الفقر في اليمن.. خطايا الماضي تثقل كاهل الحاضر وتهدد المستقبل..

اخترنا لك

الخبر اليمني/خاص:

الفقر والبطالة والاستبداد السياسي وغياب العدالة الاجتماعية وانعدام المساواة وتفشي الفساد والمحسوبية وتقاسم مراكز القوى القبلية والحزبية لموارد اليمن الطبيعية من النفط والغاز والمعادن هي الحالة السائدة قبل ثورة الشعب اليمني في الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م، ملايين اليمنيين وجدوا أنفسهم ضحايا لسياسات حكومية فاشلة وفاسدة حكمتهم عقودا من الزمن ساهمت في تردي الأوضاع المعيشية وانعدام الأمن والاستقرار وهروب رؤوس الأموال اليمنية إلى الخارج بحثا بيئة استثمارية آمنة، وأصبح الشعب اليمني واحدا من أفقر شعوب العالم.

يعود الفقر في اليمن إلى العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والبشرية والطبيعية منفردة ومجتمعة؛ حيث ينخفض دخل الفرد جراء درجة وطبيعة النمو الاقتصادي والذي ينتج عن محدودية الاستثمارات المحلية والخارجية وتراجع الإنتاج المحلي، وارتفاع معدل النمو السكاني إلى 3%، وتواضع مستويات التأهيل والتدريب واتساع القطاع غير المنظم وضعف الحماية الاجتماعية وغيرها من العوامل التي لا يمكن مكافحة الفقر بدون تجاوزها.

حقبة التسعينات

تصاعدت ظاهرة الفقر في مختلف محافظات البلاد وتفاوتت مؤشراته بين الريف والحضر، وقد ارتبط الفقر في اليمن منذ عام 1990م بضعف الأداء الاقتصادي والصدمات الخارجية والداخلية التي تعرض لها الاقتصاد وخاصة خلال النصف الأول من التسعينات، والذي انعكس بصفة عامة في مجموعة الصعوبات الاقتصادية، وتتمثل في عجز الموازنة العامة، وعجز ميزان المدفوعات، والضغوط التضخمية، وتدهور الاحتياطي من النقد الأجنبي، وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية، فضلاً عن الاختلالات الإدارية والتنظيمية والحروب الداخلية.

حرب صيف 1994م كان لها تداعيات كارثية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية، يضاف إلى ذلك التداعيات الكارثية لحرب الخليج الثانية التي تسببت بالترحيل القسري لـ 1,3 مليون مغترب يمني من السعودية جراء موقف اليمن من التدخل الأجنبي في العراق كان له أثر بالغ في اتساع رقعة الفقر، وبسبب موقف اليمن توقفت الصناديق الخليجية عن المساهمة في التنمية وفقدت عدداً من المساعدات والقروض الإقليمية والدولية التي كانت تمثل الممول الأساسي للمشروعات التنموية وللاقتصاد اليمني، تلك العوامل تزامنت مع انشغال السلطة بالصراعات السياسية والحروب الداخلية وهدر الأموال العامة، ما أدى إلى تفاوت معدلات الدخل وتزايد أعداد الفقراء، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

معدلات الفقر.

من خلال تتبع مؤشرات الفقر نجد أن نسبة الفقر لم تتجاوز 19.1% عام 1990م، إلا أنها ارتفعت إلى 51.19% عام 1997م، وازداد عدد الفقراء فيها من قرابة ثلاثة ملايين إلى قرابة تسعة ملايين مواطن فقير، بل ارتفعت نسبة الفقر المدقع خلال الفترة ذاتها من 9% إلى 24%، وشملت ظاهرة الفقر حينذاك المتعلمين وحاملي الشهادات العليا بسبب انخفاض الأجور، وارتفاع نسبة التضخم ، ووفق التقديرات فإن ظاهرة الفقر انخفضت من 40.1%عام 1998 إلى34,8% في 2005- 2006، وتراجع معدل الفقر بنحو 2% سنوياً، وشمل هذا الانخفاض مناطق الريف والحضر، ولكن ظل عدد الفقراء ثابتاً على نحو 7 ملايين نسمة منذ سبع سنوات، نتيجة استمرار ارتفاع معدل النمو السكاني.

