19 عاما منذ رحيل رائي اليمن عبدالله البردوني..تعرف على أبرز 8 قصائد كتبها ضد السعودية

اخترنا لك

يزن علي:

“من أرض بلقيس” حتى “جواب العصور” ظل  الشاعر عبدالله البردوني ثائرا في وجه التبعية، رافضا أن تتحول اليمن إلى “جمهورية موز”  أو حديقة خلفية للمملكة العربية السعودية التي استغلت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لفرض نفوذها على الجمهورية اليمنية وقدمت كل أنواع الدعم لبقايا الائمة في حربهم ضد الثورة.

ولقد كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر نقطة تحول أيضا في شعر البردوني، حيث تحول من مقارعة الإمامة إلى مناهضة التدخل السعودي في الشأن اليمني مدركا أنه لا نجاح لأي ثورة كانت في وجود التدخلات الخارجية.

من هذا المنطلق صرخ البردوني ساخرا من عملاء “أمير النفط”  مبينا القدر المريع الذي وصلوا إليه في تبعيتهم فعبر على لسان أحدهم قائلا:

شعاري اليوم يـا مـولاي
نحـن نبـات إخصـابـك
لأن غـنــاك أركـعـنـا
علـى أقــدام أحبـابـك
فألَّهْنـاك قلـنا : الشمـسُ
مـن أقبـاس أحسـابـك
فنم يا ( بابـك الخرمـي )
على ( بلقيس ) يا ( بابك )
ذوائبهـا سريـر هــواك
بعـض ذيـول أربـابـك
وبـسـم الله -جـــلّ اللهُ-
نحسـو كـأسَ أنخـابـك
أمير النفـط نحـن يـداك
نـحـن أحــد أنيـابـك
ونحـن القـادة العطشـى
إلـى فضـلات أكـوابـك
ومسئولون في ( صنعاء )
وفراشـون فــي بـابـك
ومـن دمنـا علـى دمنـا
تَمَوقـع جيـش إرهابـك
لقد جئنـا نجـر الشعـب
فـي أعـتـاب أعتـابـك
ونأتـي كـلّمـا تهـوى
نُمَسّـحُ نـعـل حُجّـابـك
ونستـجـديـك ألـقـابـا
نتـوجـهـا بألـقـابـك
فمرنـا كيفمـا شــاءتْ
نوايـا لـيـلِ سـردابـك
نعـم يـا سيـد الأذنـاب
إنـّـا خـيـرُ أذنـابــك
فظيعٌ جهـلُ مـا يجـري
وأفظـعُ مـنه أن تـدري

 

لم تكن هذه هي القصيدة الأولى التي يهاجم فيها البردوني عملاء “أمير النفط” لكنها أولى القصائد الأكثر صراحة وقد كتبها في نوفمبر 1973 ونشرت في ديوان السفر إلى الأيام الخضر، بل لعل هذه القصيدة كانت فاتحة لما سيأتي بعدها مما هو أشد من الصراحة إذ لم يمر عامان حتى كتب البردوني قصيدته الشهيرة “في وجه الغزوة الثالثة” .

حسنا … إنما المهمّة صعبه
فليكن … ولنمت بكلّ محبه
يصبح الموت موطنا … حين يمسي
وطن أنت منه ، أوحش غربه
حين تمسي من هضبة بعض صخر
وهي تنسى ، أنّ اسمها كان هضبه
فلتصلّب عظامنا الأرض ، يدري
كلّ وحش … أنّ الفريسة صلبه
ولنكن للحمى الذي سوف يأتي
من أخاديدنا … جذورا وتربه
مبدعات هي الولادات … لكن
موجعات … حقيقة غير عذبه
***

لقد بدأ القصيدة بالتحريض على الكفاح داعيا إلى أن يكون اليمني جذرا وتربة لسيادته فتلك هي الولادة الحقيقة، أن يصلب عظامه بالأرض حتى لا يطمع فيها “وحوش النفط”..

