يبدو أنه لاخيار أمام السعودية لتجنيب اقتصادها تداعيات الاستهداف سوى وقف الحرب

اخترنا لك

ماهي أهم المنشآت الاقتصادية السعودية التي باتت في مرمى سلاح الحوثيين؟ وهل إعلان صنعاء الخيارات الاقتصادية سيوقف الحرب؟  وإلى أي مدى سيتأثر الاقتصاد السعودي في حال استمر التصعيد؟ وماهي الخيارات التي ماتزال متاحة أمام التحالف؟

بعد أربعة أعوام ونصف من حرب التحالف السعودي الإماراتي في اليمن انقلبت المعادلة وأصبحت المملكة السعودية في موضع الدفاع  جراء الهجمات التي تتعرض لها من قبل الحوثيين. هذا ما جاء على لسان الناطق باسم التحالف تركي المالكي أكثر من مرة

في أواخر شهر إبريل من العام الجاري أعلن الحوثيون تنفيذ الخيارات الاقتصادية ضد دول التحالف والدخول في مرحلة جديدة من المواجهة بعد رفض التحالف كافة المساعي الهادفة لتخفيف الحصار المفروض على اليمن على حد قولهم

وضع الحوثيون 300 هدف في السعودية والإمارات في مرمى الصواريخ والطيران المسير، وكان أولها استهداف أنابيب إمداد النفط في الدوادمي، في التاسع من رمضان، الناطق الرسمي باسم الحوثيين أكد حينها أن ما بعد عملية التاسع من رمضان ليست كما قبلها بمعنى انه انتهى زمن ارسال الرسائل وبدأت مرحلة الردع  المتمثلة باستهداف المنشأت الاقتصادية والحيوية في دول التحالف بغية ايقاف الحرب، كما يقول الحوثيون.

لكن هل ستنجح جماعة الحوثي في إجبار التحالف على وقف الحرب وإلى أي مدى ستتأثر السعودية اقتصاديا في حال استمر التصعيد وماهي أهم المنشأت التي باتت مهددة بالاستهداف؟

في الثاني عشر من شهر يونيو الجاري بدأ الحوثيون حرب المطارات ( مطارتنا مقابل مطاراتكم) وذلك باستهداف مطاري أبها وجيزان، ومازال الهجوم متواصل حيث تم استهداف مطار أبها 11 مرة ومطار جيزان 7 مرات بالتزامن مع التحذيرات المتكررة بأن هذه المطارات المستهدفة أصبحت غير آمنة وهدفا مشروعا في حال لم يتوقف التحالف عن الحرب في اليمن

يعتمد الحوثيون استراتيجية النفس الطويل في حربهم مع التحالف، يتضح ذلك في قصفهم المتكرر على مطاري جيزان وأبها اللذان تتحكم السعودية بحركة الملاحة فيهما كون  اكثر من 90% من الرحلات هي رحلات داخلية تقوم بها شركات طيران سعودية كما ويؤكد الحوثيون ان عملياتهم الهجومية على المطارات ستتوسع لتشمل اهدافا اخرى اكثر حساسية في اشارة ربما الى استهداف مطاري جدة والرياض وهذا مؤشر خطير في مسار التصعيد في حال انتقلت العمليات الى هذين المطارين سيكون له تأثير سريع وكبير على حركة الملاحة خصوصا ان معظم الرحلات فيهما رحلات خارجية بنسبة 90%

وهذا يعني ان شركات الطيران الدولية العاملة في هذه المطارات  تتعامل بحساسية عالية مع المناخات العسكرية والامنية في مثل هذه المنشأت ولن تجازف بتسير رحلاتها وستضطر للتوقف فورا

تضع جماعة الحوثي التي سبق لها أن استهدفت مطار الملك خالد  في الرياض العام الماضي  أكثر من 27 مطاراً مدنياً دوليا وإقليميا ومحلياً سعودياً في قائمة أهدافها الـ 300

هذه المطارات تستقبل يوميا اكثر من 300 رحلة جوية وخلال العام الفائت بلغت الرحلات الجوية للطيران المدني  ٧٧١ الف رحلة وبحسب احصائيات رسمية سعودية فان عائدات السعودية من المطارات المدنية تصل  اكثر من ٣٣ ملياردولار سنويا

يؤكد الحوثيون ان محطات التحلية والكهرباء ضمن قائمة الاهداف وتعتبر، محطة الشقيق للكهرباء وتحلية المياه  في جازان التي تم استهدافها مؤخرا اكبر محطة في المملكة تنتج يومياً أكثر 295 الف لتر من المياه التي تغذي جيزان ونجران وأبها وخميس مشيط والمدن و القرى المجاورة لها بالإضافة إلى انتاج المحطة قرابة 900 ميجاوات من الكهرباء

و هناك اكثر من 32 محطة تحلية مياة في السعودية  تنتج يومياً اكثر من 4,2 مليون لتر من المياه منها 27 محطة موزعه على ساحل البحر الاحمر والبقية موزعة على الساحل الشرقي للمملكة وفي حال استهدافها من قبل الحوثيين فان الوضع سيكون كارثيا كون السعودية تعتمد بشكل كلي على المياة من  محطات التحلية

لكن التهديد الاكبر للمملكة يتمثل باستهداف عمود اقتصادها المنشأت النفطية

خلال الاعوام السابقة استهدف الحوثيون مصفاة وخزانات ارامكو في جازان وعسير ونجران وحقل ينبع وانابيب ضخ النفط في الدوادمي