تصاعد الفقر خلال الفترة 1990م ـ 2010م  تزامن مع تنفيذ الحكومات اليمنية المتعاقبة ثلاث خطط خمسية بهدف الحد من الفقر والبطالة ورفع النمو الاقتصادي، إلا أن تلك الخطط التي رافقتها حزمة من الإصلاحات السعرية ضاعفت من معاناة اليمنيين، وذهبت نتائجها بعيداً عن الأهداف المرسومة، وكانت لها أثار سلبية على الاستقرار المعيشي للمواطن اليمني وعلى مستويات دخلة بفعل السياسات الخاطئة التي اتخذتها تلك الحكومات والتي لم تسهم في تحسن الأوضاع المعيشية للمواطن جراء تنفيذ تلك الخطط والإصلاحات، بل تسببت بموجة تقلبات سعرية في السوق المحلي، وأدت إلى ارتفاع مستويات التضخم، ونجم عنها تراجع سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية في السوق المحلي، ما أدى إلى تدهور القيمة الشرائية للريال اليمني.

الإصلاحات وأثرها

النمو الذي أعقب الإصلاحات الاقتصادية التي نفذت بعد دخول البنك والصندوق الدوليين كشريك لليمن في برنامج الإصلاح في عام 1996م لم يكن نتيجة النمو في القطاعات غير النفطية بل يرجع بالدرجة الأولى للنمو الناجم عن زيادة العوائد النفطية والذي يتسم بمحدودية استفادة الفقراء من ذلك النمو الاقتصادي وخاصة في المناطق الريفية، ووفق دراسة مقدمة من البنك الدولي فإن تدهور سعر العملة المحلية(الريال اليمني) خلال الفترة ذاتها كان له آثار انتقالية سلبية عانى منها الفقراء، كما أن عملية الإلغاء الجزئي لدعم أسعار المشتقات النفطية خلال الفترة 1998-2005م أدت إلى ارتفاع تكلفة المعيشة بنسبة(21%) ، وفيما يتعلق بالبطالة ومعدلاتها فقد أشار التقرير الدولي إلى أن معدل البطالة ارتفع ارتفاعاً طفيفاً خلال الفترة 2004-1999م بنسبة (2.6%) وسجل معدل البطالة بين الشباب (24-15 عاماً) (28.3%) وهو أعلى من المعدل الوطني للبطالة، كما ارتفع معدل البطالة في اليمن للقادرين على العمل بعمر 51 عاماً فأكثر من (13.7%) في عام 1999م إلى (16.3%) في عام 2004م، وبالنسبة للنساء فقد ارتفع معدل البطالة بينهن من (25.4%) إلى (39.5%) خلال الفترة نفسها.

ووفق مسح ميزانية الأسرة 2006م فقد تصاعدت مؤشرات الفقر والبطالة وكان لهما أثر على معدل الإنفاق الاجتماعي في البلاد والذي انخفض خلال الفترة 1998م ـ 2006م إلى 7% من إجمالي الناتج المحلي.

اليمن وفق مؤشرات التنمية البشرية.

يحتفظ اليمن بأعلى مستويات الفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ارتفعت معدلات الفقر إلى 60% في عام 2014م ، كما احتلت اليمن في نفس العام المرتبة154 من بين 187 دولة في مؤشر التنمية البشرية، وأشارت  التقارير الدولية التي يصدرها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن معدلات الفقر تفاقمت في السنوات الأخيرة، بسبب ضعف قدرات الحكومات في خلق المزيد من الوظائف للشباب اليمني بالإضافة إلى التأثيرات والنتائج السلبية للتطورات التي شهدتها البلاد منذ عام 2011م، وبالتالي سار الهدف الأول من أهداف التنمية الألفية في مسار عكسي.

 

أحدث العناوين

ضابط في البحرية الأمريكية يكشف تفاصيل معضلة بلاده في اليمن

قال الضابط السابق في البحرية الأمريكية جيمس دوروسي إن بلاده تواجه معضلة استراتيجية حيث تخسر في أول نزال بحري...

مقالات ذات صلة