الخبر اليمني/متابعات:
وُصِفَت السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، في كتاب “نار وغضب” لمايكل وولف، وهو كتابٌ جامع يُوثِّق أول 9 شهور من إدارة ترامب، والذي تعرض لتهديدات قانونية من قبل البيت الأبيض، بأنها “خليط من الأفكار المثيرة للغثيان”.
وقد رفض ترامب الكتاب واصفاً إياه بأنه “مليء بالأكاذيب” و”سوء العرض”.
وقال ترامب في تغريدة: “إنني لم أعطِ أي إذن بدخول البيت الأبيض (بل إنني رفضت كثيرأً) لمؤلف هذا الكتاب المزيف! لم أتكلَّم معه قط لتأليف كتاب. مليء بالأكاذيب وسوء العرض والمصادر غير الموجودة. انظروا إلى تاريخ هذا الشخص وشاهدوا ما حدث له ولسلوبي ستيف!”.
I authorized Zero access to White House (actually turned him down many times) for author of phony book! I never spoke to him for book. Full of lies, misrepresentations and sources that don’t exist. Look at this guy’s past and watch what happens to him and Sloppy Steve!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) January 5, 2018
لكنَّ وولف شَكَرَ الرئيس الأميركي يوم الجمعة، 5 ديسمبر/كانون الأول، على زيادة مبيعات الكتاب، بعد أن وصل الكتاب إلى المكتبات منذ 4 أيام وسط موجة من عناوين الأخبار المثيرة والإعلانات، وفق ما ذكر تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.
وقال وولف في تغريدة: “ها نحن ذا. يمكنكم شراء الكتاب (وقراءته) غداً. شكراً سيدي الرئيس”.
ويغطي الكتاب مساحاتٍ واسعة، من بينها زعم الدائرة الداخلية لترامب أن الرؤساء الثلاثة للولايات المتحدة قد “أساءوا فهم الشرق الأوسط بالكامل”.
هذا هو ما تعلَّمناه عن رؤية ترامب للشرق الأوسط، من أمره بشنِّ ضربة صاروخية على قاعدة جوية سورية، إلى الطريقة التي أصبح بها الأمير محمد بن سلمان “رجل أميركا على رأس السلطة”، إلى جانب المعارك الداخلية التي حدَّدَت هذه الرؤية في بعض الأحيان.
Here we go. You can buy it (and read it) tomorrow. Thank you, Mr. President.
— Michael Wolff (@MichaelWolffNYC) January 4, 2018
1. موقف رابح على أي حال لكلٍ من ترامب ومحمد بن سلمان
يصف وولف التآزر بين وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وترامب وأسرته، بأنه تآزر عزَّزَ منه الصفة الجامعة بينهما وهي أنهما لا يعرفان الكثير مما يقومان به.
فقد قال صديق كوشنر: “لما عرض محمد بن سلمان نفسه على كوشنر بأنه رجله في السعودية، كان الأمر يشبه أن تلتقي شخصاً لطيفاً في أول أيام المدرسة الداخلية”.
وما إنَّ طمأن محمد بن سلمان فريق ترامب بأنه سوف “يُحقِّق أخباراً جيدة للغاية”، دُعي لزيارة البيت الأبيض، عندما “تصادق ترامب ومحمد بن سلمان بشكل كبير”.
“كان هذا نوعاً من العدوانية العنيفة بعض الشيء. فقد كان بن سلمان يستخدم احتضان ترامب له جزءاً من لعبة السلطة التي يلعبها في المملكة. أما البيت الأبيض الذي لا يزال ينكر هذا الأمر، فقد تركه وما أراد.
وفي المقابل، عرض محمد بن سلمان سلة من الصفقات والتصريحات التي ستتزامن مع جدول الرئيس لزيارة السعودية ــ أول زيارة خارجية لترامب. سيحصل ترامب على انتصاره”.
