الجهاد في سبيل «الناتو» (1/2): من أفغانستان إلى منهاتن

اخترنا لك

د.صادق القاضي:

في عروض السيرك، يقوم ساحر أنيق بكسر بيضتين على بعضهما، وصبهما في قبعة، ثمّ، وبحركة استعراضية رشيقة، يمد يده داخل القبعة، ويخرج حمامة سلام، يتركها تطير، وهو ينحني لتصفيق  الجمهور المنبهر بالأعجوبة.
في كواليس السياسة، قام «العم سام» بكسر بيضتي الإسلام السياسي (الوهابية والإخوان)، على بعضهما، وصبهما في مرجل الجهاد الأفغاني، وأخرج غول الإرهاب، دون التفات لسقوط ملايين الضحايا، وانسحاق أفغانستان حتى العظم!
مؤخراً، قالت هيلاري كلينتون إن ذلك كان ضرورياً: «فعلنا ذلك لأننا كنا عالقين في صراع مع الاتحاد السوفياتي، ولم يكن بإمكاننا أن نسمح لهم بالسيطرة على آسيا الوسطى»، وأضافت لشبكة «سي إن إن»: «استوردنا العلامة الوهابية للإسلام، ودعمنا تجنيد هؤلاء المجاهدين… وفي النهاية لم يكن استثماراً سيئاً، فقد أسقطنا الاتحاد السوفياتي».
هذا ما بات بديهية معلومة حتى للهواة، وبغض النظر عن وجود سوابق للإرهاب، ومواد خام جاهزة سلفاً، إلا أن أمريكا هي التي جعلت الإرهاب ظاهرة دولية، والجهاد الأفغاني هو القمقم الذي خرجت منه كل شياطين الإرهاب في العالم. 
غير أن واقع كون الجهاد الأفغاني كان أحد أسلحة حلف «الناتو» ضد روسيا، يفترض ضمناً انتهاء لعبة «الجهاد العالمي» بانتهاء الحرب الباردة، ومن ثمّ إحالة المجاهدين إلى التقاعد، كغيرهم من المخلفات العسكرية الأخرى.
لكن حلف «الناتو» لم يتفكك بتفكك حلف وارسو، وبالنسبة لأمريكا لم تنته حساباتها الدولية بانتهاء الحرب الباردة، فقد ظلت روسيا والصين ويوغوسلافيا وكوريا وإيران والعراق وسوريا… تشكل بالنسبة لها تحديات دولية يمكن التعامل، مع بعضها على الأقل، بسلاح الجهاد الإسلامي الذي تم استخدامه بالفعل مجدداً ضد روسيا في الشيشان، وضد يوغوسلافيا الاشتراكية في البوسنة والهرسك.
بهذا المعنى تم تمديد مهمة الجهاد الدولي إلى مرحلة ما بعد الحرب الباردة. لم يصبح مجاهدو «الناتو» مجرد أسلحة منتهية الصلاحية، أو ــ كما يُفترض ــ نفايات ضارة، حتى مع أحداث الـ 11 من سبتمبر 2001م، كنموذج مؤسف لانقلاب الأفاعي على الحواة.
وعلى عكس ما توقع الجميع، إثر أحداث منهاتن، لم تتخل أمريكا عن أسلحتها الجهادية الفاعلة هذه، بل لم تندم على دورها في صناعة الإرهاب الدولي، وحتى الآن ما زال كبار الساسة الأمريكان يدافعون بقوة عن التجربة الأفغانية، كالسيناتور الجمهوري أورين هاتش الذي صرح بما معناه: أنه، لو كان يعلم حينها بكل ما سيفعله بن لادن لاحقاً، فسيتخذ نفس القرار.
هكذا تعاملت أمريكا مع الأعمال الإرهابية ضدها، باعتبارها مجرد أخطاء إدارية، واختلالات فنية محدودة، سارعت في كل مرة بإصلاحها، فقط بمعاقبة الإرهابيين الخارجين عن السيطرة، وفي المقابل قامت بإعادة ترتيب وتوظيف وتوجيه بقية القوى الجهادية، وحل مشكلة البطالة الإرهابية، بفتح جبهات جديدة، فرفعت راية الجهاد هذه المرة ــ بدلاً من وسط آسيا وشرق أوروبا ــ لتصفية خصوماتها العالقة في الشرق الأوسط.

 

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

استفزاز إسرائيلي جديد داخل المسجد الأقصى

اقتحمت مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين، صباح اليوم الأربعاء، باحات المسجد الأقصى المبارك وسط حراسة مشددة من شرطة وقوات الإحتلال...

مقالات ذات صلة