هل صارت تل أبيب عاصمتنا من المحيط إلى الخليج؟

اخترنا لك

غادة السمان:

في باريس التي تفتش عن ذرائع لتظل حفلا دائما وعيدا مستمرا كما وصفها همنغواي، بدأت الاحتفالات بعيدي الميلاد ورأس السنة قبل شهرين من موعدهما..

وها هو (بابا نويل) يتجول في مخازن باريس (وديزني لاند) واستعراضاتها.. وضمن هذا المناخ، تلقيت هدية هي مفكرة للسنة المقبلة 2018 بتجليد جلدي فني فاخر.
صديقتي الباريسية التي أهدتني إياها تعمل في فرع أوروبي من فروع بنك مقره (الأم) في عاصمة عربية.. ولأنني كاتبة فضولية تقرأ كل حرف تطاله يدها، طالعت المعلومات في مقدمة المفكرة الفاخرة كما تأملت الخرائط في صفحاتها الأخيرة. وخاب أملي!

 

الهدية الجميلة المسمومة!

 

باختصار: هذه (المفكرة) منحازة لإسرائيل على حساب عالمنا العربي.. ففي باب قائمة الأعياد وجدت عيدا واحدا يخصنا كعرب هو (رأس السنة الهجرية الإسلامية) إلى جانب رأس السنة اليهودية مع اسم ذلك بالعبرية وهو (روش هاشانا) واستفزني أنني وجدت في قائمة الأعياد، أيام العطلة في إسرائيل ولكنني لم أجد قائمة مماثلة لأي وطن عربي: وفي القائمة التي ضمت أعياد 36 دولة لم أجد تاريخ أعياد أي دولة عربية بل وجدت فقط إسرائيل وأعيادها إلى جانب أعياد الأوطان الأخرى باستثنائنا! وما من ذِكرٍ لوطن عربي واحد.
وبرغم أن الجليد القطبي يجري في شراييني مع الدم، لكنني اعترف أن نيران الغضب اجتاحت روحي ناهيك عن بعض الدهشة، لأن أحدا في مركز البنك «الأم» لم يتنبه لذلك برغم وجود بعض فلسطينيي الأصل في مجلس إدارته!!

«باي باي» فلسطين؟

وانتقلت إلى القسم الأخير من المفكرة وتحوي خرائط العديد من الدول، وتنقلت بين الخرائط لإنكلترا وإسبانيا وإيطاليا وأمريكا ولي ذكريات في عشرات المدن فيها.. وأيقظني من مشيتي في المقابر الملونة للذكريات خريطة عالمنا العربي، حيث سوريا ولبنان والأردن والعراق واليمن وقطر والسعودية و… و… ولم يأت ذكر أي من تلك الأوطان، أما في موضع فلسطين فقد تم تغييب هذا الاسم وقرأت عوضا عنه اسم إسرائيل مدسوسا في أرض عربية.. أي أن اسم إسرائيل يجلل (الأراضي العربية) من المحيط إلى الخليج والعاصمة: تل أبيب!
ولو صدرت المفكرة من بنك غربي لقلت لنفسي هذا وطنهم وهم أحرار، أما صدورها من فرع لبنك في الوطن العربي فقد استفزني، وأرفض أن أقول وداعا لاسم فلسطين ولن أترك اسم إسرائيل يحل مكانه، ولكن ذلك للأسف هو ما تحاول تلك الدولة المحتلة ترسيخه.
لم أذكر اسم البنك لأنني واثقة من انعدام سوء النية وأظن أن موظفا غربيا غلبه الكسل أو الإرهاق وبالتالي نقل المعلومات من دون تدقيق وذلك عن موقع غربي مسؤول عن تغييب اسم فلسطين.
لاحظت أيضا غياب اسم فلسطين والعواصم العربية كلها من جدول يبين المسافة بين باريس وبقية بعض مدن العالم ومنها تل أبيب، كأنها عاصمة (الأراضي العربية)!

تل أبيب وحدها المطار!

لا أحب الكتابة وأنا أغلي كمرجل، ولكن في المفكرة ذلك البند الآخر وهو قائمة المسافة بين باريس ومدن العالم، وأحزنني غياب أي اسم لمدينة عربية حتى عن ذلك الجدول باستثناء اسم تل أبيب! وأين؟ في مفكرة صادرة من فرع لبنك من بنوك وطننا العربي فما الذي يحدث لنا؟
انا أميل طبعا للاعتقاد بحسن نية الفرع الأوروبي الذي أصدر تلك المفكرة، حيث تم نقل جداولها عن مفكرات أخرى، بل إنني واثقة من ذلك ولكن ألم يطلع سواي على المعلومات (الشريرة) المدسوسة وبينها اسم إسرائيل في خريطة فلسطين المحتلة، واسم تل أبيب في قائمة المسافات بين باريس والعواصم؟ وهل أضحت تل أبيب المطار الأوحد في عالمنا العربي مكسور الخاطر مثلي؟

شمس في مقبرة.. مرزوق الغانم؟!

إسرائيل تسعدها أخطاء كهذه في مفكرة وفي كل حقل. بل وتدسها في أنابيـــب الإهمال والكسل وقلة التنبه، فهي تحاول احتلال فلسطين وسرقة تاريخــــها ووداعا للقدس فاسمها أورشليم و«يروشلايم» و«جروزالم» بدلا من القدس، وداعا طبريا وحطين.
عكا حيث ولد غسان كنفاني/صار اسمها «عكو» والناصرة صارت «نتسيرت» والخاطف يفرض على (الضحية) الاسم الذي يختاره.. وبينها أسماء توراتية بدلا من العربية، أو أسماء تم تحويرها من الأسماء العربية الأصلية بكل شر ماكر، ولذا نبتهج بكل محاولة عربية (نادرة) لرد ضربة لإسرائيل التي تسرق الزيتون الفلسطيني على أيدي (المستوطنين) وتسرق الحرية الفلسطينية على المعابر وفي الطريق إلى العمل أو الجامعة أو أماكن العبادة أو حتى إلى المقبرة.. وتحتجز 24 صحافيا فلسطينيا في سجونها (النازية) بامتياز فاق معتقل (اوشفيتز) ضد اليهود الذي تظل تتاجر به إسرائيل وتحلب عبره بقرة الإحساس بالذنب لدى الأوروبيين لتجييره لمصلحة الصهيونية النازية.
في مناخ كهذا نفرح بالموقف المشرف لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم الذي تسبب في طرد الوفد الإسرائيلي من اجتماع دُولي في مدينة سان بطرسبورغ في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي.
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أشاد بالرد الحازم لرئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم على إسرائيل كما فعل محمود العالول واسماعيل هنية ومواقع الاتصال والغانم صرخ في الوفد الإسرائيلي:
«أيها المحتل الغاصب عليك أن.. تخرج من القاعة.. يا محتل يا قاتل الأطفال»..
هذا موقف يشبه إطلالة شمس على مقبرة عربية غارقة في الظلمات وكم نحن بحاجة إلى وقفة كهذه إلى طرد بعض الظلام من قلوبنا، بصرخة من القلب كصرخة مرزوق الغانم.

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية..ماذا تقول الأخبار الأولية

تحديث: فوكس نيوز: مصدر أمريكي يؤكد الضربة الإسرائيلية داخل إيران، ويقول إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة، وكان هناك إخطار...

مقالات ذات صلة