٢. ترامب أعطى الضوء الأخضر لابن سلمان “للتنمُّر على قطر”
قيل إنَّ ترامب قد أعطى الإذن لولي عهد السعودية “للتنمُّر على قطر” وبدء حملته التطهيرية للأسرة المالكة السعودية والنخبة التجارية. فقط كتب وولف:
“أومأ الرئيس للسعوديين بالتخطيط للتنمر على قطر، متجاهلاً بذلك نصيحة السياسة الخارجية، إن لم يكن متحدياً إياها. وكانت رؤية ترامب أنَّ قطر تُوفِّر الدعم للجماعات الإرهابية ـ ولا تهتم بالقصة السعودية المشابهة. (ويقول هذا المنطق إنَّ بعض الأسرة السعودية الحاكمة فقط هم من قدموا مثل هذا الدعم)”.
وسيُخبِر ترامب أصدقاءه، بعد أسابيع من زيارته الرياض، أنه وكوشنر من دبَّرا صعود محمد بن سلمان إلى السلطة ليصبح ولي العهد السعودي والوريث الواضح للعرش السعودي.
٣. حرب بانون ــ كوشنر حول مفاوضات السلام
كان ترامب يعرف أنه قد أسند إلى صهره مسؤولية كبيرة عندما أعطاه حقيبة محادثات السلام في الشرق الأوسط. وقد مزح مذيع فوكس نيوز، تاكر كارلسون، قائلاً إنَّ الرئيس: “لم يصنع أي جميل في كوشنر”.
فرد الرئيس، مستمتعاً بالدعابة: “أعرف هذا”.
“أفرده الرئيس لكونه يهودياً، وكافأه لكونه يهودياً، وأرهقه بمهمة مستحيلة لكونه يهودياً، واستسلم أيضاً للاعتقاد النمطي بالمهارات التفاوضية لليهود. فقال مرة: “يقول هنري كيسنجر إنَّ جاريد سيكون هنري كيسنجر الجديد”، ليجمع بذلك مجاملة وإهانة في آن واحد”.
أما بانون، الذي قال وولف إنَّ كوشنر كان يراه معادياً للسامية، فـ”لم يتردَّد في مهاجمته” حول ملف السلام. كان بانون على تعاون وثيق مع شيلدون آديلسون، الذي “قلِّل بانتظام من شأن دوافع كوشنر وقدارته” ـ ومع ذلك فقد استمر ترامب في إخبار كوشنر بالتعاون مع آديلسون، وهو ما أدى إلى حلقةٍ مفرغة.
وكتب وولف: “كانت جهود بانون ليحظى بلقب الشديد على إسرائيل، أمراً محيراً للغاية لكوشنر، الذي تربى يهودياً أرثوذكسياً. بالنسبة لكوشنر، فإنَّ الدفاع اليميني لبانون عن إسرائيل، الذي كان يتبناه ترامب، أصبح بشكلٍ ما، نوعاً من معاداة السامية الخفية المُوجَّهة نحوه بشكل مباشر”.
٤. “القدس من اليوم الأول”
بحسب الكتاب، فإنَّ استراتيجيّ البيت الأبيض، ستيف بانون، أخبر المدير التنفيذي السابق لفوكس نيوز، روجر آيلز، بأنَّ ترامب “سينقل السفارة إلى القدس من اليوم الأول”.
وقد أعطى بانون رؤيته للطريقة التي سيعيد بها ترامب صناعة الشرق الأوسط، فتكلَّمَ بصراحة مع آيلز، في عشاء جمعهما، وهو عشاء عرف لاحقاً بأن وولف هو من استضافه.
قال بانون: “دع الأردن تأخذ الضفة الغربية، ودع مصر تأخذ غزة. دعمها يتعاملان معهما. أو يغرقان في محاولتهما التعامل معهما. السعوديون على الحافة، والمصريون على الحافة، كلهم يخافون الإيرانيين حد الموت.. اليمن، سيناء، ليبيا.. هذا أمر سيء.. وهذا هو السبب الذي تعد روسيا من أجله محورية.. هل روسيا بهذا السوء؟ إنهم أشرار، لكنَّ العالم مليء بالأشرار”.
