انطواء التحالف على صراعاته في اليمن يلقي باتباعه في براثين المجهول – تقرير

اخترنا لك

يدخل الصراع في اليمن منعطف جديد، وقد أصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم، فهل يشهد البلد المثخن بـ6 سنوات من الحرب والحصار تغيرات دراماتيكية في المشهد أم أن سياسية الاحتواء لا تزال السائدة؟

خاص- الخبر اليمني:

في مناطق الجنوب والشرق برزت بؤر توتر جديدة، عنوانها الأبرز تقاسم المكاسب بين السعودية والامارات ومضمونها صدام مباشر بدأت ملامحه تتجلى في سقطرى، الجزيرة الواقعة في أقصى الشرق، حيث تتصاعد حدة التوتر بين الطرفين عقب تحيدهما للأطراف المحلية، لتمتد إلى أبين في عمق الجنوب.

كانت سقطرى ، الجزيرة الواقعة عند ملتقى خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي، حتى قبل أيام ساحة مواجهة بين هادي والانتقالي، لكن سرعان ما تجلت الغيمة لتبرز معها الأهداف الحقيقة التي حركت مكينة القتل هناك، وقد خرج هادي والانتقالي من اللعبة بتسليم الأول مواقعه للقوات السعودية وتسليم الآخر السلطة على الجزيرة للمندوب الأماراتي؛ اليوم سقطرى تحت الوصاية السعودية – الاماراتية مع وجود أمريكي محدود، لكن هذه ليست نهاية القصة بل البداية، فالحليفان في الحرب يتنازعان على مقدرات الجزيرة خصوصا الميناء والمطار، وهو ما ينذر بصدام مباشر.

الامارات التي لطالما اتقنت استخدام الانتقالي في لعبتها ضد حليفتها الكبرى، دفعت الساعات الماضية بهذه الفصائل للتحرك نحو الميناء والمطار حيث تعسكر القوات السعودية، وفي بال أبوظبي التي أصبح منتدبها المزروعي يعقد اجتماعات بقادة الانتقالي ويصدر قرارات تعيين لقاء جهد كل منهم في ازاحة عقبة هادي، أن يتحول الميناء إلى مركز ترانزيت بحري يعوض ما خسرته أبوظبي من استئجار لجزيرة طنب الكبرى، وفقا لتقرير منظمة “ميدل ايست مونيتور”، التي كشفت عن خطط اماراتية تجارية وعسكرية من شأنها تدمير التنوع البيئي في الجزيرة المتفردة بذلك والموضوعة على قائمة التراث العالمي.

يقول التقرير إن الامارات تريد تحويل ميناء الجزيرة الواقع عند نقطة مهمة على طريق الحرير الجديد، الممر الصيني للتجارة البحرية، إلى مركز آخر لموانئ دبي العالمية والهدف ربما يكون تحييد موانئ في اليمن والمنطقة، وبغض النظر عن الخطط الاماراتية، يبدو بأن للسعودية خطط أخرى لكنها الآن ومع خروج قوات هادي أصبحت مكشوفة وعليها تحجيم دور الامارات بنفسها وهو ما برز مع تهديد القوات السعودية على الجزيرة بقصف أي تحرك صوب الميناء والمطار.

تلويح السعودية بالقوة، سرعان ما رافقه رد عملي في أبين، حيث دفعت السعودية بقوات كبيرة إلى خطوط التماس وتحديدا إلى مناطق الانتقالي مع استمرارها بمنح قوات هادي ضوء للتقدم والقصف حتى في ظل تواجد قواتها وهذا السيناريو نجحت فيه القوات السعودية بتسليم سقطرى للانتقالي وكانت تطمح لتخفيف واقعة صدمة الامارات الأخيرة في شبوة حيث أشرف السفير السعودي على اجهاض انتفاضة قبلية في أهم مناطق النفط والغاز.

لا أحد يعرف ما يدور في الكواليس من صراع، والتحركات على الأرض تبدو بدون تنسيق مع الأطراف المحلية وإن بررتها السعودية بتنفيذ اتفاق الرياض الذي لم يطّلع لا الانتقالي ولا هادي على مضمونه كونه في الأخير مجرد اتفاقات سرية بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، لكن هذه التحركات التي أصبحت محل شكوك الأطراف المحلية أو بالأحرى وكلاء الصراع الاماراتي – السعودي في الجنوب، قد تدفع هؤلاء وفقا لردود فعلهم إلى البحث عن تحالفات عابرة للتحالف.

فعليا يحتفظ كل من الأطراف المحلية بعلاقات مع أطراف دولية، يتجلى ذلك بالحشد التركي – القطري في شبوة وتعز وأبين للانقضاض على التحالف في غمرة صراعاته، وهذا التحرك وأن أتى بثوب الإخوان، لا تخفيه التقنيات المتقدمة التي وصلت مؤخرا لهذه القوات في أبين كالطائرات المسيرة والأسلحة المتطورة.

وعلى ذات الخطى يسير الانتقالي الذي عمق علاقته بروسيا، العدو اللدود للسعودية، في سوق النفط والطامح للانتقام منها، إضافة إلى بحثها عن موطئ قدم عند ملتقى البحر الأحمر وخليج عدن، وهذه لم تعد سرا وقد لوح بها المجلس الذي لا يعرف الخطوة التالية للرياض بعد نشر قواتها في عدن ، على لسان القيادي علي الشيبة ناصر.

هذه مؤشرات تحول متطورة للصراع في اليمن فحواها قد يتضمن صدام مباشر بين السعودية والإمارات أو ربما تصعيد الصراع إلى الساحة الدولية مع إدخال أطراف أخرى ، لكن المؤكد أن الصراع الاماراتي – السعودي أصبح اليوم مؤكدا، باعتراف اماراتي وعلى لسان السفير السابق في اليمن خليفة الشيخ الكندي.

يكشف الكندي في رسالة بعثها في عام 1998 م إلى وزارة بلاده عن التحركات السعودية- الأمريكية للاستحواذ على سقطرى، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقدمت للحكومة في صنعاء حينها بطلب إنشاء قاعدة عسكرية في سقطرى مقابل امتيازات اقتصادية، لكن تلكؤ الحكومة اليمنية في تسهيل زيارة الملحق العسكري الأمريكي لسقطرى دفع بواشنطن للتحرك عبر السعودية وتحديدا عبر الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز على أساس إنشاء مشاريع استثمارية بمعية أمريكيين وصفها السفير الكندي بأنها تهدف للتمويه على النشاط العسكري لواشنطن.

جميع السيناريوهات متوقعة في سقطرى، سواء بمزيد من التدخل الدولي أو حتى مواجهة سعودية – إماراتية مباشرة، لكنها جميعا ستؤدي في نهاية المطاف إلى انقراض الأطراف المحلية التي ستظل أدوات صراع لتنفيذ أجندة خارجية، هي الخاسر الوحيد منها مالم تتكون إرادة وطنية للتوحد في حدود الوطن.

أحدث العناوين

ضابط في البحرية الأمريكية يكشف تفاصيل معضلة بلاده في اليمن

قال الضابط السابق في البحرية الأمريكية جيمس دوروسي إن بلاده تواجه معضلة استراتيجية حيث تخسر في أول نزال بحري...

مقالات ذات صلة