مشروع “فرض السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية: تصعيد وتهديد مباشر للأردن واتفاقيات السلام

اخترنا لك

|المحامي الدكتور هيثم عريفج

يناقش الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون خطير يسعى لفرض ما يسمى بـ”السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتنسف الأسس القانونية والسياسية التي قامت عليها اتفاقيات السلام، سواء مع السلطة الوطنية الفلسطينية أو مع المملكة الأردنية الهاشمية.

هذا المشروع، الذي قد يُطرح للتصويت خلال الأيام القادمة، ليس مجرد إعلان رمزي، بل محاولة لتكريس الاحتلال كأمر واقع بقوة التشريع، وفرض نظام قانوني إسرائيلي على أرض محتلة، في تجاوز خطير للقرارات الدولية التي أكدت مرارًا عدم شرعية أي تغيير أحادي الجانب في وضع الأراضي المحتلة.

ففي القانون الدولي، تُعد الضفة الغربية – بما فيها القدس الشرقية – أراضٍ محتلة تخضع لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة، كما تمنع تغيير الوضع القانوني أو الإداري للأرض المحتلة. وقد أكد قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 أن إنشاء المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة “لا يحمل أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.”

أما على صعيد الاتفاقيات الثنائية، فإن مشروع القانون المقترح يشكل خرقًا مباشرًا لاتفاقيات أوسلو، وتحديدًا المادة 31 من اتفاق المرحلة الانتقالية (1995)، التي تنص على:

“لا يجوز لأي طرف اتخاذ خطوات من شأنها تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حين التوصل إلى اتفاق حول الوضع النهائي.”

وفي السياق ذاته، فإن معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية (وادي عربة 1994)، المبنية على مبادئ القانون الدولي واحترام السيادة، تصبح مهددة بانتهاكها من خلال فرض السيادة الإسرائيلية على أرض فلسطينية لها امتدادات جغرافية وأمنية حيوية تتصل مباشرة بالأردن، وهو ما يفتح الباب أمام أزمة دبلوماسية وقانونية خطيرة.

إن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية لا يشكل فقط انتهاكًا لحقوق الفلسطينيين، بل يحمل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأردني، إذ إن أي تغيير أحادي الجانب على الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصًا في مناطق قريبة من الحدود الأردنية، يعني تغييرًا في الواقع الجيوسياسي والإستراتيجي الذي تأسست عليه معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل.

كما أن هذه الخطوة تهدد بشكل واضح الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، وتمس بالمصالح الأردنية العليا، وتجعل من الأردن طرفًا متأثرًا بشكل مباشر من انتهاك إسرائيل لالتزاماتها.

إن ما يجري ليس إلا جزءًا من سياسة ممنهجة ترمي إلى إضفاء شرعية داخلية على ممارسات الاحتلال من تهجير وتضييق واستيطان، وهو ما يُعد، وفق القانون الدولي، جريمة تستوجب المحاسبة لا التقنين.

المطلوب اليوم هو موقف عربي ودولي حازم لوقف هذا المشروع قبل أن يتحول إلى قانون واقع. كما أن على المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الراعية للعملية السلمية، أن تُحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تقويضها المتواصل لأي أفق للحل العادل والدائم.

ففرض السيادة على الضفة ليس فقط مخالفة قانونية، بل هو إعلان إلغاء لخيار السلام وتهديد مباشر لجيران إسرائيل وخصوصًا الأردن.

*كاتب اردني

أحدث العناوين

دمار غزة.. أرقام وتفاصيل صادمة

حذر رئيس بلدية غزة يحيى السراج، اليوم السبت، من أن عملية إعادة فتح المدينة وإعمارها "معقدة" للغاية في ظل...

مقالات ذات صلة