٥. تركيا: غير واثقة من ترامب
في أوائل الفترة الانتقالية، كتب وولف أنَّ مسؤولاً تركياً كبيراً تواصل “بحيرة حقيقية” مع شخصية تجارية أميركية بارزة حول كيفية التأثير على البيت الأبيض في عهد ترامب.
وتساءل المسؤول التركي: “عمَّا إذا كانت تركيا سيكون لها نفوذ أكبر عبر ممارسة الضغط على الوجود العسكري الأميركي في تركيا، أو من خلال عرض فندق خلاب على مضيق البوسفور على الرئيس”.
وقد مرَّت تركيا بوقتٍ عصيب، رغم محاولاتها المُتعدِّدة للضغط على الولايات المتحدة لتسليم فتح الله كولن المقيم ببنسلفانيا، الذي يُزعَم أنه العقل المدبر وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016.
٦. جذور كراهية ترامب لإيران
ميَّزَ الخطاب العدائي لترامب ضد إيران سياسته الخارجية. ويقول وولف إنَّ ترامب قد تعلَّمَ، تحت وصاية مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، أنَّ إيران “هي الدولة الشريرة”.
وقد أدى هذا الأمر أيضاً “إلى اعتقاد ترامب أنَّ كل من يعارض إيران فهو شخص طيب”.
٧. الشرق الأوسط: أربعة لاعبين فحسب
قلَّصَت الدائرة الداخلية لترامب الشرق الأوسط لتصبح مُتمركِزةً على “أربعة لاعبين”: مصر وإسرائيل، والسعودية، وإيران.
واعتقدوا أنَّ الدول الثلاث الأولى ستتحد ضد طهران، وكانوا يأملون أنَّ مصر والسعودية لن تتدخلا في المصالح الأميركية، ما دامت قد أطلقت أيديهما مع طهران. وكتب وولف أنَّ هذا الموقف الجديد حول الشرق الأوسط يمثل:
“خليطاً مثيراً للغثيان من الأفكار. انعزالية بانون (فلتصابوا جميعاً بالجدري، لكن اتركونا خارج هذا الأمر)، ومعاداة فلين لإيران (من بين كل شرور وسموم العالم، لا شيء يشبه شرور وسموم الملالي)، وكيسنجرية كوشنر (وهي ليست كيسنجرية بقدر ما هي افتقاره لأي وجهة نظر خاصة به، ومحاولة جادة لاتباع نصيحة رجل في الـ94 من العمر)”.
٨: كيف خلص ترامب إلى الهجوم على سوريا
بعد الهجوم الكيماوي على بلدن خان شيخون السورية في الـ4 من أبريل/نيسان 2017، اتخذ ترامب قراراً غير مسبوق بإطلاق صاروخ توماهوك على قاعدة جوية حكومية سورية، على سبيل القصاص.
وقد وصف وولف كيف كان ترامب غير واثق في البداية من كيفية التصرُّف، ثم: “في وقتٍ متأخِّر من ظهر ذلك اليوم، قدَّمت إيفانكا ترامب، ودينا بويل، عرضاً تقديمياً، وصفه بانون، مشمئزاً، بأنه صورٌ لأطفالٍ ذوي رغوة على أفواههم. عندما عرضت المرأتان الصور على الرئيس، نظر إلى الصور عدة مرات. بدا مبهوتاً. ولما شاهد بانون رد فعل الرئيس، فقد بدت له الترامبية تنهار أمام ناظريه”.
وكتب وولف أنه بعد مناقشات أخرى، أمر ترامب في 6 أبريل/نيسان، بالهجوم اليوم التالي.
“بعد انتهاء المناقشات واتخاذ القرار، عاد ترامب مبتهج المزاج إلى الصحفيين المسافرين معه على الطائرة الرئاسية. ورفض، بطريقة مثيرة للاهتمام، الإفصاح عما خطَّط لفعله حول سوريا”.
وقد وقع الهجوم بينما كان ترامب مع الرئيس الصيني في منتجع مارا ألاغو، بولاية فلوريدا. وما إن انتهى الهجوم، حتى وقف ترامب وبعض مستشاريه لالتقاط الصور. لكنَّ وولف كتب: “ستيف بانون كان يتميَّز غيظاً في مقعده على الطاولة، وقد أثار اشمئزازه التصنُّع والادعاء المحيطان بهذا الأمر اللعين”.
