في ظلّ ازدياد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى داخل الزنازين، وفي وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لاحترام حقوق المعتقلين، تتجدّد في لبنان الأصوات المطالِبة بوضع قضية الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال على رأس الأولويات الوطنية.
وكالآت- الخبر اليمني:
ويأتي اليوم العالمي للتضامن مع الأسرى ليعيد تسليط الضوء على ملفّ يشكّل جرحًا مفتوحًا في الوجدان اللبناني والفلسطيني على حدّ سواء.
وفي هذا الإطار، دعت “لجنة أصدقاء عميد الأسرى في السجون الصهيونية يحيى سكاف” إلى مشاركة واسعة في فعاليات اليوم العالمي للتضامن مع الأسرى اللبنانيين، عبر التحركات الميدانية والاعتصامات والنشاطات الإعلامية، مؤكدة أنّ “الدفاع عنهم واجب وطني وأخلاقي وإنساني بكل معنى الكلمة”.
وشدّدت اللجنة في بيان تلقّته “قدس برس” على أنّ “المرحلة الراهنة تتطلب من الدولة اللبنانية إيلاء قضية الأسرى الاهتمام الذي تستحقه، معتبرة أنّ هذه القضية يجب أن تتحوّل إلى قضية مركزية لدى الشعب اللبناني بكل قواه الحية ومؤسساته الرسمية، حتى تحريرهم وعودتهم إلى الوطن مرفوعي الرأس، لأن من حق الأسير على وطنه أن يسانده ويدافع عن مظلوميته مهما طال الزمن”.
وأشارت اللجنة إلى “حجم الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الأسرى داخل غياهب الزنازين المظلمة، مؤكدة أن معاناة المعتقلين تتفاقم يوميًا، وأن الآلاف تحوّلت أجسادهم إلى حقول تجارب على يد جيش الاحتلال، في ظلّ استشهاد أسرى بشكل شبه يومي دون أي موقف دولي فاعل”.
ولفتت إلى أنّ “المجتمع الدولي لم يتحرك حتى الآن لوقف الإجرام الوحشي الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق المعتقلين، كما لم يُسمح للصليب الأحمر الدولي بالدخول للاطمئنان على أوضاعهم أو متابعتهم وفق الالتزامات التي تفرضها القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الأسرى ومعاملتهم معاملة إنسانية”.
هذا ويُعتبر ملف الأسرى اللبنانيين لدى الاحتلال الإسرائيلي من أكثر القضايا حساسية في المسار الوطني اللبناني، نظرًا لما رافقه من تجاهل دولي طويل وغياب آليات واضحة للمحاسبة على الانتهاكات داخل السجون.
وعلى مرّ العقود، شكّلت عمليات الاعتقال، والإخفاء القسري، والتعذيب الممنهج، محور احتجاجات وتحركات شعبية، خصوصًا في ظلّ غياب تقارير دقيقة حول أوضاعهم، ومنع الصليب الأحمر الدولي من الوصول إليهم في فترات طويلة.
ويُعدّ يحيى سكاف أحد أبرز الأسرى العرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويُلقّب بـ”عميد الأسرى اللبنانيين”؛ وُلد في مدينة المنية شمال لبنان، وانخرط منذ شبابه في العمل النضالي دعماً للقضية الفلسطينية.
و في عام 1978 شارك في عملية فدائية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعتُقل خلالها بعد إصابته، ومنذ ذلك الحين لا يزال مصيره مجهولًا، إذ ترفض سلطات الاحتلال تقديم أي معلومات واضحة حول وضعه الصحي أو القانوني.
وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، تحوّلت قضية سكاف إلى رمز للنضال ضد الاحتلال وإلى قضية تُعبّر عن الإصرار الشعبي اللبناني على كشف مصيره وتحريره.
ورغم المطالبات المتكرّرة من الدولة اللبنانية، ومنظمات حقوق الإنسان، ولجنة أصدقاء سكاف، لا يزال الاحتلال يمتنع عن الاعتراف باعتقاله رسميًا أو السماح للصليب الأحمر الدولي بزيارته، الأمر الذي زاد الغموض حول ظروف احتجازه وما إذا كان لا يزال حيًا.
وتؤكد العائلة واللجان الداعمة أن ملف سكاف يمثل قضية وطنية بامتياز، ويجسّد النموذج الصارخ للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري الذي يمارسه الاحتلال بحق المقاومين والناشطين من لبنان وفلسطين، ما يستدعي إبقاء قضيته حيّة في الوعي العام والضغط المستمر لكشف الحقيقة وإنهاء معاناته.


