حين تصبح الشحاذة مهنة في زمن النزوح…

اخترنا لك

في مدينة ساحلية مكتظة يعيش سكانها على دخل ى وأعمال أكثر شقاءاً يكثرُ الذين يمدون ايديهم للناس ، ففي الجولات الرئيسية وعلى أبواب الأغنياء يقفُ هولاء سائلين حسنة أو ما تجود به ايدي الأثرياء داعين لهم بطولة العمر والرزق مذكرين إياهم بالثواب إن هم تصدقوا عليهم.

منى الحجري-الحديدة-الخبر اليمني:

كنتُ أمام شباك غرفتي المطل على الشارع حين تبادر إلى سمعي حديث بين رجل وامرأة كانا ينتظران صدقة جارنا الثري التي يوزعها للفقراء يوم الجمعة .

الرجل البالغ من العمر ستين ونيف يقفُ بقدمٍ واحدة وعكازٍ لا يكادُ يستقيمُ بنفسه ، يتكأ بكتفهِ على جدارِ غرفتي ، يقابلُ بنصفِ وجهة امرأة حسب منظرها لم تبلغ نصف العقد الثالث بعد .

بين طوابير الفقراء والمساكين الواقفين لآخذ صدقة الرجل الثري ، كانا في زاوية من الشارع وكأنهما لا ينتميان للذلك الطابور الطويل ، فدار بينهما حديثٌ طويل خلاصتهُ أنهما تعبا من انتظار الصدقة التي لا تتعدى مائتي ريال يمني .

” ذحين يا عم مش حرام وقفتنا في هذي الشمس منشان هالبيس اللي ما تسمن ولا تغني من جوع ”

المرأة بنبرة جحود واستنكار..

” ما نفعل يا بنتي من يوم تركوني زوجاتي وعيالي وانا على ذا الحال القط رزقي مية من هنا ومية من هناك وربنا يحول بحق الأكل والشرب ”

الرجل وهو يحاول أن يُخفف من وطأة ما يعانيه من تعب.

تربت المرأة على كتف الرجل وتقول : الرزق والخير هناك عند اصحاب الجبال ، اني وامي كنا هناك وما نزلنا إلا البرد ، هناك طلبة الله صح ، نروح في اليوم بخمسة عشر ألف على الأقل غير البطانيات والملابس الجديدة والمستعملة .

وبدأت المرأة في سرد حكايتها وأمها مع الشحاتة في شوارع صنعاء وتسدي النصائح للرجل العجوز الذي كان يستمع إليها بكل انصات ، وفي نهاية حديثهما الطويل ، قام الرجل من مكانه تاركاً الطابور ومن فيه متجهاً إلى نهاية الشارع فيما بقيت المرأة واقفة تنتظر دورها في أخذ الصدقة التي أوشك صاحبها على المغادرة.

 

كان للحرب إضافةً للدمار والخراب الذي تخلفه مساوئ وأثار غير حضارية فمن تشريد المئات وفقد الكثير من الناس لأشغالهم ظهرت آفة التسول وبشكل كبير ،

يأتي المتسول أو المتسولة إلى بيت أحدهم ليقول له أنا كنت وكنت وبسبب الحرب نزحت من بيتي وتبهذلت وتشردت أنا وعيالي ، يستميلون قلوب الناس بحديثهم عن قسوة الحرب على معيشتهم وما آل إليه حالهم.

الحديدة كواحدة من أكبر محافظات الجمهورية اليمنية عانى ساكنوها من النزوح وترك البيوت بكل ما تحتويه من أثاث ومقتنيات ، الأمر الذي جعل فقراءها أكثر عرضة لإنتهاج سلوكيات سيئة لتستمر حياتهم على نفس المستوى الذي كانوا يعيشون فيه قبل الحرب .

 

كما كان للمنظمات الدولية والإغاثية دوراً في تشجيع هولاء الفقراء وغيرهم على البطالة وانتظار المعونات الشهرية التي تقدمها تلك المنظمات وخاصة منظمة الغذاء العالمي التي تتكفل بسلة غذائية كل شهرين لكل مستفيد.

 

من العام ٢٠١٥ وحتى هذه اللحظة ومع بداية عام جديد ٢٠٢١ يعيش معظم سكان الجمهورية على المساعدات الخارجية التي قلصت من فرص العمل أو حتى السعي إليه ،

وأصبح المواطن اليمني لا يطمح إلى تحسين مستواه المعيشي الأمر الذي أدى مع مرور الوقت إلى تخليه عن أي هدف يصبو إلى تحقيقه .

أحدث العناوين

UNRWA: Over a million people have lost their homes in Gaza

The United Nations Relief and Works Agency (UNRWA) stated that after 201 days into the war, destruction is everywhere...

مقالات ذات صلة