وقد بدت سياسة ترامب في الشرق الأوسط، بعض الأحيان، غير مُتوقَّعة. لكن، في هذه المناسبة، كتب وولف: “كان مستشارو الأمن القومي لترامب أكثر راحة منه. إذ بدا الرئيس الذي لا يمكن توقعه، متوقعاً إلى حدٍّ ما. بدا الرئيس الذي لا يمكن إدارته، قابلاً للإدارة”.
٩. حظر سفر المسلمين: بانون أراد المظاهرات في المطارات
كان بانون عاقد العزم على تمرير القرار التنفيذي بحظر المسلمين من بعض الدول من دخول الولايات المتحدة، لكن كان ثمة مشكلة.
“فبانون لم يعرف حقاً كيف يمكن له فعل ذلك الأمر، تغيير القواعد والقوانين. وقد فهم بانون أنَّ محدودية الإمكانات هذه يمكن استخدامها بسهولة في إحباط مسعاه. كانت الإجراءات عدوة لهم. لكنَّ مجرد الفعل، بصرف النظر عن الكيفية، وفعله فوراً، قد يكون وسيلة عكسية فعالة”.
فقد أرسل بانون، الذي لم يستخدم حاسوباً قط -بحسب وولف- أرسل ستيفن ميلر “إلى الإنترنت ليتعلم كيفية صياغة قرار تنفيذي”.
وبحلول وقت توقيع القرار، في 27 يناير/كانون الثاني، طالب معظم موظفي البيت الأبيض بمعرفة كيف اتُّخِذَ هذا القرار يوم جمعة “وهو ما سيشكل ضربة أقوى للمطارات ويجلب أكبر عدد من المتظاهرين”. وكتب وولف: “قال بانون: (ممم.. هذا هو السبب: حتى يظهر أصحاب المشاعر المرهفة في المطارات ويحدثوا شغباً)”.
١٠. الوزيرة هايلي.. السفيرة بويل؟
وصف أحد كبار الموظفين، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، بأنها “طموحة مثل لوسيفر”، وكانت قد عرضت على دائرة ترامب من قبل إيفانكا، التي كانت هايلي قد “تودّدت إليها وصادقتها”.
وكانت هايلي قد خلُصت -بحسب وولف- إلى أنَّ ترامب سيكون رئيساً لفترة واحدة، وأنه، بفرض حدوث ذلك، “فيمكن لها أن تكون الوريث الواضح، لو قدمت الخضوع اللازم”. أما أسرة ترامب فقد كانت لها أفكار مختلفة:
“إنَّ هايلي، كما أصبح واضحاً باطراد لفريق السياسة الخارجية والأمن القومي، كانت هي اختيار أسرة ترامب لتصبح وزيرة للخارجية بعد الاستقالة الحتمية لريكس تيلرسون. (وبالمثل ستحل دينا بويل مكان هايلي في الأمم المتحدة)”.
وكتب وولف أنًّ بانون كان قلقاً للغاية من أنَّ هايلي قد تخدع ترامب، فضغط من أجل الدفع بمايك بومبيو ليحل محل ريكس تيلرسون لو ــ أو عندما ــ يستقيل الأخير في نهاية المطاف.
١١. عربات الغولف.. الذهبية
خلال الزيارة الخارجية الأولى لترامب ــ لقمة الرياض التاريخية التي صارت تشتهر الآن بصورة البلورة ــ سافرت أسرة الرئيس وجاريد وإيفانكا “حول العالم في عربة غولف ذهبية” وأقام السعوديون حفلة بقيمة 75 مليون دولار على شرف ترامب، وتمت بكرسي يشبه العرش جلس عليه الرئيس.
“اتصل الرئيس بأميركا ليخبر أصدقاءه كيف كان الأمر طبيعياً وسهلاً، وكيف أفسد أوباما كل شيء، بشكل غير مُبرَّرٍ ومثيرٍ للشك”.