وقطعا لكل مخاوف رد البردوني على استفهامم العاجزين ” ولماذا لا تبلع الصوت ؟” بتأكيده أن الرهبة هي التي تغري العدو باحتلال الأرض؟

ولماذا لا تبلع الصوت ؟.. عفوا
من توقّى إرهابهم ، زاد رهبه
كيف نستعجل الرصاص ! ونخشى
بعد هذا ، نباح كلب وكلبه
هل يردّ السيول وحل السواقي؟
هل تدمّي قوادم الريح ، ضربه ؟
أنت من موطن يريد … ينادي
من دم القلب ، للمهمات شعبه
***

عندها يقتنع العاجز الذي كان خائفا وينصح بالصمت ويسأل ماذا هناك؟ فيرد عليه البردوني موضحا كل ممارسات السعودية لانتهاك السيادة اليمنية، واصفا تلك الممارسات بالغزو

اتفقنا … ماذا هناك ؟ جدار
بل جبين ، عليه شيء كقبّه
ربّما (هرة) تلاحق (فأرا)
ربما كان طائرا خلف حبّه
إنما هل يرى التفاهات حي ؟
تلتقي أحدث الخطورات قربه
هل ترى من هناك ؟ غزوا يقوّي
قبضتيه ، يحدّ مليون حربه
يجتذي (البنكنوت) يومي إليه
وعليه من البراميل جبّه
إنّه ذلك الذي جاء يوما
وإلى اليوم ، فوقنا منه سبّه
***
قبل عام وأربعين اعتنقنا
فوق (أبهى) عناق غير الأحبه
والتقينا به (بنجران) حينا
والتقينا بقلب (جيزان) حقبّه
والتقينا على (الوديعة) يوما
والمنايا على الرؤوس مكبّه
جاء تلك البقاع … خضنا ، هربنا
وهي تعدو وراءنا مشرئبّه
إنها بعض لحمنا ، تتلوّى
تحت رجليه ، كالخيول المخبّه
في حشاها ، منّا بذور حبالى
وجذور ورديّة النّبض خصبّه
***

ولا ينسى البردوني أن يذم العملاء ويضعهم في مكانتهم الحقيقة

ماله لا يكرّ كالأمس ؟ أضحت
بين من فوقنا ، ونعليه صحبّه
إنهم يطبخوننا ، كي يذوقوا
عندما ينضجوننا ، شرّ وجبه
خصمنا اليوم غيره الأمس طبعا
البراميل أمركت (شيخ ضبّه)
عنده اليوم قاذفات ونفط
عندنا موطن ، يرى اليوم دربه
عندهُ اليومَ خِبرةُ الموتِ أعْلى
عندنا الآنَ ، مهنةُ الموت لعبه
صار أغنى ، صرنا نرى باحتقار
ثروة المعتدي ، كسروال (قحبه)
صار أقوى … فكيف تقوى عليه
وهو آت ؟ نمارس الموت رغبه
ونُدمّي التلال ، تغلي فيمضي
كلّ تلّ دام ، بألفين ركبه
ويجيد الحصى القتال ، ويدري
كلّ صخر ، أنّ الشجاعة دربه
يصعب الثائر المضحّي ويقوى
حين يدري ، أنّ المهمة صعبه

 

 

قصيدة ثالثة  عنونها البردوني بـ الحبل العقيم” كتبها عام 1977 م حيث كانت السعودية تصرف الأموال ببذخ لعملاءها لأجل الانقلاب على الرئيس إبراهيم محمد الحمدي

يقول البردوني:

من يذبُ النقود يا أم عنا؟ =أصبحت فوقنا الرؤوس عجينا
أمُّ، هذا الذباب يدعى نقوداً= فلتذبي هذا الوباء الثمينا
أنت في عريك الحقيقي أبهى =من حلى تمتطيك جوعاً بطينا
لن تكوني ( باريس) من دون (روسو) =لن تكوني بلا ( أرسطو) ( أثينا)
***
هل ذكرنا بعد الأوان؟ اطمئني =ما ذكرنا، لأننا ما نسينا
مشترو البايعيك يدرون أنا =نقبل الكسر، خيفة أن نلينا
ما انتحرنا لغير عينيك عشقاً =دون أن نجتديك أن تعشقينا
منك جئنا، فينا كبرت ومنا= جئت صرنا لك المكان المكينا
فانتصبنا على ( الطويل) طويلاً =والتحمنا للحصن، سوراً حصينا
والتحفنا الردى ب( ميدي) سليماً =وانتعلناه في ( حريب) طعينا
وانزرعنا في قلب ( سنوان) قمحاً =وانتثرنا في ريح ( صنعا) طحينا

 

