في عامٍ بدا وكأنه كابوسٌ يطارد واشنطن، شنت الولايات المتحدة عدواناً على اليمن بهدفٍ غير معلن؛ وقف جبهة الإسناد اليمنية لغزة، لكنّ واشنطن مفجّرة الحرب لم تكن تعلم أن هذا الهدف سيقودها إلى ورطةٍ خانقة تكشف هشاشتها العسكرية، وتفضح زيف صورتها كقوة بحرية لا تقهر.
صلاح الدين بن علي ـ الخبر اليمني:
في بحر اليمنيين وقعت الواقعة على رأس واشنطن فما كان يُفترض أن يكون عرضاً أمريكياً للقوة، تحول إلى سلسلة متلاحقة من الانتكاسات المخزية.
خلال العام الماضي، تعرضت حاملات الطائرات الأمريكية لست هجمات متلاحقة أجبرتها على الفرار وقد كان نصيب حاملة الطائرات الشهيرة يو إس إس هاري ترومان النصف منها، عمليات يمنية مثّلت منتهى الدقة والشجاعة وأتت لتقلب الطاولة على الخطط الأمريكية وأظهرت هشاشة الأسطول الأمريكي ذي السمعة الزائفة.
اليوم، تحول البحر الأحمر من ممر استراتيجي إلى ساحة الخسران المرير لواشنطن إذ تشير تقارير إلى أن الولايات المتحدة باتت عاجزة عن استعادة هيبتها، خاصةً وأن القوات المسلحة تواصل عملياتها بوتيرة عالية، مستهدفة حاملات الطائرات والقطع البحرية الأمريكية بانتظام وبعد عام كامل من العدوان.
في ألفين وأربعةٍ وعشرين العامِ الذي ستتذكره واشنطن جديداً لم تقتصر فضيحة الأمريكي العسكرية على البحر فقط بل شملت الجو أيضاً مع تمكن الدفاعات الجوية اليمنية من إسقاط أفضل الطائرات الأمريكية وأحدثها تباعاً.
طائرات إم كيو ناين الحديثة التي ضربت في كلّ العالم من العراق إلى أفغانستان فسوريا وغيرها انسحقت رماداً تحت الأقدام اليمنية حتى أن عمليات الإسقاط المتكررة لهذه الطائرات والتي كانت رمزاً للتفوق التكنولوجي الأمريكي تحولت إلى فضيحة دولية ومصدر خزي لأمريكا التي اختارت الصمت وعدم التعليق.
في تفاصيل الهزيمة الأمريكية الأخيرة لا تعني عمليات إسقاط الطائرات المسيرة واستهداف حاملات الطائرات الأمريكية مجرد خسائر عسكرية بل تمثلان إسقاطاً للعناصر الأساسية لتفوق واشنطن العسكري.
في أمريكا التي لم تعد أمريكا، تكشف التصريحات الداخلية للمسؤولين الأمريكيين اليوم عن أزمة متفاقمة فالجميع بات معترفاً بالهزيمة وسط تأكيدات مشتركة بأن قدرة واشنطن على الردع تآكلت أمام خصمٍ يمني ثابتٍ يستخدم تكتيكات ذكية وأسلحة منخفضة التكلفة لتحقيق نتائج استراتيجية.
ففي خطوة غير مألوفة على الإطلاق ومكاشفة صريحة، تخرج اليوم بيث سانر، نائبة مدير الاستخبارات الوطنية السابقة في إدارة ترامب، بتصريحات مثيرة تفضح الوجه الآخر للحرب في البحر الأحمر.
وفقاً لـ”سانر” فإن الولايات المتحدة فشلت فشلاً ذريعاً في ردع من أسمتهم الحوثيين لتجد واشنطن نفسها في مواجهة غير متكافئة تستهلك مواردها بشكلٍ كارثي.
ومن خلال شواهد لا تقبل الجدل أكدت “سانر” أن القوات اليمنية – التي تعتمد على طائرات مسيرة وصواريخ منخفضة التكلفة نسبيًا – استمرت في استهداف القطع البحرية الأمريكية بوتيرة عالية، مما ألحق أضراراً جسيمة بالأسطول الأمريكي، ولم يكن ذلك الاستهداف مقتصراً على البحر الأحمر فقط، بل امتد ليشمل عمليات ضربت الكيان الإسرائيلي، الذي تعتبره أمريكا حليفها الأساسي في المنطقة.
الحديث عن الخسائر الأمريكية خلال عام من الهزيمة لا يقتصر على الأضرار العسكرية، بل يشمل نزيفاً مالياً هائلاً، تكشف “سانر” أن واشنطن تخسر ما يقارب خمسَمئةٍ وسبعينَ مليون دولار شهرياً خلال معركتها البحرية الفاشلة في البحر الأحمر.
لكن الخسائر المادية ليست سوى جزء من الصورة كما توثّق شهادة المسؤولة الأمريكية والتي أكّدت أن العمليات المطولة استنزفت الجاهزية القتالية للبحرية الأمريكية فالتمديد المتكرر لفترات انتشار السفن وحاملات الطائرات أدى إلى إرهاق البنية العسكرية، مما يعني إصلاحات طويلة الأمد وتقليصاً للأسطول المتاح، مع تسريع تقادم المعدات البحرية.
وعلى النقيض من كل ذلك، يواصل اليمنيون تحقيق مكاسب كبيرة باستخدام أسلحة بسيطة نسبياً فبينما تحرق أمريكا مليارات الدولارات لإسقاط المسيرات أو التصدي للصواريخ، يكشف هذا الصراع عن فجوة هائلة بين ما تنفقه واشنطن وما يحققه خصمها.
اليوم وبعد عامٍ من العدوان الأمريكي الذي أثبت فشلاً ذريعاً، بات واضحاً أن واشنطن خسرت الرهان كلّ الرهان وسجّل التاريخي حقيقة ستبقى ثابتة إلى الأبد مفادها أن عام 2024 كان عام الفشل الأمريكي بامتياز.