عن فساد شركة صافر والتبرير العبيط

اخترنا لك

الخبر اليمني /

جمال حسن

عندما انكشفت مجاري الفساد في شركة صافر للجميع، ظهر محمد جميح في دور المنقذ الدون كيخوتي، لكن دون صفات النبالة لدون كيخوت وجوانب المرح فيها.
وهو الدور الذي يثبته كصحفي يسعى للتقرب؛ او لنقل انه متعهد حفلات الغاية منها التغطية على فضائح مجتمع الشرعية. وهو عنوان طويل جداً ومضحك. لكن البعض يقدم نفسه للاستخدام في مهمات ليست نظيفة؛ مثل الدفاع عن الفساد وبتلك الطريقة، في وجه وثائق ودلائل تدين وتفضح الكل، خصوصا وان التواطئ شهدته الاجراءات المباشرة للفضيحة. شيء مثل ذلك كان يجب ان يزلزل حكومة الشرعية لنعرف انها تعمل على الاقل تحت ضغط الإحراج، لكنها تعمل كما يبدو تحت ضغط النهب.
دعونا نتوقف عند الاستعباط الجميحي وإن خلى من بهرجة المكسجات، المؤثرات والخدع البصرية، ربما يكون محتوى شبيه بافلام السبعينيات الرخيصة. لنعود الى القصة الرئيسية.
انبهر اليمنيون امام وثائق اكدت وجود فساد في شركة صافر ونهب منظم للنفط الخام في مارب. تقول الوثائق انه تم ضبط شخص وهو يقوم بنهب النفط الخام، اعترف بتورط اشخاص داخل الشركة معه، لكن تم تسريحه وابقاء كل المدانين في الشركة. كما تحدثت وثائق عن عبث وصرف اموال ومخصصات بترول من الشركة وصرف شيكات باسم ابناء متنفذين في الشركة ليسوا موظفين، واهمال وتلاعب كلف الشركة عشرات الملايين من الدولارات.
مع هذا يقول جميح انه لا يوجد فساد، وعلينا تصديقه. بل اوحى لنا ان الوزير سيف الشريف مظلوم، ويريد فقط ان يحافظ على راتبه في الشركة رغم انه وزير. لا افهم ماذا يعني ذلك النوع من الاستعباط. 
قال انه اتصل بالوزير ومحافظ مارب ليتأكد من حقيقة ما تداوله الناس عن الفساد في شركة صافر، كما لو انها مجرد اشاعات.
حين يكون هناك وثائق وبراهين دامغة علينا ان نضع المتهم في قفص الادانة، وعندما تكون صحفي حقيقي ستسأله ما تعليقك، وتنشر اقواله ضمن الوقائع الواضحة لديك. هذا عن الامانة والمسئولية. لكن المجرم يستعين بشاهد الزور من اجل تكنيس قذارته. وهنا الفرق بين الصحفي المهني الذي يسعى لكشف القذارات، والمأجور الذي يسعى للتغطية عليها.
لكن ماذا حين تؤكد الدلائل الفضيحة او الجريمة؛ هنا دور شاهد الزور لا يقدم او يؤخر. وبدلاً ان تقوم الشرعية باجراءات صارمة ضد الفاسدين، قامت وكافأتهم. حتى ان وزير النفط سيف الشريف كشف عن تحيزه للفساد في الشركة، بعد ان كان تورطه مجرد اتهامات. ومنشور جميح تأكيد لتورط الوزير بالفساد رغم انه حاول التغطية عليها، ان كان نقل فعلا ما قاله الوزير. بالاضافة جر معه للفضيحة؛ شخص اخر هو محافظ مارب لنضع حوله الشكوك بالتورط في فساد شركة صافر. لأنها وثائق وليست مجرد اخبار واشاعات. براهين لم تأت بمعجزات ولا نحتاج لمعجزات حتى لا نصدقها. 
المخيف ان شبكة الفساد لن تكتفي فقط بازاحة احمد كليب المدير العام لشركة صافر، بل ستعمل على مسح قذارتها عبر التخلص من موظفي الشركة او ارهابهم. ويبدو ان شبكة واسعة من الفساد مستفيدة بينها شخصيات كبيرة في اعلى مراكز جهاز الشرعية. لن اذكر اسماء الآن.
