السعودية تسحب قواتها من اليمن.. ماذا يجري؟

اخترنا لك

صلاح السقلدي:
في خطوةٍ مفاجئِــةٍ للجميع شــرَعتْ المملكة العربية السعودية بسحب قواتها من كثير من المناطق باليمن، بعد سبع سنوات حرب متعثرة.فبعد أن سحبت المملكة كل قواتها من محافظة مأرب قبل شهرين تقريبا على وقع تقدم قوات الحركة الحوثية هناك، فقد أتَــبَــعتها بالأسابيع الأخيرة بسحب كثير من قواتها من مناطق في محافظات: المهرة – أقصى شرق-، وشبوة وتحديدا من مدينة ومطار عتق المركز الإداري للمحافظة،ويوم الثلاثاء الماضي سحبت معظم – إن لم يكن كل- قواتها من المعسكر الاستراتيجي للتحالف في مدينة عدن -حاضرة الجنوب- وسط ذهول المجلس الانتقالي الجنوبي وكل القوى الجنوبية ،وكل المراقبين للشأن اليمني بالداخل والخارج.
لا نظــــنُ أن هكذا إجراءات سعودية غاية بالأهمية والخطورة قد تمّــــت بمعزلٍ عن عِـــلمِ الشريك الآخر للسعودية بهذا التحالف ( الإمارات  العربية المتحدة)، وهذه الأخيرة كانت هي الأخرى قد قامت الأسبوع الماضي بسحب قواتها من أكبر وأهم المعسكرات في محافظة شبوة( معسكر العلم) ولم يبق لها سوى قوة بسيطة في ميناء بلحاف على خليج عدن بحافظة شبوة، بعد أن سحبت قبل عامين جُــل قواتها وأصبحت  رسميا خارج دائرة المشاركة العملياتية العسكرية للتحالف،أو بمعزل عن علم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا،وهذه الأخيرة كثفت من حضروها العسكري بشكل لا فت في محافظة المهرة بتسهيل وتعاون سعودي.ولكن بالمقابل لا نظن أن ثمة تنسيق أو إشعارا مسبقا قد قامت به السعودية وحلفاؤها الغربيين مع القوى السياسية اليمنية على الأرض, ونعني هناك تحديدا، الحكومة اليمنية المُــعترف بها دوليا والمجلس الانتقالي الجنوبي.مما يعني أننا أمام سيناريو مشابه إن لم نقل أكثر قتامة وبؤسا للانسحاب الأمريكي المفاجِـئ من افغانستان، حيث أن الوضع في اليمن وبالذات في الجنوب تحتدم فيه صراعات عسكرية وسياسية واقتصادية وفكرية يمنية تنضوي تحت المظلة السعودية على أشدها برغم الوجود العسكري السعودي، في وقت لم تلح فيه أية بوادر لتسوية سياسية أو حتى لوقف الحرب، مما يعني هذا أن ترك السعودية  للساحة لفراغ أمني وسياسي سيعني مزيدا من استعار هذه الصراعات وتعمق الخلافات أكثر مما هي عليه، وسيذهب الجميع نحو هوّة سحيقة من التمزق والاحتراب.
صحيح أن القوات السعودية بعكس القوات الإماراتية ظلت طيلة السنوات السبع من عُــمر هذه الحرب بعيدة عن المشاركة القتالية الفعلية على أرض الواقع إلّا أن بقاء قواتها ولو داخل المعسكرات ظل عامل ردع  وتهيّــب لأي طرف يحاول التفرد بالأرض, وسيشجع بالتالي هذا الانسحاب كل القوى على الاستئثار بالسيطرة على الأرض وسحق الآخر.
كما أنه صحيحا أن السعودية ومعها الإمارات لن تترك اليمن نهائيا حتى وأن سحبت معظم أو كل قواتها، فهي ستبقي نفوذها على قائما من خلال أذرع سياسية وفكرية وحزبية وجماعات جهادية وقَــبلية تغذيها بمسارب مالية غزيرة، بالتوازي م الإبقاء على  كل أنواع الصراعات السياسية والفكرية والجغرافية والقبيلة والمذهبية مشتعلة ليسهل لها الاحتفاظ بسيطرتها على هذا البلد الاستراتيجي بعد أن ارتخت قبضتها كثرا منذ سيطرة الحركة الحوثية على مقاليد الأمور عام 2014م،فالخسائر السعودية المالية والبشرية، وما أصاب  سمعتها الأخلاقية بالصميم جرّاء وحشية هذه الحرب فادحة للغاية يستحيل معها الخروج من مولد اليمن بدون حُمــص، كما أن الرغبة السعودية بالهيمنة على اليمن متجذرة أصلا بالفكر السعودي منذ عشرات العقود، وستظل قائمة ،سواء تدخلت باليمن عسكريا أم لم تتدخل، سواء خسرت الحرب أم كسبت.
-وبالعودة الى الموضوع الرئيس( الانسحابات السعودية)، فبرغم مما يقال عن أن ثمة تفاهمات لها علاقة بوقف الحرب باليمن وبالصراع الاقليمي الدولي بالمنطقة تتم خلف الكواليس وتنسج خيطوها الولايات المتحدة ومعهما السعودية وإيران إلا أن الغموض ما يزال يلف الجزء الأعظم من هذه الانسحابات على الأقل حتى الآن، إن لم يكن الأمر أصلا انسحابا سعوديا من طرف واحد على غرار الانسحاب الأمريكي من افغانستان، وإقرارا غير ملعن بالهزيمة، وقناعة سعودية بضرورة الانسحاب من حرب تحولت الى ثقب أسود يبتلعها برمال اليمن الملتهبة, والاكتفاء عن عوضا عن ذلك بالتحكم بخيوط التحكم  بالشأن اليمني من خلف الحدود بواسطة أدوات محلية، كما درجت عليها السياسة السعودية تجاه اليمن.
قد يقول أحدهم كيف للسعودية أن تتخلى بسهولة عن وجودها الذي ظلت ترسخه بالسنوات الأخيرة بمحافظة المهرة الاستراتيجية وتصرف نظرها عن هذه المحافظة الهامة في وقت  قيل فيه أن الرياض تتطلع لمد أنوب نفطي عبرها لتطل من خلاله على بحرب العرب للاقتراب من أسواق النفط وتجنب سطوة يد وعين إيران في مضيق هرمز، فالسعودية لم تتخل عن هكذا مشروع، وستنفذه سواء عبر المهرة أو عبر سلطنة عُمـــان، وبالفعل ففي الأيام الماضية تصاعد الحديث عن اتفاق سعودي عماني لتنفيذ هذا المشروع عبر الأراضي العمانية.كما أن الوجود البريطاني بالمهرة ما يزال متصاعدا، ومن خلاله ستأخذ السعودية ما تريده من هذه المحافظة، فالعلاقة السعودية البريطانية أشد متانة منذ زمن طويلا.

أحدث العناوين

Sana’a forces announce targeting a British oil ship and shooting down an advanced American drone

Sana'a forces have announced targeting a British oil ship in the Red Sea with appropriate naval missiles and shooting...

مقالات ذات صلة