عندما تنتهك أمريكا حقوق الإنسان وترتكب جرائم ضد الإنسانية

اخترنا لك

كريم مجدي:

الجريمة ضد الإنسانية هي أي هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والعبودية الجنسية، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمةِ التفرقة العنصرية وغيرها، بصرف النظر عن ارتكابها وقت الحرب أو السلام. ذلك وفق ما ينص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي عرف باسم “نظام روما”. ونعم.. أمريكا قامت بكل تلك الأعمال التي يمكن أن تصنف بأنها جرائم ضد الإنسانية!

أمريكا تغيرت.. نحن في الألفية الثانية وهي زعيمة العالم بعد الحرب العالمية الثانية، حامية حمى حقوق الإنسان وأكثرها انضباطًا بتلك الحقوق. هذه الفرضية سوف تفهم أنها صحيحة فقط عندما لا يتعلق الأمر بها أو بمصالحها، فالثابت أنها استخدمت الأسلحة الكيمائية في حربها مع فيتنام في خمسينات القرن الماضي ولا يزال أطفال فيتنام يعانون التشوهات الخلقية والجسدية والعذابات اليومية حتى الآن، وهي التي قامت بإلقاء قنابل نووية على مدن مسكونة قتلت فيها 220,000 إنسان ياباني عام 1945، تك الأسلحة التي تصنف أنها من ضمن أسلحة الدمار الشامل فمن يستخدمها ومن يفعل ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال وصفه بأنه يهتم للإنسانية.

يبدو أنك لست مقتنعا، فهذه حروب! مع أن الحرب لا تبرر الجرائم ضد الإنسانية؛ لكن لنمرّ الآن على ما قامت به أمريكا بحق بعض البشر:

أوتا بينغا.. رجل تحمَّل سفالة أمريكا

تبدأ القصة في الكونغو عام 1904 عندما ودع القزم أسود البشرة زوجته وطفليه وقريته البسيطة البدائية ليذهب مع بعض أصدقائه في رحلة بحث عن الطعام، في تلك الأثناء تقوم قوات استعمارية أمريكية باقتحام القرية وبعمليات قتل عشوائية للصغار والكبار، مجزرة موثقة لم تبقِ أحدًا من أهل القرية على قيد الحياة. عاد أوتا بينغا إلى قريته ليجد ما حل بقريته وعائلته التي قتلت، فوقف عاجزًا عن الحراك حتى أخذوه أسيرًا في طريق العبودية.

حظ بينغا كان تعيسا للغاية إذ أن عملية استعباده تزامنت مع زيارة تاجر أمريكي يدعى “ساموئيل فيرنر” وهذا الأخير كانت مهمته إثبات نظرية التطور لداروين والتي تنص على أن الإنسان كان قردًا قبل أن يتطور إلى شكله الحالي، وكان يقوم بالبحث عن أقزام من أفريقيا يشبهون القرود فيقوم باستعبادهم وعرضهم على الناس على أنهم قرود في سبيل إثبات تلك النظرية.

حظ بينغا كان تعيسًا فأسنانه المدببة وفق تقاليد قبيلته وقصر قامته التي لا تتعدى المتر ونصف المتر ولون بشرته وشكله جعلت منه هدفًا لذلك التاجر. قيل إنه اشتراه بحفنة من الملح، وأخذه إلى مدينة سانت لويس الأمريكية.

وضعوه في قفص في حديقة حيوان هناك مع الشمبانزي وأنواع أخرى من القرود، وبدأت مأساة جديدة في حياته فطمسوا إنسانيته تمامًا وعاملوه كالحيوان بشكل جدي، حتى أنهم كانوا يلقون عليه بالحجارة ويؤذونه بالعصي لكي يتحرك كما يفعلون مع القرود بالضبط، وبشكل فطري كان يحاول أن يدافع عن نفسه ما يدفع حراس الحديقة إلى تعذيبه وربطه إلى الأرض في قفصه، ومع صراخه وعنفه الذي أصبح زائدًا
لم تعد ترى حديقة الحيوان منه فائدة فتخلت عنه ليأخذه ملجأ يرعى المضطهدين من أفريقيا.

تعلم الإنجليزية وعمل في مصنع للتبغ بإخلاص بعدما وعدوه بإعادته إلى قريته، ذلك المسكين الذي كان يحن لوطنه وللحظة خلاص من كابوسه أصابه اليأس بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وأصبح حلمه بعودته إلى قريته سرابًا، في عام 1916 وبعمر 32 سنة أوقد نارًا احتفالية وأطلق النار على نفسه ليودع عالم الأمريكان.

