الجيل القادم من الثوار.. ومستقبل الأمة

غــــــــــزة

يومًا من الإبادة الجماعية

عدد المجازر 3,818
عدد الشهداء 43,552
عدد الجرحى 102,765

اخترنا لك

| عدنان نصار*

كثيرون هم أولئك الذين  عاشوا وتعايشوا وشاهدوا قسوة العدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة..والفعل الإجرامي الصهيوني على مدى أكثر من عام على غزة كان كافيا بالمعنى المطلق للكلمة ان يخلق جيلا كاملا من الثوار الجدد في فلسطين المحتلة ، وربما خارج حدودها بعد إقدام الإحتلال على إفراغ حقده على كل متحرك في غزة ، وما رافقه من قتل وتدمير وحرق وتهجير.

قبل بدء العدوان على غزة ، كان البعض يظن ان فئة من الجيل الشبابي الجديد ممن لم يواكبوا مجازر الإحتلال الاسرائيلي في فلسطين على مدى 76 سنة فائتة ، او اولئك الشباب ممن كنا نظن انهم لم يكترثوا لقراء التاريخ الفلسطيني ومعاناته ، قد دخلوا عمليا في حداثة الحياة وإتشغالاتها ، وراح الشباب الذي نقصده الى رحلة بحث عن أحلامهم ومستقبلهم في الداخل الفلسطيني أو الشتات ..، لكن ما حدث في اعقاب العدوان الوحشي الاسرائيلي غير فواعد الفهم الخاطيء والظنون التي كانت تساورنا كجيل منتم الى زمن الذروة النضالية وعايشنا احداثها على مدى أربعين سنة فائتة.

العدوان على غزة، لا شك انه خلق جيل من الثوار الشبان ، بعد ان كشف الإحتلال الغطاء عن نفسه الذي ظل متسترا به لنيل رضى التطبيع وإقامة علاقات “حسن الجوار” مع دول عربية كثيرة بعد رحلة متعبة كان بستند فيها الإحتلال على تحسين “صورته” ونبل “أخلاقياته” ..، وهو أي الإحتلال بعيد كل البعد عن هاتين الصفتين.. فهو “عدو” ومحتل ولا يمكن التعامل معه الا على هذا الأساس ، مهما تعددت ثقافة الإجيال الفلسطينية والعربية ، وتنوعت أفكارهم ، واختلفت مشاربهم.. ومهما حاول اللئام إغراء الكرام بتغيير نظرتهم .

لا يمكن لأي مجنون في العالم ان يقفز عن مشاهد القتل والتدمير والتجويع في غزة..فالذاكرة الطازجة (الأطفال) ممن هم دون سن الثانية عشر ، الذين عاشوا ويلات العدوان ومآسيه على مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم وحدائقهم ومدارسهم ان بنزعوا هذه المشاهد من ذاكرتهم ، أو يتمكن أحد من إنتزاعها ، فهي ذاكرة ستبقى حية في وجدانيات الجيل /الطفولي/ الذين حكما سيتحولون الى ثوار جدد للثأر لكل شهيد قتل امام أعينهم ..فالطفل مع مرور الزمن سيثأر لأمه الشهيده ، والطفل سيثأر لابيه الشهيد ، وأخيه ولعمه وخاله ..سيثأر الطفل بعد بلوغه سن الثورة والرشد التي كانت تقاسمه الأحلام الطفولية في الحي والحارة وزقاق المخيم في غزة ..وسيثأر الطفل الذي سيكون مشروع آخر للثورة ممن أتلف طائرته الورقية ، أو قتل أبنة الجيران وهي تلعب :”شبره أمره شمس نجوم” ..،إذن هي ذاكرة لا يمكن إنتزاعها ، والثورة فكرة لا يمكن الإستدلال على توقيتها ووقت إنفجارها ..، كل ذلك يبدو مشروعا في وقت صارت في “الشرعية الدولية” شركة صهيونية ، وصارت فيه العدالة الأممية تقاس وفق ميزان الصهيونية الطاغي الممتليء بالشر والغدر والعدوان ..من منا بجرؤ على نسيان ما حدث وما زال في بيت لاهيا ، وجباليا ، وسوق النفق ، وحرق الخيام ، ومجزرة الطحين ..من منا يجرؤ على نسيان الشهيدة الطفلة “هند”.. والشهيدة الصغيرة “روح الروح”..،ثم نسأل : من منا يقوى على خلع ذاكرته وينسى أو يتناسى الأشلاء المتطايرة وهي تعانق أحلامها في سماء غزة .؟! ..الذاكرة ، ليست رداء نخلعه وقت ما نشاء ، الذاكرة جزء من مسار تاريخ ..، وذاكرة الجيل الطفولي الجديد ممتلئة بحداثة الثوار ، وتقنيات الثورة ..فهم بلا شك جيل “الآب ديت” وجيل “البدء من جديد ” كلما لاح في أفق وجدانياتهم صراخ وبكاء وشهداء وأشلاء ..كلما ، مر في ذاكرتهم مشهد “هند” وهي تطوح بيدها لكل العابرين الى طريق التحرر من الطغاة وتحرير الأرض من مرتزقة “هرتزل” ..!

 

*كاتب وصحفي أردني

أحدث العناوين

مقالات ذات صلة