وكما لا تخلو معظم قصائد البردوني من الإشادة بالرمز الوطني الثائر كـ مصطفى المستبسل في وجه “القاذفات والنفط”  لم تخلو قصائده من ذم العملاء والمرتزقة غير أن تنكير الأخيرين كان هو الغالب ولعله أراد من وراء ذلك التأكيد على أن العملاء وإن كانت مناصبهم رفيعة يظلون نكرة ولا يستحقون أن تذكر اسماءهم:

يقول البردوني في قصيدته الرابعة المعنونة بـ “صديق الرياح” واصفا عميل الرياض :

وكالسّل يمتصّ زيت (الرياض)
ويرضع من دمه المذبحه
ويسقط حيث تلوح النقود
هنا أو هنا لا يعي مطرحه
طيوف الحياة على مقلتيه
عصافير دامية الأجنحه
تغب أساريره الأمسيات
وتنسى الصبحات أن تلمحه
وغاباته أن يدير الحروب
ويبتز أسواقها المريحه
وما دام فيه بقايا دم
فمن صالح الجيب أن يسفحه
يجود بأشلاته ولتكن
(لابليس) أو (آدم) المصلحه

 

ويعرض  في قصيدة خامسة نهاية مرتزق امتد اسمه في اسم العدو بقوله:

لأنّ اسمك امتدّ فيهم ، رأوك هناك ابتديت، وفيك انتهيت
فأين ألاقيك هذا الزمان وفي أيّ حقل ؟ وفي أيّ بيت ؟
ألاقيك ، أرصفة في (الرياض) وأوراق مزرعة في (الكويت)
ومكنة في رمال الخليج وشبت عن يديك ، وأنت اختفيت
واسفلت أسواق مستعمر أضأت مسافاتها ، وانطفيت
وروّيتها من عصير الجبين وأنت كصحرائها ، ما ارتويت

 

وفي قصيدة سادسة يصف البردوني صلوات النفط بالسفيانية نسبة إلة معاوية بن أبي سفيان ووالده في إِشارة إلى زيفها إذ أنها صلاة في شكلها بينما مصلاها هو لحم الصحابي “عمار بن ياسر”، إنه العهر في أرقى المراتب:

يرتقي العهر على العهر، إلى
آخر المرقى، لأن السوق عاهر

لأن الشارع الشعبي، على
زحمة الأهل، لغير الأهل شاغر
صلوات النفط سفيانيةٌ
والمصلى، لحم «عمار بن ياسر»..

إنها نفس الضحايا والمدى
آخر التجديد، في شكل الوتائر.

 

وفي قصيدة سابعة يتحدث البردوني عن مطامع السعودية في اليمن وزيف انسانيتها التي تبني مستشفى لتفتح ألف قبر وعن دور عملاءها فيما صارت إليه البلاد؟

يقول البردوني:

تقيَّأَ الدُّولارُ فيهم لِكَي
يُعَاكسوا كلَّ مَرامٍ شِريفْ

يَرْدُونَ أنقى الناسِ كي يأْمَنُوا
وكيْ يَجودُوا.. يقتلون الرَّغيفْ

يبنون مستشفىً لكي يفتَحوا
مليون قبرٍ.. أيُّ غروٍ طريفْ؟!

جاؤوا يُضَحُّون بأهلِ الحمى
وهم ضحايا كلِّ قصٍر منيفْ

هل جرمُهم يُعزَى لأسيادهم؟:
تقبّلوا تكليفهم.. يا سخِيفْ!!

هم قرَّروا، أسيادُهم دبَّروا
للعُنْفِ طابوراً خبيراً عَنيفْ!

عدوانُ «بيجنْ» قلب«ريجنْ» كما
أنَّ هوى «المنصور» شِدقا «سَدِيفْ»

***

هل أدْمَنَ الشعبُ العِدا أو سَها
عنهم فأمسى الضيفَ، وهْو المضِيف ؟!

قل: ظنَّهم جاؤوا لتطويرهِ
فما تبدَّى خائفاً أو مُخِيفْ

ألا تراهم طوّروا؟ : طوّروا ..
لكْن سِوى المُجْدِي وغيَر النّظيفْ !!

قد كنتَ ثوْراً حارِثاً ناطِحاً
وحين جاؤوا صرت كبشاً عليفْ

تظنُّهم رقَّوْكَ؟ لكنْ إلى
أدنى.. أتدعوهُ سُقوطاً ظريفْ

***

اليومَ نفطُ «الجوف» ناداهمُ
وهل دعاهُمْ أمْس مِلحُ «الصليفْ» ؟!

