التحالف بين المؤتمر ..والانصار  بعد مقتل صالح..

اخترنا لك

مالذي يعيق بناء التحالفات في اليمن، وماهي اهمية هذه التحالفات، في بيئة سياسية تؤكد انه لم يعد يمكن لطرف مهما بلغت قوته ان يتحرك بمفرده، فكيف اذا حكم.

وبعد اكثر من عام على مقتل الرئيس الاسبق علي عبد الله صالح، اصبح من المهم اعادة السؤال ، عن حقيقة وجدوى بقاء التحالف المؤتمري-الحوثي

لاشك ان قدرة مؤتمر صنعاء على ابقاء تحالف سياسي مع جماعة انصار الله الحوثية، في مرحلة ما بعد صالح، لهو قرار صعب ومهم ، ويؤكد مرونة المؤتمر، وذكائه السياسي، في اللعب في بيئة خطرة، وانه تحول من تحالف صالحي-حوثي ، الى تحالف مؤتمري -انصاري، وبذلك افشل خطة التحالف السعودي للاستحواذ على الحزب الكبير، وتهشيم القرار السياسي في صنعاء .

 

ولابد ان القرار ليس سهلا وله مصاعب اكثر مما نتوقع، وربما لهذا لم يكن بقاء تحالف صنعاء متوقعا،  فاولى مصاعب ابقاء تحالف من هذا النوع، هو اتهامه بالتفريط بدم علي عبد الله صالح، والقاء تهم الخيانة ، لذلك فان القرار صعب ومهم .

قرار صعب لانه يجهر  بتهمة قد تنال من شرعيته وشعبيته، لكن الحزب يتجاوزها بذكاء المنطق، وصبر البصيرة، واجادة فن السياسية.

 

اما كونه قرارا مهما، فهو يأتي بسبب، ان هذا هو الضمان الوحيد لابقاء حزب المؤتمر حيا بابسط الامكانيات، وان لا يذهب الى مزيد من التشظي، فهو يترجم بهذه الطريقة دوره كحزب سياسي، وليس كإرث شخصي، وان مهمته الاولى تتخلص في الحفاظ على بقائه في الواجهة السياسية.

وهذا البقاء يتخلص في بقائه في موقعه الذي اختاره منذ بداية الحرب “اي ضد العدوان الخارجي، وشرعية حكومة هادي”.

 

ليمثل مع انصار الله الجناح الثاني لسلطة صنعاء، وان بدى بعد مقتل زعيمه الجناح المكسور، لكن مجرد اصراره على البقاء في التحالف مع الانصار ، يحسب له، ويؤكد انه صاحب القرار، وان انسحابه يعني خسارة سياسية فادحة لا تتحملها جماعة انصار الله.

 

هذه الخسارة تترجم نفسها على الارض، من خلال بقاء القواعد الشعبية القبلية، التي تقاتل مع الانصار ضد عدوان التحالف، وتترجم ببقاء الفريق الوزاري للمؤتمر، وشكله السياسي، الذي يضفي طابع الشراكة على الحكومة والسلطة في صنعاء، حتى لا يبدو ان القرار تنفرد به جماعة انصا الله.

 

وبالنظر الى عمق هذا التحالف، نجد ان بقائه لا يعني بالضرورة عودة الثقة ، لكنه يرشح لهذه العودة التدريجية، كما انه يعني حرص جماعة انصار الله على ابرام وابقاء التحالفات السياسية، وانها لا تريد الانفراد بالحكم، لانه لا يمكن لاي طرف مهما بلغت قوته الانفراد بالحكم.

ان تعقيدات هذا التحالف بين المؤتمر والانصار، بعد مقتل صالح، صارت اكثر بكثير مما كانت قبل مقتله، لكنه طوق نجاة سياسي للطرفين.

 

فبدون بقاء تحالف صنعاء، كانت قواعد المؤتمر الشعبي سوف تتشتت في الخارج، وهو الامر الذي رفضه صالح حتى اخر لحظة، لانه يدرك ان قوة المؤتمر في بقائه في الداخل، وهذا يفسر ضعف جناح المؤتمر الشعبي في الخارج، الذي فقد ظهوره السياسي وقواعده الشعبية.

فمؤتمر الداخل مازال ممثلا في ملف المفاوضات السياسية بعد مقتل صالح، كطرف ثان في سلطة ووفد صنعاء، لكن مؤتمر الخارج ليس ممثلا في ملف ووفد التفاوض.

 

كما ان مؤتمر الداخل جزء من حكومة صنعاء ” الانقاذ الوطني” وجزء من شرعية الامر الواقع، بعكس مؤتمر الخارج الذي ليس جزء من حكومة هادي ولا شرعيته المعترف بها دوليا، فلا هو نال شرعية الداخل، ولا اعتراف الخارج.

 

ان قرار حساس وخطير بابقاء التحالف مع الانصار، لم يكن سهلا على قيادات المؤتمر في صنعاء، لكنه كان قرار الجراح في غرفة العمليات لاتخاذ اكثر القرارات تكلفة، لكنه الوحيد الذي يمكن به المؤتمر على قيد الحياة بعد مقتل صاحبه.

لاشك بان الطعنة كانت عميقة، والجرح غائر، لكن الخيار الاخر بالخروج من اليمن والتحالف مع الانصار، كان يعني النهاية الحتمية.

وبقاء عمل المؤتمر بطاقة اقل، وبجدار ثقة مهزوز، فانه افضل من اعلان الوفاة للحزب الكبير، برميه في احضان تحالف السعودية، او السماح لهادي بالاستيلاء عليه.

 

لهذا فان اعادة بناء جدار الثقة بين حليفي صنعاء، يمكن ان يؤسس مستقبلا لمرحلة سياسية فارقة، فهذا يعني قدرة ومرونة المؤتمر على البقاء تحت اصعب الظروف، وانه بذلك تجاوز مرحلة الخطر، وبعد عام ونيف على احداث ديسمبر اصبح يمكننا قول ذلك.

 

كما ان بقاء هذا التحالف والحرص عليه، هي في مصلحة الانصار، لذلك وجب عليهم اظهار الحرص والاعتراف بفضل المؤتمرين في الداخل.

غير ان النقطة الاهم والتي تتجاوز مصالح المؤتمر والانصار، هي تلك المتعلقة بالمصلحة الوطنية، وهذا هو ما يهم الجميع خارج المؤتمر والانصار، فوجود تحالفات سياسية ذكية، قادرة على تجاوز صعوبات وحساسيات من هذا النوع، يؤسس لحقبة سياسية جديدة في اليمن، وتحتاجها اليمن للخروج من مرحلة الصراع، والمنافسة والانتقام.

فبقاء تحالف سلطة صنعاء كان قرارا وطنيا رفيعا، لم تظهر اثاره الحقيقة بعد، ولكن مع الوقت سيشكر كل طرف الاخر لحرصه على بقا، التحالف واعادة بناء جدار الثقة، واخذ قرار سياسي بعيد عن الاهواء الشخصية، وربما لو كان علي عبد الله صالح في هذا الموقف لاختار بقاء التحالف بكل عيوبه، على الخروج منه بكل حسناته ان كانت له حسنات.

أحدث العناوين

شواهد على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني

على مدى الستة أشهر الماضية من الحرب على قطاع غزة، تحولت المستشفيات والمدارس والطرقات إلى مقابر جماعية دفن فيها...

مقالات ذات صلة