الخبر اليمني/خاص:
في مشهد هزلي ظهرت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية نيكي هيلي الخميس الماضي من قاعدة عسكرية قرب واشنطن وخلفها حطام صاروخ قالت أنه صاروخ إيراني التصدير أطلقه الحوثيون على المملكة العربية السعودية، تماما كما ظهر وزير الدفاع الأمريكي في يناير 2003 كولن باول أمام الأمم المتحدة ليقول أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، ثم عاد ليعلن ندمه ويقول إنه كان خطابا سيء السمعة ولا تمتلك العراق أي نوع من الأسلحة المذكورة.
لم يتبين حتى الآن دقة الأدلة الأمريكية التي قدمتها هايلي على تصدير إيران للصواريخ الباليستية إلى اليمن، ونفت الأمم المتحدة أن تكون قدمت أي أدلة في هذا الشأن فيما كانت لجنة الخبراء الأممية ووفق تقرير لمجلة ذا اتلاتنيك قد قدمت تقريرا سري لمجلس الأمن أكدت فيه أنه لا يوجد أي دليل على المزاعم السعودية بل إن السعودية ذاته لم تقدم أي تأكيد على مزاعمها.
في المقابل وأثناء تقديم هايلي لما وصفته أدلة على تصدير إيران للصواريخ إلى اليمن، قدمت مجموعة ” أبحاث التسلح في الصراعات» التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها أدلة دامغة على تورط الولايات المتحدة الأمريكية في إمداد تنظيم داعش الإرهابي بالأسلحة.
ونشرت المجموعة يوم الخميس الماضي تقريرا قالت أنها عملت عليه لمدة ثلاث سنوات ووثقت فيه كما تقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية “أكثر من 40 ألف قطعة سلاح وذخائر في العراق وسوريا من خلال إرسال محققين ميدانيين إلى منطقة تمتد من مدينة كوباني شمال سوريا إلى جنوب العاصمة العراقية بغداد، وهو تعقب تقريبي لمسار تنظيم «داعش»للاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي وإقامة الخلافة.”
التقرير شرح كيف حصلت داعش على الأسلحة وماهي المصادر التي تلقت الدعم التسليحي منها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ،موجزا ذلك بعدد من النقاط هي*:
1- استولى تنظيم داعش على الصواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة لجماعات المعارضة، ربما في انتهاك للاتفاقات مع مصنعي الأسلحة:
بحسب ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في يوليو (تموز) الماضي، فقد أنهت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برنامجًا سريًّا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» لتسليح المعارضة السورية المعتدلة، التي تقاتل الرئيس بشار الأسد. بعض التفاصيل حول الأسلحة التي تلقوها معروفة علنًا، ولكن الباحثين وجدوا العديد من الصواريخ في العراق، التي يبدو أن الولايات المتحدة قد اشترتها وتم تزويد المجموعات السورية بها.
في إحدى الحالات، تم العثور على صواريخ من طراز PG-9 73mm، التي باعها مصنعو الأسلحة الرومانيون للجيش الأمريكي في عامي 2013 و2014، في ساحات القتال بسوريا والعراق. وقال التقرير إنه تم العثور على حاويات ذات أرقام مطابقة في شرقي سوريا، واستردت من قافلة تابعة للتنظيم في مدينة الفلوجة العراقية.
وتشمل السجلات التي حصلت عليها مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» من المسؤولين الرومانيين اتفاقات تشير إلى أن الولايات المتحدة لن تعيد تصدير تلك الأسلحة وغيرها من الأسلحة، وهي جزء من محاولة للحد من الاتجار بالأسلحة. كما كانت السعودية أيضًا مصدرًا آخر لنقل الأسلحة غير المسموح بها إلى سوريا.
ويقول التقرير إن الحكومة الأمريكية لم تردّ على طلبات لتتبع هذه الأسلحة وغيرها من الأسلحة التي وثقتها مجموعة المراقبة البريطانية. كما لم يردّ متحدث باسم وزارة الدفاع على طلبات التعليق من قبل مجموعة المراقبة.
2- استغرق الأمر من «داعش» أسابيع فقط لكي يحصل على صواريخ أمريكية مضادة للدبابات الأمريكية:
في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2015، صدّرت بلغاريا قاذفات صواريخ مضادة للدبابات للجيش الأمريكي من خلال شركة Kiesler Police Supply. وبعد 59 يومًا، استولت الشرطة الفيدرالية العراقية على بقايا أحد هذه الأسلحة بعد معركة في الرمادي بالعراق. وفي حالة أخرى، أظهرت مقاطع مصورة إحدى مجموعات المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا وهي تستخدم قاذف صواريخ مضادًا للدبابات مع رقم مطابق؛ مما يشير إلى أنها ربما جاءت من نفس الشحنة.
يوضّح هذا التسلسل كيف يمكن أن تتحول الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة ضد حلفائها، وتعيد تشكيل ساحة معركة، وتشكل خطرًا على الفرق الصغيرة لقوات العمليات الخاصة الأمريكية التي تتنقل بشكل روتيني في سيارات غير مهيئة لتحمل أسلحة مضادة للدبابات.
