المطامع السعودية التوسعية في اليمن (2)

اخترنا لك

وعلى عكس ما فعل ابن سعود الذي كان يسعى وراء تحقيق سياسية توسع اقليمية هيأ نفسه لها بالمال والسلاح ، فان ابن حميد الدين الذي كان يدافع عن حقوق وطنية مشروعة ، ويرفع شعار «اليمن لليمنيين» وشعار : «الوحدة اليمانية » لم يعد نفسه الاعداد اللازم والكافي للحفاظ على هذه الحقوق ، وللدفاع عنها بقوة السلاح ، ولنقل مطالب اليمن العادلة في الوحدة من مائدة المفاوضات العقيمة والمملة الىميدان القتال الوطني ، ولمواجهة اي حرب ممكن ان يشنها الملك السعودي على اليمن . فقد كان ينقص جيشه كل الاسلحة الحديثة التي كان يمتلكها جيش عبدالعزيز ، وعدا بعض الاسلحة التي استوردها من ايطاليا فان معظم الاسلحة التي كانت بحوزته لا تعدو ان تكون مدافع وبنادق ، مما حصل عليه اتباعه خلال قتالهم للاتراك . وكاجراء عدائي فان السلطات البريطانية احتجزت في عدن ٨٠٠٠ بندقية مع ذخيرتها كان الامام قد اشتراها من الايطاليين ، واستبقتها هناك _كشكل من اشكال المساعدة غير المباشرة لابن سعود _ حتى نهاية الحرب.

 

كان امام صنعاء يعرف نقاط الضعف في نفسه وفي جبهته ، ومن هنا كانت رغبته الواضحة انذاك في اجتناب الحرب ، وفي اللجوء الى المفاوضات . وقد طلب الى وفده المحتجز في أبها برئاسة عبدالله الوزير التوجه الى ابن سعود لهذا الغرض . وأبرق في مطلع أبريل _مع بداية الحرب _ الى بعض الجمعيات الاسلامية في فلسطين ومصر ، شاكيا اليها هجمة عبد العزيز الحربية على اليمن ، وطالبا منها ارسال وفد الى الحجاز ، ليحاول بالتعاون مع وفده اقناع ابن سعود بالبحث عن حل سلمي ، وبايقاف الحرب ، غير ان ابن سعود الذي كان يشعر انه من القوة بمكان رفض محاولة الامام يحيى ، وابقى الوفد اليمني في أبها ، واعلن ان هذه الخطوة ليست الا تكتيكا من قبل حاكم صنعاء «وليس للامام من مقصد في ارسال ابن الوزير الينا الا التطويل ، ليدرك من بلادنا مثل ما ادركه في مطاولته الاولى » وانه ليس هناك الا طريق واحد على ابن حميد الدين ان يسلكه ، وهو قبول مطالب ابن سعود دون مفاوضات ، « ولا يستطيع ابن الوزير ولا غيره ان يغير في الامر شيئا ، وقد مضى علي اكثر من سنة وانا اجادل اهل نجد دونكم الى ان نفذ صبري وصبرهم وتعدياتكم متكررة لم تقف عند حد ، والامر قد فرط للدفاع عن كياننا ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، فان كان لكم رغبة في السلم الذي نرغبه ، وصبرنا من اجله ، على ما لا يصبر عليه ، ففي اي وقت ترغبونه ، تستطيعون ان تبرقوا لنا بقبول الاتفاق والسلم . » كما جاء في برقيته الجوابية الى يحيى حميد الدين ، ولم يعد في الامكان بعد الان قبول سياسة ملك اليمن ، فهي _ كما تحدث ملك السعودية _ « ملق وتملص ووعود » وابن حميد الدين لا يحسن «غير المكر والغدر » كما جاء فيها

ومع ذلك فقد تشكلت بعثة وساطة اسلامية مكونة من أمين الحسيني من فلسطين ، وهاشم الاتاسي من سوريا ، وشكيب ارسلان من لبنان ، ومحمد علي علوبة من مصر ، غادرت ميناء السويس الى المملكة العربية السعودين في ١٣_ ٤_١٩٣٤ ، في محاولة يائسة لاقناع الملك الوهابي بوضع حد للاعمال الحربية ، وحل مشاكله مع امام اليمن بالطرق السلمية .ولكن جهودها ذهبت عبثا .

 

كتاب “المطامع السعودية التوسعية في اليمن”
ص ٢٢٤_ ٢٢٥

أحدث العناوين

الانتقالي يكشف ازمة جديدة مع “الرئاسي” ويلوح بالانسحاب من الحكومة

كشف المجلس الانتقالي، سلطة الامر الواقع في عدن ، جنوب اليمن، الثلاثاء، ازمة جديدة مع المجلس الرئاسي، السلطة الموالية...

مقالات ذات صلة