«فورين بوليسي»: (إسرائيل) لن تحارب «حزب الله» نيابة عن السعودية

اخترنا لك

الخبر اليمني/متابعات:

لم يكن «شيمون بيريز»، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، مغرما جدا بأجهزة الاستخبارات في بلاده. فقد كان «بيريز» يستهزئ برؤساء الوكالات بسبب فشلهم فى تحديد التطورات الهامة في الشرق الأوسط بشكل صحيح. وكان ليبتسم في وقت سابق من هذا الشهر، عندما يتضح له أن الاستخبارات الإسرائيلية قد أخذت مرة أخرى على حين غرة. وهذه المرة، فشلوا في التنبؤ بآخر التطورات في لبنان، بدءا باستقالة رئيس الوزراء «سعد الحريري»، تحت ضغط من السعودية.

وأكد اثنان من أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي أن الحكومة ليس لديها أي فكرة عن خطط «الحريري»، قائلين: «لكي نكون منصفين، ولا الأمريكيين ولا أي شخص آخر، يعرفون شيئا حول هذا الشأن».

وكانت (إسرائيل) قد دعمت في البداية استقالة «الحريري»، واتهمت إيران بالتدخل في الشؤون اللبنانية، وهو خطاب تشابه إلى حد كبير مع الخط السعودي الرسمي. لكن هذه التصريحات العلنية الأولى أكدت الارتباك الإسرائيلي الكبير تجاه التحركات الأخيرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية. وبعد استقالة «الحريري» مباشرة، توقف الوزراء الإسرائيليون عن الحديث عن الأزمة علنا. ويدرك الإسرائيليون أن خطوة «الحريري» جاءت قسرا من قبل السعوديين، لكنهم ما زالوا يجدون صعوبة في معرفة ما هي خطة الرياض.

وقد نشرت صحيفة سعودية، الخميس، مقابلة نادرة مع قائد الجيش الإسرائيلي، الفريق «غازي إيزنكوت»، الذي أكد خط (إسرائيل) الأساسي. وأكد «أيزنكوت» أن السعوديين والإسرائيليين يتشاركون وجهة النظر فيما يتعلق بطهران، ووصف إيران بأنها «أكبر تهديد للمنطقة»، لكنه استبعد احتمال المواجهة المباشرة بين حزب الله و(إسرائيل) قريبا، قائلا: «لا أرى فرصة كبيرة لهذا في الوقت الحالي».

ويميل كل من الخبراء العسكريين والأكاديميين في (إسرائيل) إلى شرح النشاط المندفع المفاجئ للسعوديين باعتباره جهدا من قبل ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» لتوطيد السلطة محليا وإظهار القوة في جميع أنحاء المنطقة، حيث يعتزم الحد من النفوذ الإيراني. لكن الإسرائيليين يتساءلون عما إذا كان الأمير، البالغ من العمر 32 عاما، مستعدا بالفعل لمثل هذا البرنامج الطموح، فهو لم يقم فقط بإجبار «الحريري» على الاستقالة واعتقال العشرات من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين المتهمين بالفساد، ولكنه يحاول أيضا عزل دولة قطر ، والضغط على مصر في تفاصيل اتفاق المصالحة الفلسطينية، ومواجهة رجال الدين السعوديين المتشددين في الداخل.

الدفع إلى الحرب

ويشك الجنرالات الإسرائيليون بشكل خاص في القدرات العسكرية للسعوديين. وقال أحد كبار المسؤولين العسكريين: «لديهم الأموال، لكن ليس لديهم قوة فعلية كبيرة. لقد كانوا فقط على استعداد للقتال في محيط الحملة ضد (الدولة الإسلامية)، وقد فشلوا بشكل فظيع في حرب اليمن. إنه لأمر مدهش بالنسبة لنا أن نرى بطء تكيفهم مع التعامل مع حرب العصابات».

