الأزمة الخليجية… في خريطة استهداف المنطقة

اخترنا لك

جمال رابعة:

الصراع القطري السعودي بخلفيتة القبلية المتجذّرة بأبعاد متخلّفة تنبعث منها رائحة العفونة متعدّدة الأهداف، والتي تخدم كلّ مشاريع الهيمنة والابتزاز باستثناء مصالح الشعب في الدولتين كونه المتضرّر الأكبر من سياسات المغامرة والمراهقة.

بعد أهمّ ما يميّزها شخصنة هذا الصراع الذي أسقط في الواقع والحقيقة الادّعاءات التي طالما تحدّث عنها أمراء وملوك البترودولار ومشاريعهم، لجهة تحديد هوية الصراع الحقيقي في المنطقة، وحاولوا الذهاب به بكلّ الإمكانيات والدعم من قبل الغرب الأطلسي، تتقدّمهم واشنطن والعدو الصهيوني، لجهة مذهبة الصراع في المنطقة بين سنة وشيعة هدفه استبدال العدو الصهيوني بعدو وهمي لا حقيقة له، هو الجمهورية الإسلامية الايرانية، والدخول بنفق حروب عبثية تطال المنطقة برمّتها تغذيها وتوقد جذوة استمرارها، العصبية المذهبية.

أقلّ نتائجها دمار شامل للمنطقة وشعوبها والمستفيد الأكبر منها هم مستثمرو هذه الحروب في السياسة والاقتصاد والجيوسياسة، من شركات السلاح والنفط وامبراطوريات المال، أما في الجيوسياسة، فهناك رابح كبير ينتظر فرصة القيام بهكذا حروب بفارغ الصبر، هو عدونا الصهيوني الذي يغتصب فلسطين.

يرى الكاتب الألماني شتيفان بوخن في مقال له أنّ بعض رجال الدين يمثلون البغض الطائفي ويفرغون الإسلام الراهن من العقل، وأنّ الحرب الدينية ما بين المذاهب الإسلامية التي ساهم هؤلاء في إشعال فتيلها من شأنها أنْ تغيِّر وجه المنطقة على نحو مدمّر.

من هنا كنا نرى سخونة الخطاب والتصريحات الذي جاء على لسان مسؤولي بني سعود ورجال دين مأجورين بخلفية إرهابية تكفيرية هدفها تعزيز هذا الصراع بصيغته المذهبية…

لكن باختلاف القطري مع السعودي أُسقط القناع الحقيقي، وظهرت هوية الصراع الحقيقية التي طالما كنا نتحدث عنها، فالصراع بين بني سعود وآل ثاني أماط اللثام عن بعض الحقائق للصراع في المنطقة، وكشف المستور الذي طالما حاولوا اخفاءه عن الشعوب التي تدفع الثمن حفاظاً على العروش.

والذي يدحض ويفضح ادّعاءات الإعلام المأجور من قبل بني سعود، والذي طالما طبّلوا له عبر النصريحات المتواترة من مسؤوليهم وأمرائهم على انّ ما يدور في المنطقة، هو صراع مذهبي، لكن بقراءة بسيطة وسريعة في الحاصل بين الطرفين، نستطيع القول: العائلتان من ذات المذهب وتدّعيان بأنهما تنتميان وتتبعان عائلة آل الشيخ الوهابية التكفيرية، ثم انّ الدولتين عضوان مؤسّسان في مجلس التعاون الخليجي، وعضوان في ما يسمّى الجامعة العربية ودورهما مشترك وفعّال في الجامعة، بتدمير بقية الدول العربية ليبيا، سورية، اليمن، العراق…

باعتقادي انّ الصراع في المنطقة، هو صراع نفوذ ومصالح بأدوات داخلية ضمن مشاريع إقليمية ودولية تطبخ في المطابخ الخلفية لأجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية والموساد الصهيوني.

إذا سبرنا أسباب هذا الصراع الخليجي ما بين آل سعود وآل ثاني لوجدنا أنّ هناك خلافاً عقائدياً ايديولوجياً حيث انّ القطريين يدعمون ويموّلون تنظيم الإخوان المسلمين الدولي إلى جانب تركيا، بينما نرى بني سعود يقدّمون كلّ الدعم المالي والسياسي للسلفيين التكفيريين الوهابيين في كلّ العالم، مع الإشارة الى أنّ مؤسس رابطة العالم الإسلامي 1962 هم بنو سعود، وبإيعاز من المخابرات البريطانية، وهي تضمّ تنظيمي الإخوان المسلمين والنقشبندية، كذلك نجد من خلال الوقائع الميدانية، انّ هناك تواصلاً وتعاملاً ودعماً من قبل القطريين لجبهة النصرة القاعدة ، وبالتصنيف هم سلفيون، ايّ انّ هناك عاملا مشتركا لدعم قوى الإرهاب الدولي من إخوان مسلمين وسلفيين من قبل بني سعود وآل ثاني، بينما في الجانب الاقتصادي، هناك منافسة شديدة بين السعودية وقطر، وهنا لا بدّ من الإشارة انّ واردات قطر من حجم استثمار الغاز يعادل مالياً ما يتمّ استثمار من قبل السعودية من النفط، في حين الجانب الجيوسياسي الصراع على أشدّه بين الجانبين لجهة النفوذ، لما لهم من أذرع مختلفة اقتصادية منها وأمنية وجيوش بالإنابة من الإرهابيين تقاتل بتمويل ودعم من كلا الطرفين إضافة الى جملة من الترسّبات، والمواقف السياسية، منها موقف قطر المعارض للوحدة الخليجية، وهناك من يذكي هذه الخلافات لاستثمار التناقضات و«حلب» كلا الطرفين مالياً، وهذا ما تقوم به الإدارة الأميركية.

اليوم جاء الدور القطري وغداً الكويتي وبعده ربما العُماني،

وباعتقادي فإنّ تقديم الصراع على هذه الصورة بطابعه الطائفي والمذهبي، هو من أهداف المشروع الصهيوني وأول نتائجه تفتيت المنطقة العربية، وهدم دولها وهياكلها السياسية والتخلص من القوى الإقليمية ذات القوة الضاربة فيها، والتي تمنع تنفيذ تلك المشاريع العدوانية بحق شعوبها.

مشروع صهيوأميركي بدعم من أمراء ومشيخات الخليج في مواجهة مشروع المقاومة في المنطقة بوصلته الأساسية هي فلسطين المغتصبة.

وكما قال روبرت فورد في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» فإنّ اللعبة انتهت في سورية، لتستمر في مكان آخر، وأحد فصولها اليوم في الخليج ما بين بني سعود وآل ثاني والضحية شعوب المنطقة.

أحدث العناوين

صنعاء| كيف كان المشهد في ميدان السبعين في أول مسيرة جماهيرية بعد رمضان

تحت الأمطار الغزيرة، خرجت مسيرات حاشدة في العاصمة صنعاء وعدة محافظات يمنية أخرى، تأكيدا لاستمرار الدعم اليمني للشعب الفلسطيني،...

مقالات ذات صلة