خيارات يمنية تطال الرياض

اخترنا لك

أبو يعقوب محمد:

تصريحات مباغتة صدرت عن حركة أنصار الله اليمنية، جاءت على لسان القيادي البارز في الحركة “يوسف الفيشي” وهو المعروف بكونه مسؤولا عن الملفات الاستراتيجية الأهم في مسار الحركة، حيث كشف الفيشي في خطاب علني عن خيارات يمنية ضد النظام السعودي، بمضامين تتجاوز ردة الفعل الدفاعية إلى المبادرة بفتح مسارات تأخذ الصراع إلى مستويات أعلى. كما أن مسألة طرح تلك الخيارات على لسان الفيشي تحديدا هو أمر يحمل دلالات تتخطى أغراض التأثير النفسي نحو تأكيد النية والقدرة على نقل ساحات المواجهة الميدانية بعيدا…

في خطابه، وجه القيادي “يوسف الفيشي” تحذيراً هو الأول من نوعه للنظام السعودي منذ بداية العدوان على اليمن قبل نحو 8 أعوام، بتأكيده امتلاك القدرة على تنفيذ عمليات اقتحام بأيد سعودية داخل كبرى مدن المملكة (الرياض مثالاً).

الأهم من ذلك أن الفيشي طرح ملاحظات عن عواقب التهرب السعودي من شروط السلام المطروحة حاليا، مشيرا لأن مماطلة ولي العهد الآن سوف توصل المملكة مستقبلا إلى الرضوخ قسرا لمعادلات جديدة تتغير فيها شروط السلام لتشمل مسائل تخص تصحيح خط الحدود التاريخية بين البلدين.
تلك الملاحظات توحي بأن الخيارات اليمنية، في حالة عدم إنهاء الحرب، ستفتح الباب لتغيير خرائط الحدود القائمة بخرائط جديدة ترسمها أقدام مقاتلي أنصار الله الجاهزين للتوغل عميقا داخل مناطق نجران وجيزان وعسير، متحفزين لاستعادة المناطق اليمنية التي استولت عليها السعودية خلال القرن الماضي بالدعم العسكري البريطاني ثم بالخداع وشراء الذمم.

بشأن ما يعترض تنفيذ تلك الخيارات، قال الفيشي أنها مؤجلة فقط لسبب وحيد هو أن السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “لا يحرق أوراقه ولا يستخدمها إلا بالوقت المناسب”. حد قوله.

تحليل لغة الفيشي تظهر ثقة بالقدرة على خلق تحولات عسكرية وجيوسياسية مؤلمة بعمق السعودية، تحولات لا تراهن فيها صنعاء على سلاحها البعيد المدى أو قواتها البرية فقط “فهناك معارضة سعودية وهناك قدرة يمنية على تنفيذ عمليات في الرياض من دون يمنيين، وفي مناطق مختلفة بالمملكة”.

ولأن الفيشي يدرك مدى بلادة العقلية الطائفية التي تحكم تقديرات النظام السعودي، فقد استطرد كلامه متطوعاً بتوضيح مجاني قال فيه: “لا نتحدث هنا عن المنطقة الشرقية”.

أما عن كيفية تحرير المناطق الحدودية جيزان ونجران وعسير التي احتلتها السعودية في ثلاثينات القرن الماضي، يقول مهندس التحولات الفارقة يوسف الفيشي بلهجة عامية ذات وقع بليغ: “ربما جنود الله قدهم داخل”.

 

بتأمل هذه التصريحات ودلالاتها، يبرز تساؤل منطقي: ما الذي جعل قيادة اليمن المحرر تحرك هذا الملف في هذا التوقيت؟
الجواب أورده الفيشي في حديثه مخاطباً قادة النظام السعودي: “إذا وصلت المعركة إلى معركة وجود، قد ترى عمليات في الرياض من دون يمنيين”. مؤكدا: “هذا ليس تهديداً ولا تحليلاً، هذا تحذير هذا انذار”.

يربط الفيشي هذا التحذير والإنذار باستشعار القيادة أن النظام السعودي بات يقود معركة وجودية ضد اليمنيين، وهو ما يحتم القيام بمبادرة ذات جوانب عسكرية وسياسية، لكن الفيشي تعمد أن يجعلها مبهمة إلى جانب كونها مفاجئة لتقديرات أجهزة المخابرات السعودية وداعميها من الأمريكي والبريطاني وصولاً إلى الإسرائيلي.

فمن الواضح أن القيادة الثورية تستشعر اليوم حتمية تطوير استراتيجيتها العسكرية وأهدافها ضد النظام السعودي، فما هو راهن قد خلق توزاناً في الردع، وما هو آتٍ سيخلق ما لا يعلمون، ولا يقدرون على ايقافه، إذ لم يعد طموح اليمن التخلص من ظرف عدواني وحسب؛ لأنها باتت تمتلك قوة وتأثيراً ستعود معهما إلى موقعها الديني والتاريخي والحضاري.

من المعلوم أن الظهور النادر ليوسف الفيشي عادة ما يترافق مع تحولات فارقة في عمر اليمن المحرر، وهنا يمكن الجزم أن تصريحات الفيشي جاءت تحديداً لتحذير النظام السعودي. أما ما سيلي التحذير فنتركه لأيام صاخبة وليالٍ حالكة تتجاوز ما سبقها في أرشيف الوجع السعودي على المستوى الداخلي بلا شك.

الأكيد أنه لهذا السببب وغيره، يوكل قائد الثورة للفيشي مهمة التحكم بصاعق القنبلة التي تخشاها السعودية منذ نشأتها؛ المناطق الحدودية، أحرار المعارضة، عمليات عسكرية في الرياض بإيدي شرفاء نجد والحجاز، وغيرها الكثير الكثير…
ولعلنا قريبا نرى مصاديق الوعد الإلهي: “ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين”.

لا تعبر المقالات المنشورة بالضرورة عن سياسة الموقع

أحدث العناوين

استفزاز إسرائيلي جديد في الأقصى

قتحم مئات المستوطنين صباح اليوم الخميس المسجد الأقصى المبارك في ثالث أيام عيد الفصح اليهودي، تحت حماية من شرطة...

مقالات ذات صلة