3- كانت عمليات التصنيع والتجريب عاملًا رئيسيًّا في انتشار الموت والخوف:
أشار محققو مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» إلى مواد مثل نترات الألمنيوم، وغيرها من السلائف الكيميائية القادمة من تركيا، والتي استخدمت في تقديم رسوم لقذائف الهاون والصواريخ في تكريت، والموصل، والفلوجة، وأماكن أخرى في العراق. وهذا يشير إلى عملية لوجستية قوية لتقديم المواد الخام إلى باحثي تنظيم داعش ومهندسيه، الذين يديرون الآلات الصناعية التي يتم الاستيلاء عليها، وفقًا للتقرير.
وقال داميان سبليترز، رئيس عمليات مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» في العراق وسوريا: «يؤكد ذلك نظريتي أن هذه هي الثورة الصناعية للإرهاب. ولأجل ذلك فإنهم يحتاجون إلى مواد خام بمقاييس صناعية». كما أدخل المسلحون تعديلات على بعض الصواريخ التي تُحمل على الكتف باستخدام مواد خام للحد من شدة الحرارة الناجمة عن إطلاق الصواريخ، الأمر الذي يعد خطرًا في المناطق الحضرية الضيقة.
4- ظهور البنادق الأمريكية في أشرطة الدعاية المصورة للتنظيم:
تظهر أشرطة الفيديو وصور الأسلحة الصغيرة التي صنعتها الولايات المتحدة والتي استولى عليها تنظيم داعش، ولا سيما بنادق M16 وM4، بشكل بارز في أشرطة الفيديو الدعائية لداعش لإظهار كيف هزم التنظيم المجموعات التي تتلقَّى دعمًا أمريكيًّا.
وبينما يبدو أن هذه الأسلحة قد تم تسليمها إلى قادة بارزين بوصفها مكافآت حرب، فإن وثائق مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» خلصت إلى أنه لم يكن هناك تدفق كبير للبنادق الأمريكية الصنع في ساحة المعركة. فقط 3% من الأسلحة و13% من الذخائر التي وثقها باحثو المؤسسة كانت مطابقة للأسلحة المستخدمة في بلدان أوروبا الغربية. وجاءت جميع الأسلحة والذخائر الأخرى من الصين، وروسيا، ودول أوروبا الشرقية.
5- تتحمل إيران مسئولية إغراق العراق بالصواريخ خلال العمليات المناهضة لتنظيم «داعش»:
أنتجت بلغاريا وإيران ورومانيا أغلبية الصواريخ الجديدة من طراز 73mm التي تم استردادها من تنظيم داعش، وفقًا للتقرير. ومع ذلك، فإن إدخال صواريخ إيرانية جديدة مضادة للدبابات هو مقياس دقيق لمدى تأثير طهران في ذروة العمليات الموجهة ضد تنظيم داعش، خصمها الأيديولوجي. وقال التقرير إن جميع الصواريخ الإيرانية التي تم استردادها تقريبًا من تنظيم داعش في العراق قد أنتجت بعد عام 2014، إذ تم تصنيع 59% منها في عام 2015 وحده.
شهادات أمريكية على دعم واشنطن لداعش**
والعديد من المسؤولين الأمريكيين ومن ضمنهم وزيرة الخارجية السابقة ومرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية “هيلاري كلينتون” قد أدلوا بتصريحات كثيرة في هذا المجال، أكدوا من خلالها إن الكثير من الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها “داعش” هي صناعة أمريكية.
وأوردت كلينتون في كتابها “خيارات صعبة” الصادر باللغة الإنكليزية قبل نحو سنتين معلومات عن علاقة إيجابية ما بين الإدارة الأمريكية وتنظيم “داعش” وقالت بالحرف الواحد: “إنّ الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس “داعش” من أجل مخطط تقسيم الشرق الأوسط”.
فالحديث الدائم عن دعم أمريكا لـ “داعش”، لا يأتي من فراغ، فواشنطن إعتادت على عدم إستبعاد أيّ طرف من دائرة دعمها المادي والاستخباراتي، طالما كان ذلك يصب في مصلحتها، ومن المسؤوليين الغربيين الذين أكدوا هذا الأمر يمكن الإشارة إلى كل من:
دونالد ترامب” الرئيس الأمريكي
إتهم “دونالد ترامب” أكثر من مرّة الرئيس الحالي “باراك أوباما” بدعم العديد من الجماعات السلفية والتكفيرية المتطرفة في الشرق الأوسط والتي شكّلت فيما بعد تنظيم “داعش” الإرهابي بدعم لوجستي ومالي وتسليحي من قبل السعودية وقطر وتركيا.