جاؤوا بلا داعٍ بلا دعوةٍ
هم المنادَى والمنادِي اللَّهيفْ!!

 

ولعل من أبرز القصائد التي كتبها البردوني في المعركة اليمنية القديمة مع السعودية هي قصيدة “مصطفى” والتي يعتبر البعض أنها كتبت في المعركة التي خاضها الشهيد إبراهيم الحمدي مع النظام السعودي،  وأن مصطفى هو رمز للشهيد الحمدي ولكل يمني يتمتع بالقيم اليمنية الحضارية الأصيلة.. إنه الرمز اليمني المتجدد الذي وإن قتله الأعداء إلا أنه يأتي من آخر القتل أعصف.

فليقصفوا، لستَ مقصفْ *** وليعنفوا، أنت أعنفْ
وليحشدوا، أن تدري *** إن المخيفين أخوفْ
أغنى ، ولكن أشقى *** أوهى ، ولكن أجلفْ
أبدى ولكن أخفى *** أخزى ولكن أصلفْ
لهم حديد ونار *** وهم من القش أضعفْ
* * *
يخشون إمكان موتٍ *** وأنت للموت أألفْ
وبالخطورات أغرى *** وبالقرارات أشغفْ
لانهم لهواهم.. *** وأنت بالناس أكلفْ
لذا تلاقي جيوشاً *** من الخواء المزخرفْ
* * *
يجزئون المجزا.. *** يصنفون المصنفْ
يكثفون عليهم.. *** حراسة، أنت أكثفْ
* * *
كفجأة الغيب تهمي *** وكالبراكين تزحفْ
تنثال عيداً، ربيعاً *** تمتد مشتىً ومصيفْ
نسغاً إلى كل جذر *** نبضاً إلى كل معزفْ
* * *
ما قال عنك انتظار *** : هذا انثنى، أو تحرفْ
ماقال نجم: تراخى، *** ماقال فجر: تخلفْ
تسابق الوقت، يعيا *** وأنت لا تتوقفْ
فتسحب الشمس ذيلاً معطفْ
* * *
أحرجت من قال: غالى *** ومن يقول: تطرفْ
إن التوسط موت *** أقسى، وسموه: ألطفْ
لانهم بالتلهي *** أرضى وللزيف أوصفْ
وعندك الجبن جبن *** مافيه أجفى وأظرفْ
وعندك العار أزرى *** وجهاً، إذا لاح أطرفْ
* * *
يا «مصطفى«: أي سر *** تحت القميص المنتفْ
هل أنت أرهف لمحاً *** لأن عودك أنحفْ؟
أأنت أخصب قلباً *** لان بيتك أعجفْ؟
هل أنت أرغد حلماً *** لان محياك أشظفْ؟
زم أنت بالكل أحفى *** من كل أذكى وأثقفْ؟
من كل نبض تغني *** يبكون «من سب أهيفْ«
إلى المدى أنت أهدى *** وبالسراديب أعرفْ
وبالخيارات أدرى *** وللغربات أكشفْ
وبالمهارات أمضى *** وللملمات أحصفْ
* * *
فلا وراءك ملهى *** ولا أمامك مصرفْ
فلا من البعد تأسى *** ولا على القرب تأسفْ
لان همك أعلى *** لان قصدك أشرفْ
لان صدرك أملى *** لان جيبك أنظفْ
* * *
قد يكسرونك، لكن *** تقوم أقوى وأرهفْ
وهل صعدت جنياً *** إلا لترمى وتقطفْ
* * *
قد يقتلونك، تأتي *** من آخر القتل أعصفْ
لأن جذرك أنمى *** لان مجراك أريفْ
لأن موتك أحيى *** من عمر مليون مترفْ
* * *
فليقذفونك جميعاً *** فأنت وحدك أقذفْ
سيتلفون، ويزكو *** فيك الذي ليس يتلفْ
لأنك الكل فرداً.. *** كيفية، لاتكيفْ..
* * *
يا «مصطفى«، يا كتاباً *** من كل قلب تألفْ
ويازماناً سيأتي *** يمحو الزمان المزيفْ

 

الخبر اليمني/أبجدية

أحدث العناوين

أمريكا “الديمقراطية” تواجه المتظاهرين بالقناصة والمروحيات

أسقطت غزة ما تبقى من الشعارات الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي لطالما اتخذتها واشنطن ذريعة للتدخل في الشؤون...

مقالات ذات صلة