأثر الأكبر في رفع عدد اليهود المستوطنين في فلسطين والقدس ورفع أعداد المهاجرين إليها منهم. وبعد أن أعلنت بريطانيا عن إنهاء انتدابها لفلسطين عام 1948م، استغلت العصابات اليهودية حالة الفراغ السياسي والعسكري، وأعلنت قيام الدولة «إسرائيل» في فلسطين وهو ما كان إعلان حرب بين العرب واليهود. وفي حرب 1948، قُسمت القدس إلى شطرين: جزء غربي يخضع لكيان الاحتلال، وجزء شرقي ظل تحت ولاية الأردن. وطوال الفترة من 1948 إلى 1967، ظلت القدس الشرقية محط أطماع العصابات الصهيونية والمستوطنين، وبعد احتلالها بالكامل تم فتح باب الهجرة لليهود ليدخلوا المدينة المقدسة دون قيود. وتحت الاحتلال، شنت «إسرائيل» محاولات عديدة لتهويد القدس عبر تزوير المعطيات التاريخية بالزعم أنها ذات أصول عبرية، وتحت هذه الذريعة تمت مصادرة الأراضي وهدم المنازل بعد تهجير أهلها وإنشاء بؤر استيطانية كبيرة.
ووفقاً لتقارير من داخل الكيان نفسه، فقد أقدمت سلطات الاحتلال بعد ثلاثة أسابيع من احتلال عام 1967، بسن قوانين، وحاولت تضليل المجتمع الدولي لجعل احتلال القدس أمراً واقعاً، وقد فشلت في هذا المسعى بدليل موقف اليونيسكو يوم أمس. ومما يذكر من أساليب التضليل الصهيوني، أن وزارة الخارجية «الإسرائيلية» أرسلت برقية بعد 1967 إلى سفرائها حول العالم تدفعهم إلى وصف هذه القوانين بأنها عملية «دمج إداري» من أجل استمرار الخدمات. وطلبت «إسرائيل» من مواطنيها استخدام لفظ «municipal fusion» وهي تعني «توسعة حكومات المدن لحدود المدن التي تتبعها بضم المناطق المتاخمة لها، التي لا تتبع مدن أو قرى أو بلديات الآخر»، بحسب ما كشف موقع «آكيفوت» الصهيوني، والدافع إلى هذه السياسية كان شعور سلطات الاحتلال بالقلق من الصورة التي سينظر بها المجتمع الدولي لهذه القوانين. ووفقاً لبرقية لاحقة إلى السفراء، فقد كانت المخاوف من أن ينظر العالم إلى الإجراءات الصهيونية على أنها احتلال، وهو ما كان يجري في مناسبات عدة، وخاصة في اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة.
وبالرغم من كل المحاولات والمخططات لتهويد القدس منذ وقوعها تحت الاحتلال- لم يستطع المحتلون «الإسرائيليون» السيطرة إلا على نسبة تقارب ال20% من مساحة القدس القديمة، في حين أن ال 80% الباقية هي ملكية عربية فلسطينية، وإن الاحتلال يفرض سيطرته عليها بالقوة العسكرية فقط. وبالتالي، تبقى السيادة هي للشعب الفلسطيني، المالك الحقيقي للعقارات والأراضي في المدينة، كما أن المقدسات، سواء أكانت إسلامية أم مسيحية- فهي تخضع لجهات فلسطينية. ومنذ عام 1967، توالت الاعتداءات بحق القدس، وكان أعنفها عندما أقدمت قوات الاحتلال يوم 21 أغسطس/ آب عام 1969 بإحراق الجناح الشرقي للجامع القبلي، لتلتهم النيران كامل محتويات المسجد الأقصى. ولم يؤثر الحريق على سجاد المسجد ومنبر صلاح الدين الأيوبي، والخشب المستخدم في بنائه فحسب، بل أضر كذلك بالزخرفة النادرة على جدرانه، كما تضرر البناء بصورة فادحة، ما تطلب سنوات لترميمه وإعادة زخارفه كما كانت. وأهم الأجزاء التي طالها الحريق داخل مبنى المصلى القبلي، فكانت منبر صلاح الدين الأيوبي الذي يعتبر قطعة نادرة مصنوعة من قطع خشبية، معشَّق بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو براغي أو أية مادة لاصقة.
وطال الحريق مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ومحراب زكريا المجاور ومقام الأربعين وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، إلى جانب جزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق. كما امتد الحريق إلى عمودين رئيسين مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، وكذلك القبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجبصية الملونة والمذهبة مع جميع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها، والمحراب الرخامي الملون، والجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليها.
وطال الحريق المدبر أيضاً ثماني وأربعين نافذة مصنوعة من الخشب والجبص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل على الجبص لمنع دخول الأشعة المباشرة إلى داخل المسجد، وجميع السجّاد العجمي. كما طال الحريق مطلع سورة الإسراء المصنوع من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب، ويمتد بطول ثلاثة وعشرين متراً إلى الجهة الشرقية، وكذلك الجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة.
وكانت هذه الجريمة هي الأعنف، لكن سبقتها مقدمات منها ما حصل في 1967، حين دخل الجنرال موردخ ايجور المسجد الأقصى المبارك هو وجنوده، ورفعوا العلم «الإسرائيلي» على قبة الصخرة، وحرقوا المصاحف، ومنعوا المُصلين من الصلاة فيه، وصادروا مفاتيح أبوابه، وأغلقوه على مدى أسبوع كامل منعوا خلاله الصلاة والأذان. وفي عام 1970، افتتحت سلطات الاحتلال كنيساً يهودياً جديداً تحت المسجد الأقصى يتكون من طبقتين.
وفي عام 1980، أعلنت «إسرائيل» ضَمّ القدس المحتلة إليها، وأعلنت عن القدس بشطريها عاصمة موحدة ل«إسرائيل»، وبعدها تتالت الجرائم والإجراءات، حتى عام 2000، حين دنس أرئيل شارون -رئيس الوزراء آنذاك- المسجد، ما فجر انتفاضة جديدة في الشارع الفلسطيني، أوقعت آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، وارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني أبشع المجازر.
ورغم القرارات الدولية والتضامن العربي والإسلامي مع القدس والمقدسيين وعموم فلسطين، يظل الكيان الصهيوني في سياسياته التوسعية والاستفزازية، وعشية التصويت على قرار اليونيسكو، أطلقت دول الاحتلال ما سمتها احتفالاتها بالذكرى 69 لاحتلال مدينة القدس والأراضي الفلسطينية عام 1948، وتم إيقاد الشعل التقليدية على «جبل المكبر» بالقدس المحتلة، مساء الاثنين.
وقال رئيس الكيان، رؤوفين ريفلين، في كلمة تهنئة خاصة بمناسبة الاحتفال، إن «إسرائيل» تمكنت خلال أقل من 70 عاماً من تحقيق الحلم الصهيوني الذي فاق جميع التوقعات، متابعاً: «السور الحديدي لجيش الاحتلال، والتغييرات الدرامية في المنطقة العربية، أدت لإبعاد جيوش الأعداء عن حدودنا، والمعركة الوحيدة المستمرة تتمثل في الحفاظ على متانة المجتمع الإسرائيلي»، وهذا الكلام يعني أن الصهاينة ماضون في مشروعهم المدمر، ولن يخضعوا لأي قرارات دولية أو احتجاجات مهما كان نوعها أو مصدرها.
نتنياهو محبط بعد قرار ال«يونسكو» ويصفه ب«السخيف»

