إغراء غربي للسعودية بإعادة التصعيد مع اليمن..

اخترنا لك

فشلت الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الغربي في إعادة الملاحة الإسرائيلية إلى البحر الأحمر، رغم العدوان الكبير الذي تعرض له اليمن، غير أن المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لم تتوقف إذ تدرك واشنطن وتل أبيب أن التخلي عن ساحة البحر الأحمر لقوة معادية يضرب الأسس الجيوسياسية لمشروع الهيمنة بأكمله.

زكريا الشرعبي-الخبر اليمني:

من هذا الإدراك، تدفع الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية أخرى، إلى جانب الكيان الإسرائيلي، بالسعودية إلى إعادة التصعيد مع اليمن، من خلال تشغيل وكلاءها المحليين لاعتراض السفن المتجهة إلى موانئ محافظة الحديدة، ودعم قدرات ما يسمى قوات خفر السواحل التي تشرف لندن على تدريبها وتتلقى تمويلها من الرياض.

بحسب أحدث التقارير تنقل وكالة JNS  الاسرائيلية أن السعودية تعلن عزمها الأقوى منذ سنوات على مواجهة اليمن، مُتجهةً إلى إعادة تأكيد سيطرتها البحرية على البحر الأحمر ومضيق باب المندب بعد فترة من الهدوء الحذر.

ووفقا للوكالة أفاد مسؤولون في البحرية التابعة للحكومة اليمنية التابعة للسعودية، أصدرت الرياض تعليماتٍ لوحدات بحرية حليفة بتجهيز عمليات تفتيش مشتركة تستهدف السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة بدعمٍ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث تُحوّل هذه العمليات عمليات التفتيش من جيبوتي إلى أعالي البحار، مما يزيد من المخاطر العملياتية ويضع ضغطًا مباشرًا على صنعاء.

اقرأ أيضا:الوضع الطبيعي الجديد في البحر الأحمر.. كيف تعكس حركة الملاحة التحولات الكبرى التي صنعها اليمن؟

لم تصدر السعودية حتى الآن أي تعليق على التقرير غير أن ما ورد فيه ليس منفصلا عن التحركات التي شهدتها مياه البحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية ومنها مناورة الموج الأحمر التي استضافتها السعودية بمشاركة من مصر والأردن والسودان وجيبوتي والفرع البحري للقوات التابعة للتحالف في اليمن.

وبحسب قائد ما يسمى القوات البحرية اليمنية (تابعة للرياض) ركزت التدريبات على عمليات تفتيش السفن و”تأمين الطرق البحرية”.

قبل ذلك أطلقت السعودية وبريطانيا في سبتمبر الماضي مؤتمرا لدعم “خفر السواحل” في الحكومة التابعة للرياض،بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية، وقد أسفر المؤتمر عن إعلان حزمة دعم لهذه القوات بقيمة 10 ملايين دولار، قبل أن يقوم وزير بريطاني بزيارة عدن الأسبوع الماضي لمتابعة تجهيزات هذه القوات، والتشديد على دورها في ما وصفه بأمن الملاحة، بالتوازي مع تجديد عقوبات الأمم المتحدة على اليمن وتشديد لندن على تفتيش السفن المتجهة إلى اليمن، وهو إجراء ليس أمنيا بقدر ما يرتبط بعرقلة سلسلة الإمدادات ويعيق الشحن البحري إلى اليمن، للتضييق اقتصاديا عليه.

هذه التحركات لا تنفصل عن الاستراتيجية الأمريكية القديمة الجديدة التي أعلنها وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث  والتي تقضي بتحمل شركاء الولايات المتحدة أعباء “الأمن الإقليمي”، ورغم أن هذه العقيدة تنسب إلى أوباما، إلا أنها تمثل استراتيجية أمريكية جديدة أكثر من كونها مرتبطة بإدارة معينة، الأمر الذي جعلها جزءا أساسيا من اتفاق الشراكة الدفاعي بين واشنطن والرياض المبرم عند زيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى واشنطن، فقد ورد في نص الاتفاق، أن السعودية تتحمل مزيدا من المسؤولية في مواجهة التهديدات المشتركة، وتضمن مساهمات مالية جديدة من السعودية لتخفيف التكاليف عن الولايات المتحدة، إلى جانب ضمان سلسلة الإمدادات الأمريكية.

ورغم وضوح الرغبة الأمريكية الغربية بدفع السعودية نحو التصعيد مع اليمن، إلا أن ذلك لا ينفصل عن رغبة الرياض في التنصل عن استحقاقات السلام فمنذ خفض التصعيد في  أبريل 2023م لم يحدث أي تقدم في الملف،  وقد ساهمت المشاركة السعودية مع واشنطن وتل أبيب في إنشاء وإدارة خلية استخباراتية مشتركة في سياق العدوان على اليمن، بجعل صنعاء أقل ثقة بالمسار السلمي لإغلاق ملف الحرب مع السعودية.

مع ذلك فإن النتائج التي أسفرت عنها معركة البحر الأحمر قد أظهرت تغير موازين القوى في المنطقة حيث برزت صنعاء كقوة إقليمية مع امتلاكها قدرات متطورة، وهو ما يسقط توقعات الرياض بأن العدوان الأمريكي والاسرائيلي سيؤدي إلى ضعف صنعاء وستكون الفرصة مواتية للعودة إلى الحرب دون تحمل تبعات كبيرة.

يحاول الإعلام الغربي تقديم صورة مناقضة لهذا الواقع في إطار تشجيع الرياض من خلال تقارير في مؤسسات إعلامية شهيرة مثل انتلجينس أونلاين وتليغراف، تزعم ضعف قدرات صنعاء وبنيتها العسكرية والقيادية، غير أن الرياض بصفتها ملامسة للملف اليمني قد لا تقتنع بهذه التقارير، وسيكون من الخطأ الفادح أن تتجه للتصعيد ضد اليمن سواء بشكل مباشر أو عبر أدواتها، إذ أن استهداف خطوط الشحن اليمنية، سيقابل باستهداف مماثل، وربما لن يقتصر على موانئ البحر الأحمر بل قد يمتد نحو جميع الموانئ السعودية.

 

أحدث العناوين

Palestinian prisoners: Unending suffering and unimaginable violations

The situation of Palestinian prisoners in Israeli prisons is entering a critical phase, the outlines of which are becoming...

مقالات ذات صلة