حرب اليمن في نهاية عامها الخامس الموقف الأمريكي و الروسي منها  3-2

اخترنا لك

عاصفة الحزم 2015 قد حددت أدواتها و أهدافها مسبقا ، قبل عدة سنوات ( 2008م ) . استهدفت الشعب اليمني بماضيه و حاضره و مستقبله ، بهذه المحرقة و الإبادة الجماعية ، و عبر القصف براً و بحراً و جواً ، و الحصار و التجويع و نشر الأوبئة و منع وصول الأدوية أو السفر للعلاج  .

حقاً انها محرقة و إبادة جماعية أو ممكن ان نطلق عليها هولوكوست القرن الواحد و العشرين . ما هو الـ ” هولوكوست ” هي الإبادة الجماعية ، التي تعني قتل مجموعة كبيرة من البشر ، بسبب إنتمائهم أو دينهم . هذا ما يقوم به التحالف السعودي – الإماراتي ، إبادة الإنسان اليمني بسبب إنتمائهم ليمن الحضارة و التاريخ العريق . وكذا بسبب إنتمائهم للمذهب السني و الشيعي الزيدي ، الرافض لمذهبهم الوهابي السلفي الارهابي و الذي تدين به السعودية و الإمارات . حقاً انها محرقة حقيقية و عملا إجرامياً موجهاً ضد اليمنيين ، نفذها التحالف السعودي بالاشتراك مع الولايات المتحدة و بريطانيا .

كانت اهدافهم العسكرية مركزة على المواقع المدنية و على تدمير البنية التحتية لليمن بأسلحة أمريكية – اوروبية و بعضها محرم استخدامها دولياً .

هذه الجريمة يجب ان تسجل في التاريخ ويتم تدريسها ضمن المنهج التعليمي للاجيال القادمة ، و يقام نصب تذكاري لشهداء و جرحى هذه المحرقة . الشعب اليمني لم يهدد الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو الحلف السعودي – الإماراتي . لم يخطط اليمن لشئ سئ ضد هذه البلدان .

الحرب التي تدار الآن في اليمن ليس لها أي طابع حرب اهلية ، أ نها حرب عدوانية فرضت على اليمن ، كان الهدف الاستراتيجي عند قوى العدوان قصف و تدمير الموانئ و الجسور و المدارس و المستشفيات و المستودعات و كل ما يرتبط بحياة الانسان اليمني . كانت غاراتهم بالقنابل فعالة للغاية بمساعدة أنظمة الرادار الحديثة .

ان استمرار العداء الأمريكي ضد الأمة العربية الإسلامية واضح و خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي ترامب . الرئيس ترامب هو الذي وقف ضد الجهود المبذولة لإنهاء التدخل الأمريكي في اليمن . أستخدم ترامب حق النقض أربع مرات لمنع  الكونجرس من سحب الدعم العسكري الأمريكي و إنهاء مبيعات الأسلحة إلى المملكة السعودية و حلفائها .

بحجج كاذبة ، حسب ما يطرحه المسؤولين في إدارة ترامب ان السعوديين بحاجة إلى الدعم و التدريب الأمريكيين لمنع المزيد من القتلى المدنيين . لكن تقارير الأمم المتحدة تكذب هذه الحجة . ان التحقيق الأخير للأمم المتحدة ، يؤكد ان الولايات المتحدة مع بريطانيا متواطئة في جرائم الحرب .

الدور الأمريكي في الحرب

منذ أن بدأت السعودية و حلفائها العدوان على اليمن في مارس 2015م ، قدمت الولايات المتحدة دعمها الكامل للتحالف السعودي . قصفت الطائرات الأمريكية آلاف الأهداف ، بما في ذلك المواقع المدنية و البنية التحتية .

إن التواطؤ الأمريكي في حرب اليمن يتجاوز خلق أزمة كارثية في اليمن ، و بيع أسلحة  للسعودية و الإمارات بقيمة مليارات الدولارات  .

هذا التواطؤ أضر أيضاً بالمصالح الأمريكية ذاتها في المنطقة . حرب اليمن خلقت حالة من عدم الإستقرار في الشرق الأوسط  ، بحرب اليمن زادت التوترات بين الخصمين الإقليميين إيران و السعودية . يدعم السعوديون و حلفاؤهم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً . بينما تدعم إيران سلطة أمر الواقع ، الذين يسيطرون على المدن الرئيسية في البلاد حيث الكثافة السكانية منذ 2014م .

ان مشاركة الولايات المتحدة في حرب اليمن في الأساس يعتبر تورط أمريكي غير مدروس في الصراع الدموي . الإدارة الأمريكية بذاتها تعترف بأنها قد ورطت الجيش الأمريكي منذ البداية ، هذ باعتراف Gen LIoyd Austin,commander of US Central command الجنرال لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأمريكية الذي قال حينها ” لا أعرف حالياً الأهداف و الغايات المحددة للحملة العسكرية السعودية ، و يجب أن أعرف ذلك لكي أتمكن من تقييم احتمال النجاح  ” . و كذا وزير خارجيتهم وآرن كريستوفر حينها قد حذر دول مجلس التعاون الخليجي من التدخل في اليمن . لأن الحرب ستستمر إلى ما لا نهاية و سوف تساهم في الإضطرابات في المنطقة .

لكن الصلف و العنجهية السعودية و الإماراتية طغت على إدارة أبوظبي و الرياض ، الآن سوف  يتجرعون العلقم نتيجة ما جنته ايديهم .

