عيدروس.. هادي.. الإخوان .. الوحدة: ماذا يحدث في الجنوب .؟!

اخترنا لك

الخبر اليمني:

د. صادق القاضي:

كقنبلة موقوتة انفجرت في وجه مفكّك رديء، أعلن الشارع الجنوبي  مؤخرا، بزخم كبير، وخطوات عملية عن كينونته الحرة، في وجه “الرئيس هادي”، إثر قيام هذا الأخير بإقالته الزعيم الجنوبي المخضرم “عيدروس الزبيدي” من منصب محافظ عدن.

لم يكن “الرئيس هادي” بحاجة إلى وضع قدمه على الصفيح الجنوبي الساخن، على الأقل هذه المرة، في ظل التعقيدات غير المسبوقة في المشهد الجنوبي الجاهز مسبقاً لجعل شرعيته النظرية وسلطاته الأدبية، مجدداً، على محك تجربة عملية خائبة.

للحراك الجنوبي تاريخه الطويل في الكفاح السلمي والمسلح، وللرئيس هادي تاريخ أطول في تفكيك القضية الجنوبية، وشرذمة القوى الجنوبية المطالبة منذ عقود بحلول مناسبة عادلة للاختلالات التي حاقت بالنظام السياسي وجهاز الدولة والوحدة إثر اجتياج الجنوب في صيف 1994م.

لكن الوضع هذه المرة مختلف، مختلف بشكل جذري: انهارت الدولة والسلطات التقليدية بشكل كامل، خرجت القوات والمليشيات المحسوبة على الشمال من الجنوب، ومن بين عشرات مراكز القوى والعصابات المسلحة والجماعات الإرهابية التي حلت محلها، برز الحراك الجنوبي باعتباره الكيان الأكثر حضورا وتمثيلا شعبيا، والقوة الأكثر جاهزية لممارسة دور السلطة والدولة.

فضلاً عن الرئيس هادي، الذي ربما بات أكثر ألفة مع الخسائر في الشمال والجنوب والشرق والغرب، جماعة الإخوان التي راهنت بكل رأسمالها السياسي والعسكري والإعلامي والمادي واللوجستي.. على استعادة صنعاء، تجاوزها قطار عدن أيضا، وإن كان بيانها حول حشود الحراك، وإعلان “بيان عدن التاريخي” قبل أيام، يداري بدرجة عالية من المراوغة والدهاء.. مرارتها إزاء خسارتها هذا الرهان المصيري.

كان، وما زال بإمكانها، وحتى بإمكان القاعدة أو داعش .. أن تسد احتمالاً هذا الفراغ الشاغر الراهن في الجنوب، ما يجعل قيام الحراك بمبادراته الأخيرة، خطوة إيجابية في الوقت الضائع، باتجاه المصلحة العامة، بغض النظر عن من يتضرر من وجود سلطة مدنية مستقرة في الجنوب.

لكن، وأياً كانت السيناريوهات الممكنة البديلة، والأفضلية النسبية التي يقدمها الحراك الجنوبي للقضية الجنوبية والشارع الجنوبي، فقد أكد هذا الحراك عبر”المجلس السياسي الانتقالي” الذي تم تشكيله مؤخراً بأن من أهم وظائفه:

إدارة وتمثيل الجنوب داخليا وخارجيا.

يثير هذا، بلا مواربة، كثيرا من القلق والمخاوف المشروعة تجاه “الوحدة اليمنية”، ليس في ذاتها ولا قيمتها الرمزية، بل بمدى نفعية الانفصال، وموضوعيته كحل بالمشكلة اليمنية، والقضية الجنوبية، فإذا كانت أخطاء النظام السابق، لا الوحدة، هي المشكلة، فإن تغيير النظام، لا الانفصال هو الحل.

من نافلة القول أن الوحدة السياسية ليست مقدسة، لكن هذا لا يجعل الانفصال واجباً، حيث يفترض أن يقاس كلاهما، بنفعيته ودقته في التعبير عن إرادة الشعب، وفي كل حال فإن وحدة أو انفصال فئوي قسري لا يحقق مصالح عامة، ولا يعبر بدقة وحرية عن إرادة الشعب عبر استفتاء شعبي بمواصفات دولية.. سيكون مفتوحا على المخاوف والتحديات.

أحدث العناوين

أمريكا “الديمقراطية” تواجه المتظاهرين بالقناصة والمروحيات

أسقطت غزة ما تبقى من الشعارات الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي لطالما اتخذتها واشنطن ذريعة للتدخل في الشؤون...

مقالات ذات صلة