تمتلك السعودية عشرات الحقول النفطية برية وبحرية وصحراوية موزعه في، عدة مدن غير ان الحقول الرئيسية سته هي الاكثر انتاجا بينها حقل الاغوار، في الاحساء الذي، ينتج 60% من اجمالي الانتاج اليومي، للسعودية وحقل شيبه والسفانية وبقيق

اضافة الى خزانات النفط السعودية الاستراتيجية منها الخزان الذي يقع شرق الرياض الذي يتم تزويده بالمنتجات البترولية من مصفاة الرياض عبر خط أنابيب بطول 18 كلم ، وخزانات نفط جنوب شرق جدة التي يتم تزويدها بالنفط عبر خط أنابيب بطول (43 كم) ، وخزانات نفط آبها الواقعة شمال مدينة أبها ويتم تزويده بالمنتجات البترولية من محطة التوزيع بجيزان عبر خط أنابيب بطول (245 كم) ، وخزانات نفط القصيم الواقعة شمال مدينة بريدة ويتم تزويده بالمنتجات البترولية من محطة التوزيع بالقصيم عبر خط أنابيب بطول (75 كم)

رغم إدراك الحوثيين لتداعيات استهداف منشأت النفط السعودية التي تعد واحدة من كبريات منتجي ومصدري النفط في العالم على الأسواق العالمية ، إلا أنها حسب بيان صادر عن اللجنة الاقتصادية أواخر ابريل الماضي قالت إنها تجد نفسها مضطرة لتنفيذ تلك الخيارات بسبب الحصار الذي يفرضه التحالف على اليمن وحربه المستمرة

الموانئ هي ايضا ضمن الاهداف ال300 التي اعلنتها قوات الحوثي وتمتلك السعودية اكثر من عشرة موانئ تجارية وصناعية.. لكن اهم هذه الموانئ، ميناء راس التنورة النفطي الواقع في الساحل الغربي للقطيف والذي يعد اكبر ميناء نفطي في العالم،  وتصدر المملكة عبره ٩٠٪ من صادرات النفط الخام للاسواق العالمية

اضافة للمدن الصناعية حيث تمتلك السعودية أكثر من 30 مدينه صناعية متكاملة في 13 محافظة سعودية تحتضن الآلاف من المصانع المتنوعة

وتعد المدينه الصناعية في جدة من اكبر المدن يضاف إلى المدينه الصناعية الثانية في الدمام التي تحتضن اكثر من الف منشاة صناعية

مطلع العام ٢٠١٥ اعلنت الرياض عن افتتاح خمس مدن صناعية اكبرها مدينه جازان الصناعية والتي كانت تعتزم استقطاب ٧٥ مليار ريال للإستثمار فيها . الا ان الحوثيين استهدفو المدينه في اغسطس من العام ٢٠١٦، وتكررت الهجمات على المدينه الصناعية خلال العامين الماضيين

خلال السنوات الأربع الماضية فشلت السعودية في حشد المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية للاستثمار في القطاع الإنتاجي غير النفطي مع تصاعد هجمات الحوثيين على المدن الصناعية في جيزان ونجران وظهران عسير واستهداف الميناء الجاف في الرياض بصواريخ بالستية ومعها تصاعدت مخاوف المستثمرين وبدأت هجرة الأموال من السعودية إلى الخارج .

في العام الماضي  كشفت البيانات المالية الرسمية للشركات السعودية عن تكبد العشرات من هذه الشركات خسائر مالية ضخمة بسبب حالة الركود التي يعانية السوق السعودي وأفاد تقرير لصحيفة «الاقتصادية» السعودية أن أكثر من خمسين شركة مدرجة بالبورصة السعودية سجلت خسائر فادحة في عام 2018

ويقدر مصرف “جي بي مورغان” الأميركي في أحدث تقرير، حجم الثروات السعودية التي ربما ستهرب من المملكة إلى الخارج خلال العام الجاري بنحو 90 مليار دولار.

اجمالا يمكن القول بأن الكثير من المنشأت الاقتصادية السعودية باتت في مرمى النيران القادمة من اليمن وبلا شك ستتأثر السعودية بشكل كبير لوقوع الكثير من المنشأت الحيوية الهامة التي تمثل عمود الاقتصاد في المملكة في مرمى سلاح الجو الحوثي.

لذا من الوارد أن يحكم النظام السعودي العقل ويجنب اقتصاده كل هذه التداعيات، بعد أن استنفدت مختلف أوراقه لوقف التصعيد الحوثي في العمق السعودي، ولم يبقى سوى ايقاف هذه الحرب .

اضف لذلك انه لم يعد للتحالف السعودي الاماراتي بنك اهداف باليمن يمكن من خلالها الضغط على جماعة الحوثي من اجل حماية مصالحهم، بعد أن تبين عجز الدفاعات الجوية السعودية في صد هذه الهجمات

لانعلم ماهي خيارات السعودية في الدفاع عن منشأنها الاقتصادية وكيف؟  الا انني ومن خلال تعاطي السعودية مع الكثير من الملفات في المنطقة واليمن استبعد ان يراجع المسؤولين في السعودية حساباتهم من هذه الحرب التي يقودونها في اليمن والتي ارتدت الى عمق مدنهم وباتت تهدد اقتصادهم ..لان ذلك في نظرهم يمثل اعتراف بالهزيمة

هذا التعنت سيكلف المملكة الكثير من التداعيات والخسائر فالحوثيون لن يتراجعوا عن ضرب الاقتصاد السعودي في حال استمرت حرب التحالف كما يقولون.

 

أحدث العناوين

مقالات ذات صلة