إذا التدخل العسكري الأمريكي في اليمن كان غير مدروساً ، قد أنكشف و يخضع الآن للتدقيق  المتزايد  . لأن التحالف  بين  الولايات المتحدة و السعودية  أثار جدلاً بين المشرعين الأمريكيين . و أثار إهتمام أكثر بعد مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا . بعد هذا ظهرت بوضوح بشاعة الحرب الأمريكية السعودية الإماراتية في اليمن ، و التي راح ضحيتها أرواح الآلاف من الأبرياء اليمنيين .

قدم فريق من محققي الأمم المتحدة ، تقريرا يثبت كيف ان الولايات المتحدة إلى جانب بريطانيا و فرنسا . انهم دول متواطئة في جرائم الحرب في اليمن بسبب الاستمرار في بيع الأسلحة و تقديم الخدمات الاستخباراتية لدعم السعوديين و حلفائهم ، و خاصة الإمارات .

 

الدور الروسي في الحرب

موقف روسيا في مثل هذه الحالات ، عادة ما يكون حذراً بشأن المكونات السياسية التي تستولي على السلطة عبر الإنقلابات . لكن في الحالة اليمنية ، كان موقف روسيا مختلف ، في احداث سبتمبر 2014 كان موقفها محايداً . روسيا تعتقد ان التوصل الى حل سياسي مع الحوثيين و حلفائه الرئيس علي عبدالله صالح ( وهو حليف روسيا في اليمن ) ممكن و لا توجد موانع في الدخول في حوار فعّال مع السلطة ، لكن هذا يعتمد على الحوافز !  على هذا الأساس دعت روسيا إلى اشراك أنصار الله في الدبلوماسية المتعددة الأطراف . عند إذن نستطيع ان نقول ان السمة المميزة لسياسة  روسيا اتجاه  اليمن  منذ  بداية الحرب 2015م هي ” مسك العصا من النصف ” .

لذا لا نستغرب في أبريل 2015م ، كانت روسيا الدولة الوحيدة في مجلس الأمن الدولي التي امتنعت عن التصويت على قرار 2216 ، الذي دعا إلى حظر الأسلحة على الحوثيين و فرض حظر على سفر زعيم الحركة عبدالملك الحوثي . الموقف الروسي الوسطي شجع انصار الله الى السعي للحصول على دعم روسي أكبر ، لهذا السبب بدأت المغازلة الحوثية للروس .

في فبراير 2015 طلب الدبلوماسيين الحوثيين من روسيا الإعتراف بشرعية حكمهم على اليمن في مقابل صفقات في قطاع الطاقة في اليمن . الا ان العرض التجاري للحوثيين لم تؤت ثمارها . في 28 يوليو 2016 تم تشكيل المجلس السياسي الأعلى ، هو هيئة تنفيذية عليا شُكلت من قبل أنصار الله و حزب المؤتمر الشعبي العام لحكم اليمن .

أصبح صالح الصماد رئيسا له في 6 أغسطس 2016 . حينها أشاد القائم بالأعمال الروسي في صنعاء ، أوليغ دريموف ، بإنشاء المجلس السياسي الأعلى . و في نفس الوقت أعربوا الروس عن دعمهم لحكومة اليمن المدعومة من الأمم المتحدة ( هادي ) . و لتأكيد النوايا الحسنة لروسيا اتجاه حكومة الإنقاذ الوطني هو بقائها في صنعاء . هنا نؤكد ان سياسة روسيا اليمنية ” مسك العصا من النصف ”  .

في 4 ديسمبر 2017 تم اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء ، هذا أثار غضب الروس ، كتعبير عن معارضتهم لاغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، قامت روسيا في نهاية المطاف بإبعاد موظفيها الدبلوماسيين من صنعاء في ديسمبر 2017 . الا ان موسكو استمرت في معارضة حملة التحالف بقيادة السعودية لهزيمة أنصار الله عسكرياً . على الرغم من ان وزير الخارجية  الروسي  سيرجي لافروف وصف الحوثيين على انهم ” حركة راديكالية ” بعد وفاة الرئيس صالح ، لكن علاقة انصار الله مع موسكو لم تتأثر .

كثفت حركة أنصار الله من تواصلها الدبلوماسي مع روسيا مرة اخرى ، في 26 أكتوبر 2018 التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف  بوفد من انصار الله برئاسة محمد عبدالسلام لمناقشة تسوية سلمية محتملة في اليمن . كان رد فعل أنصار الله إيجابياً . بعد فترة  وجيزة  من  لقائه مع  بوغدانوف ،  تحدث  عبدالملك   العجري ، عضو المكتب السياسي لانصار الله ، إلى  سبوتنيك ، و أعلن  دعمه  لروسيا  لتصبح  مكاناً  لمحادثات السلام بين اليمنيين .

في الاخير رغم ان روسيا ترفض الإعتراف بشرعية استيلاء انصار الله على السلطة في صنعاء ، لكن روسيا تعاملت مع أنصار الله بشكل أكثر إيجابية من أي قوة عظمى أخرى بسبب إيمانها بضرورة التوصل إلى حل سياسي للصراع اليمني . هذا النمط من العلاقة جعل انصار الله يتقبلون مطالب روسيا و منحوا موسكو دوراً أكثر بروزاً في إنهاء الحرب الأهلية اليمنية .

كاتب و محلل سياسي يمني 

 

إقرأ أيضا:  حرب اليمن في نهاية عامها الخامس  3-1

 

أحدث العناوين

المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تنفذ إعدامات ميدانية ضد الأطفال في محيط مستشفى الشفاء

أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش العدو الإسرائيلي المجرم نفذ عمليات إعدام ميدانية بحق أطفال في محيط مجمع...

مقالات ذات صلة