ثم ان هناك استعباط فاضح؛ حين يتعمد صحفي او كاتب لاختلاق اشياء لم تكن موجودة. فقط من اجل ايجاد شيء يدحضه. مثلاً يقول ان التسريبات تقول ان سالم كعيتي مازال يدين لامين زبارة الذي وضعه الحوثيين مديراً للشركة بعد سيطرتهم على صنعاء، لأنه عينه مديراً للعمليات النفطية. لكن لا احد اثار ذلك سوى جميح نفسه او لوبي الفساد في الشركة. الكل يعرف ان كعيتي مدير للعمليات النفطية منذ عشر سنوات. 
ولأنهم لم يجدوا ما يدحضوه اخترعوا كذبات. بينما الحقيقة ان وزير النفط سيف الشريف ظل الحوثيون في الشركة يسلمون له راتبه حتى وهو وزير ضمن حكومة الشرعية في الرياض، وقبلها حين اعلن انضمامه لشرعية هادي. وهو نفسه تم استخدامه من الحوثيين عند سيطرتهم على صنعاء، باعتباره نائب المدير العام لشركة صافر. وعطفاً على ذلك الجميل، شدد في رسالته للمدير العام الجديد لشركة صافر سالم كعيتي، او الذي تمت مكافأته من لوبي الفساد بعد كشف الفضيحة؛ من الغاء كافة القرارات والعودة بالشركة الى ديسمبر 2014. بما يعني الاعتراف بقرارات الحوثيين وبصورة تخالف قرار الرئيس عبدربه منصور هادي التي تضمنت الغاء كافة القرارات العائدة للحوثيين. لن نقول ان الشرعية مخترقة بالحوثيين بل بالفساد الذي لا يعترف بمشروعية المال والمصالح.
ما قالته اللسان المستعارة؛ اي محمد جميح، هي مجموعة استعباطات ومغالطات زادت من تأكيد جرائم الفساد. وربما يكون جميح تصدى لمصلحة رجال الفساد بذات نفسه، او كما اوحى بذلك منشوره “اتصلت لوزير النفط ومحافظ مارب”.
اتذكر في عام 2012 ان صحيفة الشرق الاوسط اللندنية نشرت لقاء مع اللواء علي محسن الاحمر، لكن اجابات علي محسن، كانت تحمل الكثير من المصطلحات الغريبة عن ثقافته. لكن شخصاً ما تدخل لتزيين شخصية الجنرال فجعله مضحكاً. كتبت مقالة لمحت فيها لسكرتيره الصحفي الاستاذ عبدالغني الشميري، الاخير اتصل بي مؤكداً انه لا علاقة له بهذا الامر، ودون ان يحدد هوية الشخص الذي قام بتحرير الاجابات بتلك الطريقة الهزلية.
في الواقع، عرفت بعد ذلك؛ ان الصحفي الذي اجرى الحوار هو من كتب الاسئلة والاجابات بنفسه وارسلها لتنشرها صحيفة كبيرة كالشرق الاوسط. وهي فضيحة صحفية بحد ذاتها. والصحفي هو محمد جميح. واظن انه بذل مجهود في تنميق اجابات الاحمر واستخدم فيها مصطلحات غريبة عن خلفية عسكري وقبيلي، ثقافته محدودة. وهي لم تكن اجابات بتلك البعد الاستراتيجي، او ذات قيمة لرجل عسكري. بل غارقة في التنميق. لكن اسفافه المهني اصاب هدفه؛ اي سعيه في التقرب. لأن الجنرال شعر بسعادة انه يقول تلك الكلمات التي لم يكن يعرف معانيها، مدفوعاً بعقدة نقص. وجميح هو هذا الصحفي الذي يريد ألمعية من باب التقرب.
ولأكون صادقاً اشعر ببعض الإحراج لأني اتورط في الكتابة على بعض الانواع؛ وهي اشكالية ان تكون يمني؛ ستضطر لملامسة تفاهات. ولأكون مكيافيلياً سأقول الغاية من الفكرة تبرر الخوض في بعض التفاهات. اي لنواجه الفساد وندافع عن حقوق آخرين، سنخوض في التطرق لأشياء وعينات تافهة

من صفحة الكاتب على الفيس بوك

الخبر اليمني : أقلام

أحدث العناوين

صنعاء| كيف كان المشهد في ميدان السبعين في أول مسيرة جماهيرية بعد رمضان

تحت الأمطار الغزيرة، خرجت مسيرات حاشدة في العاصمة صنعاء وعدة محافظات يمنية أخرى، تأكيدا لاستمرار الدعم اليمني للشعب الفلسطيني،...

مقالات ذات صلة