شكل قرار «اليونيسكو» صدمة كبيرة للكيان «الإسرائيلي»، الذي حاول جاهداً إفشاله، ووصف رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، تصويت «يونيسكو»، أمس، على قرار يعتبر القدس الشرقية محتلة، ويرفض السيادة «الإسرائيلية» عليها بأنه «سخيف».
وقال نتنياهو، في بيان، إن «إسرائيل» أجرت خلال اليومين الماضيين اتصالات مكثفة مع زعماء ووزراء خارجية الدول الأعضاء في اليونيسكو.
وأضاف أن «هذا كان له الأثر في انخفاض عدد الدول التي دعمت هذا القرار مقارنة بالعام الماضي؛ حيث صوتت 32 دولة لصالح القرار، بينما انخفض الآن إلى 22 دولة»، مؤكداً أن «إسرائيل» ستواصل بذل جهودها للضغط على الدول الأعضاء في «اليونيسكو» لتصل نسبة التصويت إلى صفر في القرارات التي تدين «إسرائيل».

المصدر : وكالات

أحدث العناوين

كلمة مرتقبة لقائد الأنصار عند الـ 4 عصرا

من المتوقع أن يطلّ قائد حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي في كلمة عصر اليوم الخميس يتطرق من خلالها لآخر...

مقالات ذات صلة