اقتراب الذكرى الخامسة للعدوان و الحصار السعودي – الإماراتي على اليمن، مع تحقق القوات المتحالفة من الجيش اليمني و أنصار الله فوزاً كبيراً بالسيطرة على مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف .
سقوط الحزم هي ضربة استراتيجية للتحالف السعودي – الإماراتي في اليمن، أهمية الجوف أنها موطن لأكثر احتياطات النفط في الدولة الأكثر فقراً في العالم العربي .
على مدى العقود الثلاثة الماضية منعت السعودية حكومة الرئيس السابق علي عبدالله صالح من استغلال مواردها الخاصة .
يأتي هذا النصر بعد هزيمة التحالف الذي تقوده السعودية في منطقة نهم على مشارف العاصمة صنعاء، كما تمكنوا أنصار الله من الاستيلاء على الطريق السريع الذي يربط بين محافظات الجوف و مأرب ، مما أدى إلى تعطيل خطوط الإمداد للقوات البرية للتحالف.
فقدان التحالف مدينة الحزم يعود ذلك إلى عدم كفاءة و فساد قيادة الحكومة المعترف بها في الأمم المتحدة ، و التي تتخذ من فنادق المملكة العربية السعودية مقرات لها .
هزيمة التحالف السعودي – الإماراتي متوقعة و كل باحث في الشؤون الاستراتيجية يعرف ذلك، هذه الباحثة و الكاتبة المتخصصة في الشأن اليمني Helen Lackner هيلين لاكنر قالت بوضوح “إنه من مصلحة السعودية إيجاد حل و إنهاء هذه الحرب ، التي كان من المفترض ، بحسب اعتقاد السعوديين ، أنها سوف تستمر لأسابيع قليلة، لذلك حان الوقت لإيجاد حل”، و قالت أيضاً ” دعنا نقول السعوديون لن يربحوا في هذه الحرب ، الأمر واضح تماما ، عليهم إدراك ذلك الآن ، إذا لم يفعلوا ذلك ، هناك مشكلة في آخر مرة جرت فيها مناقشات ، كان الجانبان على وشك التوصل إلى اتفاق ، لكن كليهما لا يريد أن يفقد ماء وجهه، الحوثيون يريدون فعلا إذلال السعوديين، و بالطبع يريد السعوديون على الأقل التظاهر بأنهم لم يخسروا” .
بالفعل سوف يهزم التحالف السعودي قريباً حسب توقعاتنا، و اتفق مع ما قاله السيد ماجد المهاجي ، المدير التنفيذي لمركز صنعاء ، وهو مركز أبحاث يمني ، قال لوكالة فرانس برس إن سيطرة أنصار الله على الحزم يمكن أن يكون بمثابة تغيير في اللعبة، ” السيطرة على عاصمة الجوف يمكن أن تغير بالكامل مجرى الحرب . و لاحظ ان انصار الله حققوا تقدما استثنائياً و يقومون بتغيير التوازن ” لصالحهم ” وكذا أشارت الباحثة في معهد الشرق الأوسط و مقره واشنطن السيدة فاطمة أبو العصار إن ” هذا سيمكنهم من التوسع إلى مأرب و حتى محاولة الاستيلاء على الجنوب “.
لهذا .. الهدف التالي لأنصار الله هو محافظة مأرب المجاورة ، التي تعد معقلاً لقوات حزب الإصلاح و التي تشكل جزءًا كبيراً من مشاة هادي . إذا وقعت هذه المحافظة بيد أنصار الله ، فهذا يعني أن المحافظات الشمالية الغربية لا تخضع لسيطرة قوات التحالف . بالتالي أن محاولات التحالف الإطاحة بالحكومة التي يرأسها مهدي المشاط والتي مقرها في صنعاء فاشلة .
أن القتال بين وكلاء السعودية و الإمارات و فشل اتفاقية الرياض بين المجلس الإنتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات و جماعة عبدربه منصور هادي المدعومة سعوديا قد ضمنت النصر الموفق و الرائع لأنصار الله في شمال اليمن حيث الكثافة السكانية . أن أغلب مراكز الدراسات الاستراتيجية تتوقع قبول التحالف السعودي للهزيمة و التخلي عن طموحاته العقيمة في الإطاحة بحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء ، و التخلي عن هادي.
لكن هناك تطور مقلق في شرق اليمن ، هو الوجود العسكري للسعودية الغير شرعي في محافظة المهرة . مما يدفع أبناء المحافظات الشرقية و مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي إلى التحالف مع إخوتهم أنصار الله لطرد جحافل الغزاة من الإماراتيين و السعوديين الذين يسعون لضم محافظة المهرة من أجل تشغيل خط أنابيب من السعودية إلى البحر العربي، حاولوا الإماراتيون و السعوديون تبرير غزوهم و وجودهم في المنطقة ، حسب ادعائهم انهم جاؤوا ليحاربون تنظيم القاعدة و منع تدفق الأسلحة الإيرانية إلى أنصار الله من الحدود العمانية . بهذا هم يعكسون الحقائق، مراكز الدراسات الدولية تعرف جيدا ان التواجد العسكري للتحالف السعودي و نظرتهم القصيرة لحل المشاكل هي التي تساهم في اتساع و تعزيز دور المنظمات و الميليشيات الجهادية المتطرفة لدي المجموعات السنية الموالية لهم كمنظمتي ” القاعدة في الجزيرة العربية ” و تنظيم ” الدولة الإسلامية “.
و كما سبق أن أوضحتْ السيدة لانكر أن أكثرية المقاتلين في الجبهتين الجهاديتين من الفقراء الذين يسعون للحصول على قوتهم للعيش و قليلون منهم يؤمنون بالأيديولوجية التي تدّعي قياداتهم الإماراتية و السعودية أنهم ينتمون إليها عقائدياً .
أضف إلى ذلك أن مراكز الدراسات الدولية تعرف جيدا و تلمس ذلك على الأرض أن قوى التحالف السعودي الإماراتي تعمل على تقليص الحريات المدنية عموماً ، و حقوق المرأة خصوصاً ، و نكّلت بمعارضيها السياسيين في كل المناطق التي سيطروا عليها .
لهذا ننصح أطراف التحالف السعودي – الإماراتي وأذرعهم أنه ليس لديكم مخرج غير الاستسلام و ترك شأن اليمن لليمنيين .
*كاتب و محلل سياسي يمني
- المصطلحات الورادة في المقال تعبر عن كاتبها وليست ضمن سياسية الموقع الإخبارية