“دانيال ماك آدامز” رئيس معهد “ران بال” الأمريكي للسلام
أكد ماك آدامز في إحدى حواراته بأن أمريكا قد دعمت “داعش” تكتيكياً ولوجستياً لزعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط لاسيّما في سوريا لتنفيذ هدفها الرامي إلى تغيير النظام والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
“مايكل تشوسودوفسكي” مؤلف كتاب “حرب أمريكا على الإرهاب”
يقول مايكل تشوسودوفسكي (Michel Chossudovsky) مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً في العالم “حرب أمريكا على الإرهاب America’s War on Terrorism“: ” لقد قمت بالتركيز على أحداث الحادي عشر من سبتمبر من خلال منظور جيوسياسي واسع، لأن هذه الأحداث في الواقع لا تزال تمثل الذريعة الأساسية التي تستخدمها واشنطن لتبرير ما يسمى “الحرب على الإرهاب”، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن الملابسات الجيوسياسية التي أحاطت بهذه الأحداث تؤكد بأن الخلايا الإرهابية، كتنظيم “القاعدة” كانت تتلقى دعماً مستمراً من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA). وإنّ الذي أمامنا الآن عملية طويلة تتعلق بافتعال أو صناعة عدو. مضيفاً: إنشاء تنظيم “القاعدة” ما هو إلاّ عملية إستخباراتية إستخدمت كذريعة لتبرير الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 ومن ثم غزو العراق عام 2003.
الصحافي الأمريكي الشهير “سيمور هيرش”
أعرب الصحافي الأمريكي الشهير “سيمور هيرش” عن إعتقاده بأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط قد تغيّرت بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين لمواجهة إيران وسوريا ومحور المقاومة لاسيّما حزب الله بأيّ ثمن، حتى لو تطلب ذلك دعم الجماعات الإرهابية.
وأشار هيرش خلال مقابلة مع شبكة الـ “سي أن أن” الأمريكية إلى أن الوضع الآن يشبه إلى حد كبير الصراع في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي حيث برز تنظيم “القاعدة” بنفس الطريقة وبدعم من أمريكا وحلفائها الغربيين.
“مايكل تي. فلين” الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات في “البنتاغون”
أكد “مايكل تي. فلين” الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية إنّ مسؤولي البيت الأبيض قدموا دعماً كبيراً للجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش السوري على الرغم من التحذيرات التي قدّمت لهم في هذا المجال والتي كانت تشير إلى إمكانية نشوء جماعات إرهابية أخرى على غرار تنظيمي “داعش” و “القاعدة”، لكنهم لم يولوا أهمية لهذه التحذيرات.
جورج آدم” مدير سابق لوكالة الأمن القومي الأمريكية
إعترف “جورج آدم” مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق “رونالد ريغان” بأن بلاده قد دعمت الجماعات الإرهابية ولفترات طويلة من أجل تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم.
أمريكا تدعم السعودية بالأسلحة رغم تحذيرات العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش
عندما أعلنت السعودية عاصفة الحزم للحرب في اليمن تبنت الولايات المتحدة الأمريكية الدعم اللوجيستي لهذه العملية العسكرية، وهي العملية التي أدت إلى نتائج كارثية في اليمن حيث يعاني 18 مليون يمني من شبح المجاعة فيما يرتكب التحالف بشكل مستمر انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن، وهي انتهاكات تستدعي مساءلة واشنطن حيث عثر على بقايا قذائف أمريكية استخدمها التحالف في قصف أعيان مدنية.
ووثقت منظمة العفو الدولي عددا من الأدلة وآخر ذلك في شهر سبتمبر الماضي حيث قام خبراء المنظمة بتحليل بقايا قنبلة استهدفت منازل سكنية في عطان بالعاصمة صنعاء، وتوصل الخبرء إلى أنها تحمل علامات واضحة تماثل مكونات أمريكية الصنع عادةً ما تُستخدم في القنابل الموجَّهة بأشعة الليزر التي تُلقى من الجو.
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، حينها “يمكننا الآن أن نؤكد بشكل قاطع أن القنبلة التي قتلت والدي بثينة وأشقائها، وغيرهم من المدنيين، هي قنبلة أمريكية الصنع”. مؤكدى أنه “ليس هناك أي تفسير يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول مثل بريطانيا وفرنسا، لتبرير استمرار تدفق الأسلحة على التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية من أجل استخدامها في النزاع الدائر في اليمن. فقد ارتكب هذا التحالف مراراً وتكراراً انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك جرائم حرب، على مدى الشهور الثلاثين الماضية، وكانت لهذه الانتهاكات عواقب مدمِّرة على السكان المدنيين”.
وقال تقرير للمنظمة إن “وكالة التعاون الأمني الدفاعي” التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية أن الحكومة الأمريكية صرَّحت في عام 2015 ببيع 2800 قنبلة موجَّهة إلى المملكة العربية السعودية، وهي مزوَّدة “مجموعة التحكم الإلكتروني طراز MAU-169L/B”، بما في ذلك قنابل موجَّهة من طراز “GBU-48″ و”GBU-54″ و”GBU-56”.
*نقاط تقرير مجموعة التسلح نقلا عن مدونة ساسة بوست
** الوقت التحليلي