ومنذ السلسلة المتتالية من التحركات المفاجئة، اقترح بعض المحللين أن السعوديين، بموافقة الحكومة الإسرائيلية، يدفعون (إسرائيل) وحزب الله، عمدا، إلى مواجهة عسكرية أخرى. وسارع الأمين العام لحزب الله، «حسن نصر الله»، إلى تناول فكرة وجود مؤامرة صهيونية وهابية سرية لتدمير لبنان، في خطابه يوم الجمعة الماضي، لكن الفكرة القائلة بأن (إسرائيل) تدعم التحركات السعودية الأخيرة لا تزال بعيدة عن الحقيقة. فصحيح أن كلا من السعودية و(إسرائيل) الآن على نفس الجانب فيما يتعلق بمواجهة النفوذ الإيراني؛ للدرجة التي دفعت بعض المحللين الإسرائيليين إلى القول بشكل ساخر إن (إسرائيل) أصبحت بشكل غير رسمي دولة سنية معتدلة. ولكن لا يزال هناك شوط طويل من المصالح المشتركة التي قد تدفع رئيس وزراء إسرائيلي للموافقة على المخاطرة بحياة جنوده في حرب لن تؤدي إلا لمكاسب سياسية سعودية.

فكرة غير مجدية

ويثبت التاريخ أيضا عدم جدوى فكرة الحرب المشتركة بين السعودية و(إسرائيل) لتغيير النظام السياسي في لبنان. وقد حاولت (إسرائيل) وفشلت في الماضي في فرض ترتيبات سياسية على لبنان، أشهرها حرب «أرييل شارون» عام 1982 ضد منظمة التحرير الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، أصيب السعوديون بخيبة الأمل مرتين بسبب رفض (إسرائيل) التدخل العسكري نيابة عنهم، أولا بعدم تفجير المواقع النووية الإيرانية، ومن ثم الامتناع عن تقديم الدعم النشط للجماعات المتمردة السنية في معركتها ضد «نظام الأسد» خلال الحرب السورية.

وكان رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» يخشى المخاطرة دائما إلى حد كبير، عندما يتعلق الأمر بالتورط خارج الحدود. فخلال ما يقرب من 12 عاما في منصبه، لم يقم سوى ببدء عمليتين في قطاع غزة، واحدة منها كانت محدودة النطاق. وبالمقارنة، ذهب سلفه «إيهود أولمرت» إلى الحرب في لبنان عام 2006، وفي غزة عام 2008، وقام بقصف محطة نووية سورية بين هذين العامين.

ومن الصعب تصور «نتنياهو»، الذي اعترف لمرة واحدة فقط من بين عشرات الضربات الجوية الإسرائيلية على قوافل السلاح التابعة لحزب الله في سوريا، أن يتخلى الآن عن الحذر لأجل تلبية مطالب السعودية. وإذا كان حزب الله لا يريد الحرب في هذه المرحلة، فلماذا يجب أن تبدأ (إسرائيل) الآن؟ إن خيار الحرب دائما قضية حساسة للغاية على الساحة السياسية الإسرائيلية، ومع أن «نتنياهو» يواجه بالفعل ضغوطا هائلة بسبب مشاكله القانونية، فإنه سيكون طائشا، بشكل غير معهود، لاختيار هذا المسار.

وبطبيعة الحال، لا يعني عدم تخطيط (إسرائيل) أو حزب الله لشن حرب ضمانا لعدم حدوث أي نزاع. وتبدو (إسرائيل) باستمرار على بعد خطوتين من الحرب في كل من لبنان وغزة. واحتمال وقوع حرب عرضية في لبنان هو السيناريو الذي يتوقعه الجيش ويتدرب عليه، وهو السيناريو الذي يتحدث عنه المسؤولون الإسرائيليون مرارا لنظرائهم الأمريكيين. لكن الإسرائيليين يدركون أيضا عواقب وقوع صراع آخر في لبنان، حيث يعني هذا دمارا غير مسبوق على الجبهة الداخلية، نتيجة للحملة الصاروخية واسعة النطاق المحتمل أن يقوم بها حزب الله ضد السكان (المدنيين) والبنية التحتية الاستراتيجية على السواء.

وردا على ذلك، من المحتمل أن تصيب (إسرائيل) البنية التحتية للدولة اللبنانية، على أمل إجبار حزب الله على التوقف، وبالتالي التعرض لخطر الانتقاد من المجتمع الدولي. وأكد المسؤولون الإسرائيليون ذلك بمساواة مؤسسات الدولة اللبنانية مع حزب الله، حيث قال وزير الدفاع «أفيغدور ليبرمان»، مؤخرا، إن الجيش اللبناني أصبح جناحا للجماعة المسلحة.

الخليج الجديد/ عاموس هرئيل – فورين بوليسي

أحدث العناوين

أمريكا “الديمقراطية” تواجه المتظاهرين بالقناصة والمروحيات

أسقطت غزة ما تبقى من الشعارات الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي لطالما اتخذتها واشنطن ذريعة للتدخل في الشؤون...

مقالات ذات صلة