كي لا تُحشَر روسيا في الزواية

اخترنا لك

| رضوان العمري

خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تحولات كبرى في المنطقة ومع بروز قوى إقليمية جديدة في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا تحديداً اكتفت موسكو بدورها في سوريا فقط من خلال دعمها للنظام السوري لاعتبارات خاصة، وتجنبت دعم أو إنشاء علاقات مع حركات وفصائل المقاومة المناهضة للتواجد الأمريكي، بسبب أنها فضّلت مصالحها التكتيكية مع الدول الإقليمية الموالية للولايات المتحدة الأمريكية مثل دول الخليج على مصالحها الإستراتيجية واتخذت مساراً محايداً من غالبية القضايا وهو ما أضعف نفوذها وعلاقاتها في المنطقة.

اليوم ومع كثافة الضغوط الغربية على روسيا ودعم الدول الغربية الكثيف لأوكرانيا على كل المستويات، وما تحقق مؤخراً من اختراق عسكري للجبهة الأمامية الروسية من خلال توغل القوات الأوكرانية الغربية في منطقة “كورسك” الروسية، يبين أن روسيا تفتقر إلى حلفاء بإمكانها كسر الضغوط الغربية عليها من خلال تجسير وتعضيد العلاقات معهم ولن تجد أفضل من الحركات والفصائل المناهضة لإسرائيل وأمريكا في المنطقة العربية التي تخوض اليوم معارك ضارية ضد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ومشاريعها الاستعمارية التي تنفذها مع شركائها الإقليميين.

ولكي ندرك الحساسية التي تبديها الولايات المتحدة تجاه الحضور الروسي في منطقة غرب آسيا فعلينا مراقبة الأحداث التي جرت في أوكرانيا بعد زيارة الوفد الأمني الروسي إلى طهران الأسبوع الماضي.

ما علاقة الأحداث الأخيرة في أوكرانيا بزيارة الوفد الروسي لطهران؟

بعد اغتيال قائد حركة حماس الشهيد اسماعيل هنية من قبل الكيان الصهيوني في طهران وإعلان الجمهورية الإسلامية في إيران بأنها سترد على هذا العدوان ومع احتدام التوتر في المنطقة وصل وفد أمني روسي رفيع إلى طهران برئاسة سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، تلبية لدعوة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي أكبر أحمديان، وذلك بهدف “تعزيز التواصل وبحث القضايا الإقليمية والدولية والعلاقات الأمنية والسياسية الثنائية”، بحسب وكالة تسنيم الإيرانية.
بدورها، قالت وكالة ريا نوفوستي الروسية إن شويغو ناقش مع الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين تعزيز التعاون الثنائي في عديد من المجالات، ومن بينها الأمن.

إن زيارة الوفد الروسي لطهران في هذا التوقيت الحساس قرأته الولايات المتحدة من زاويتها الخاصة، بأن موسكو ستكون حاضرة وواقفة إلى جنب إيران في حال اندلاع حرب بين “إسرائيل” وإيران، ولكي تعمل واشنطن على تغييب موسكو عن هذا الحضور لابد من إشغالها بجبهة أوكرانيا وحشرها في زاوية الدفاع عن حدودها مع أوكرانيا.

وبعد يومين من الزيارة وجهت الولايات المتحدة وحلفائها رسالة قوية لروسيا تمثلت في عملية عسكرية اخترقت الخطوط الدفاعية الأولى لروسيا وتوغلت القوات الأوكرانية الموالية للغرب في عمق الأراضي الروسية بمنطقة “كورسك” الحدودية، وهذا التوغل الذي يعد تصعيداً خطيراً في مسار الصراع بين روسيا والغرب يهدف إلى إشغال روسيا بمعركتها مع أوكرانيا والضغط عليها كي لا تفكر بملفات وقضايا منها توسعة وتعميق نفوذها في الشرق الأوسط.

إن أحد الأهداف الرئيسية التي يسعى الغرب لتحقيقها في إطالة أمد الصراع بجبهة أوكرانيا ورفض مبادارت ومقترحات السلام، تأتي بغرض إنهاك واستنزاف القدرات الروسية وتضييق الحصار عليها لضمان عدم قدرتها على توسيع نفوذها.

اليوم لازالت الفرصة سانحة أمام روسيا لبناء علاقات جديدة مع القوى الإقليمية الناشئة بطريقةً أو بأخرى للخروج من الزاوية التي أراد الغرب أن يحشرها فيها، بما يخدم مصالح الشعوب ولإعادة التوازن العالمي والخروج من مربع الأحادية القطبية التي تتزعمها الولايات المتحدة.

أحدث العناوين

رصد شامل لآخر تطورات حرب الإبادة الجماعية في غزة

تتواصل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 342 على التوالي، تزامنا مع...

مقالات ذات صلة