غزة بين جبروت شارون وإرهاب نتنياهو

اخترنا لك

| د. فايز أبو شمالة

مع انتفاضة الأقصى سنة 2000، وعلى إثر المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، هتفت الجماهير الفلسطينية في غزة والضفة الغربية خلال تشييع مئات الشهداء: الانتقام.. الانتقام يا كتائب القسام

وبالفعل، لم تمض فترة زمنية قصيرة حتى بدأت عمليات الانتقام داخل المدن الإسرائيلية، وبدأ المجتمع الإسرائيلي يتوجع من الانتقام، وبدأت المقاومة الفلسطينية في تطوير قدراتها على مواجهة الاحتلال داخل غزة والضفة الغربية، حتى وصل الأمر بالمقاومة الفلسطينية في غزة إلى صناعة القذائف والصواريخ التي وصلت إلى قلب المستوطنات الإسرائيلية داخل غزة، وبدأت العمليات الاستشهادية داخل مستوطنات غزة، بل بدأ رجال المقاومة في حفر الأنفاق من تحت المواقع الإسرائيلية، ونجحوا في وضع عبواتهم الناسفة تحت المقرات العسكرية الإسرائيلية التي تطايرت أشلا وشظايا، وصار المستوطن في قطاع غزة لا يتحرك إلا بحماية رتل من العربات العسكرية المصفحة والمرتعبة، وصار المستوطن داخل فلسطيني 48 يشكو من المستقبل الغامض، مع وصول قذائف المقاومة إليهم في عقر عدوانهم.

تلك الحالة من صعود المقاومة لم تقابل بالورود والياسمين من رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون، بالعكس، فقد مارس الإرهابي شارون كافة أشكال القتل والتدمير ونسف البيوت، واقتحام المخيمات، وتدمير المرافق الحكومية بما في ذلك مقرات الشرطة، ومطار غزة، والجامعات، ولم يبخل شارون ولم يخجل، وهو يسفك الدماء الفلسطينية، ظناً منه أن ما لا يتحقق بالعنف، يتحقق بالمزيد من العنف، حتى وصل الإرهاب إلى حد محاصرة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، وتجويعه داخل المقاطعة، وعدم السماح بدخول الطعام إليه إلا وفق عدد السعرات الحرارية اللازمة لعدد الأفراد المحاصرين داخل المقاطعة، واستمر حصار أبو عمار حتى تم اغتياله بالسم، في ذلك الوقت من الإرهاب الذي غرقت فيه غزة والضفة الغربية ببحر من دماء الحرية.

ضمن ذاك المشهد المربك والمفزع والمحرج والمخيف لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارون، كان قرار الحكومة الإسرائيلية بالهروب من غزة، تحت مسمى فك الارتباط، ولتجميل المشهد، وإظهاره على أنه قرار إسرائيلي حكيم، تم ضم أجزاء صغيرة من مستوطنات شمال الضفة الغربية، ليشملها قرار فك الارتباط.

وانسحب الجيش الإسرائيلي، بعد أن تم تفكيك مستوطنات غزة سنة 2005، انسحب الجيش الإسرائيلي وسط تهديد ووعيد شارون لأهل غزة، بأن انطلاق رصاصة واحدة من غزة باتجاه دولتهم، يعني حرق غزة، وإبادة سكانها، انسحب شارون، وهو يهدد: سأغلق بوابة غزة من خلفي، وإن أطلقت علينا رصاصة واحدة من غزة، لن أبق حجراً على حجر في غزة.

ولم تمض عدة أيام من شهر يوليو 2005، فإذا بقذائف المقاومة البدائية تتساقط على المستوطنات الإسرائيلية داخل حدود فلسطين 1948، ليصاب شارون بالجنون، ويصدر تعليماته للجيش بحرق غزة على من فيها، لتدوي الطائرات الإسرائيلية في سماء غزة بكل ما امتلكت من قوة، ودوت المدافع الإسرائيلية بقذائفها فوق رأس أهل غزة، وانطلقت الصواريخ لتدمر جسر وادي غزة الواصل بين شمال القطاع وجنوبه، وتم تدمير محطة توليد الكهرباء، والميناء، وتم قصف المطار وتجريفه، وسقطت القذائف على كل المرافق الحيوية، بما في ذلك الجامعات ومقرات الشرطة، في حرب انتقامية لم تبق لوح زجاج واحد سليماً في غزة، ومع ذلك، واصل رجال المقاومة إطلاق قذائفهم على المستوطنات الإسرائيلية بصبر عنيد.

لقد أشكل الأمر على شارون، ووقف عاجزا ً امام إرادة غزة، وحارت به السبل في كيفية الانتقام، وعجز عن توفير الأمن للمستوطنين، وعجز عن وقف التفجيرات، ليتفجر من داخله غضباً وإحباطاً، ويصاب بجلطة دماغية.

ما عجز الإرهابي شارون عن تحقيقه بالعنف، والمزيد من العنف في غزة، سيعجز عنه الإرهابي نتانياهو، الذي يعيش ساعات من الارتباك والقلق والفزع والإحباط والفشل والتخبط في القرارات السياسية والعسكرية، ولم يبق أمام نتانياهو إلا جلطة دماغية أو جلطة سياسية، أو جلطة انتخابية ليخرج من غزة مدحوراً مذموماً.

كاتب فلسطيني/غزة

أحدث العناوين

Israeli advances toward the heart of Gaza City amid communications blackout

Yesterday (Thursday), Israeli aircraft intensified their violent raids on Gaza City, coinciding with a gradual ground incursion by tanks...

مقالات ذات صلة