تجربة تودسكيجي – برنامج سري حوَّل البشر إلى فئران تجارب لمدة 40 عامًا

هذه المرة 399 إنسانًا أسود البشرة هم ضحايا أمريكا، عام 1932 قامت هيئة الصحة الأمريكية بالعمل على برنامج سري يهدف إلى دراسة أثر عدم علاج البشر المصابين بمرض “الزهري” وكيفية انتشاره، فقامت بخداع 399 رجلًا وأخبروهم أنهم يعانون من مشاكل صحية خطيرة في الدم، وأن عليهم الخضوع للعلاج ومنُّوا عليهم بأن يكون العلاج مجانيا.

استمرت أمريكا باستخدام واستغلال أولئك البشر وحقنهم بالمرض وعمل التحاليل عليهم. جعلتهم تحت رحمة مرض الزهري لمدة 40 عامًا ولم تقم بإعطائهم أي علاج حتى بعد اكتشاف البنسلين عام 1940 الذي كان ليعالج المرض في حينه، وتركوهم يواجهون مرض الزهري ليفتك بأجسادهم حتى الوفاة.

استمرت هذه التجارب على البشر حتى تم فضحها عام 1972 من خلال أخبار وتقارير صحفية واضطروا لإيقافها، وكما ترى فهم استخدموا سود البشرة ولم يوقفوا البرنامج إلا بضغط الفضائح.

الهنود الحمر.. أكثر من يعرف حقيقة الأمريكان

112 مليون إنسان تمت إبادتهم بأبشع الأساليب والطرق والوحشية على مدار 150 عامًا لم تتوقف فيها أمريكا عن إبادة الهنود الحمر ولا سلبهم أرضهم وحياتهم، بل شوهت أيضًا تاريخهم ومسحت معالم الإنسانية من صورتهم لدى الناس، فصورتهم على أن فيهم التوحش والتخلف وعدم النفع لدرجة تسمح لهم بقتلهم كالكلاب، صورتهم على أنهم حيوانات مسعورة تنهش حياة الأمريكان البيض المسالمين ذوي الطبائع اللطيفة. الحقيقة غير ذلك تمامًا!

هل تعلم أن “كريستوفر كولومبوس” مكتشف القارة الأمريكية في حديثه عن الهنود الحمر قال في رسالة أرسلها لملك وملكة إسبانيا وقتها: “هؤلاء الناس طيبون جدًا ومسالمون جدًا بحيث أني أقسم لجلالتيكما أنه لا توجد في العالم أمة أفضل”، وهل تعلم أن الهنود الحمر استقبلوا الرجل الأبيض عند وصوله لقارتهم بلطف وكرم وقاموا بتعلميه زراعتهم وصيدهم اعتقادا منهم أنه مجرد زائر أو ضيف.

قابل الأمريكان الأوائل طيبة الهنود الحمر بكل أنواع القتل والتعذيب وحروب الإبادة، قابلوا طيبتهم وسذاجتهم وبساطتهم بالحروب الجرثومية كالجدري والطاعون والحصبة والكوليرا، ووصل الأمر إلى تباهي الأمريكان بهذه الوحشية والدموية ومنهم “وليم برادفورد” حاكم مستعمر” بليتموت” الذي قال: “إن نشر هذه الأوبئة بين الهنود عمل يدخل السرور والبهجة على قلب الله”.

“أندرو جاكسون” رئيس أمريكا السابع والذي تحمل ورقة العشرين دولارًا الأمريكية صورته حتى الآن؛ كان من عشاق السلخ والتمثيل بالهنود الحمر حتى أنه أقام حفلة سلخ وتمثيل وصل عدد ضحايا تلك الحفلة إلى 800 رجل من بينهم زعيم هندي يسمى “مسكوجي”، وكان يأمر بحساب عدد قتلاه بإحصاء عدد أنوفهم وآذانهم المقطوعة، بعد ذلك كله وصف الأمريكان هذه المجازر وعمليات القتل والإبادة والتعذيب بأنها أضرار هامشية لنشر الحضارة!

استخدمت أمريكا أسلحة الدمار الشامل، وقامت باقتراف جرائم ضد الإنسانية من بداية تأسيسها ووصولًا إلى زماننا هذا، وقد اعتبرت السود بشرًا درجة ثانية، ولم تتورع عن استخدام أو قتل وإبادة أي بشري أو استهداف أي جماعة إذا كان ذلك يتوافق مع مصالحها.

 

 

أحدث العناوين

القسام: تم الإجهاز اليوم على 20 جنديًا وضابطًا من قوات الاحتلال في رفح

واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية، السبت، الفتك بجنود وآليات كيان الاحتلال "الإسرائيلي" ملحقة فيهم خسائر فادحة في محاور القتال في...

مقالات ذات صلة