أفول مشروع “الشرق الأوسط الجديد”

اخترنا لك

أنس القاضي:
التقدمات العسكرية في سوريا والعراق، ضد “داعش” مبشرة بالأمل وتقوض مشروع التقسيم الإثني والطائفي المشروط بالفوضى الدائمة، الذي أُعِدَّت وفقه خارطة “الشرق الأوسط الجديد” كمشروع يعكس العجز الغربي عن السيطرة على المنطقة وعلى دولها في حدودها القديمة، عسكريا. ويعكس فشل أمريكا عن تطبيق نموذج الديمقراطية الغربية لهذه الدول وبقاء المصالح الأمريكية عبر العلاقة مع الأنظمة اللبرالية الحرة الموعودة. فالقدرة المالية الإمبريالية الامريكية تقهقرت وعاجزة عن تقديم مشاريع مثل مشروع “مارشال” في تولي أمريكا ماليا إعادة اعمار الدول الغربية بعد الحرب العالمية الثانية وضمان ولائها، وعاجزة عن الانفاق على قواتها العسكرية في أفغانستان والعراق ولهذا شهدنا انسحاب القوات وتقلصها.

هذه التقدمات العسكرية وعوده النازحين كبغض النازحين السوريين من تركيا ولبنان، او خروج نازحين من مدن الى مدن أخرى، واستقبال الأهالي لهم، حتى يستكمل الجيش تطهير مدنهم من داعش، كما في العراق، هي ايضاً، تثبت عمليا بأن مشروع التقسيم غير ناضج وغير قابل للتطبيق كواقع بسهوله، وبأن هناك تداخل اجتماعي وحاجه ونزوع شعبي الى التكاتف أكبر، إذ أن مختلف الطوائف والاثنيات، لم تجد في داعش حليف لنصرة مظلومياتها وقضاياها التاريخية لتستغل هدمه للدول المركزية بل وجدت بهِ عدوا وبدولته الداعشية شراً محضاً. ونضالها مجتمعةً معاً بتعددها وتنوعها في وحدات مشتركة(كوردية عربية ازيدية سنية شيعية) ضد العدو الداعشي يوحد الروابط الوطنية فيما بينها واحترام الأخر، ويهيء الوصول في مرحلة ما بعد الحرب الى معالجات سياسية لقضايا الشراكة الوطنية وقضايا الحكم الذاتي والحقوق الديمقراطية للقضاء الجذري على هذه القضايا.

ولهذا تعمل أمريكا عبر ادواتها على القيام بممارسات إجرامية، تؤدي الى الشعور في خضم المعركة الوطنية بأن المقاتلين الأكراد يضطهدون العرب او ان الشيعة يضطهدون السنة، او ان المسلمين ضد اليزيديين، وعلى هذه الاوتار تعزف الأجهزة الإعلامية التابعة للإمبريالية.

كما تعمل أمريكا عن عمد الى استهداف القوات المناوئة لداعش، وتسقط لها السلاح وتدعي ان تلك أخطاء! وتقوم إسرائيل بشن عدوانات على القوات السورية عقب وعلى مشارف كل انتصار في الجبهات السورية، كما تدعم أمريكا أكراد سوريا الديمقراطية ضد داعش، ظناً منها بأنها تملكتهم، كورقة اخيرة وأنهم سيفجرون الوضع كما ترغب هي،وكذلك اتى اعلان كوردستان العراق ذاتيه الحكم عزمها على تنفيذ استفتاء للاستقلال، وكل هذه الأعمال هي محاولة إرباك للمشهد، وأعاقه للتطورات الإيجابية، وليست لتنفيذ المشروع الذي فشل عمليا، وخاصة في البؤرة العراقية السورية الكوردية التركية.

 

*أكراد سوريا اليوم أقوى، ومسيطرين على مناطقهم، وهو شيء يخدم قضيتهم وأنا مع حق تقرير المصير السياسي في الاستقلال او الحكم الكونفدرالي ، ويمكن إلى حدٍ ما تشبيهه سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بسيطرة أبناء المحافظات الجنوبية على الجنوب وهوَ ما يخدم قضية الحراك الجنوبي في اليمن، طبعاً مع عدم المماثلة بين القضيتين، فالقضية الكوردية قائمة على أساس الحق القومي للامة الكوردية في تقرير المصير، فيما القضية الجنوبية اليمنية نتيجة لحرب 94 الأهلية اليمنية.

وهاتين القضيتين لا يخدمهما ولن يأتي بحل موضوعي مستدام لقضيتهما، القيام باي قرارات مستعجلة في خضم الفوضى الحالية وقبل انقشاع الغبار عن الواقع الجديد. والقوات الكوردية مسيطرة بذاتها، فيما المحافظات الجنوبية اليمنية بها قوات غزو أجنبية ليست مع السيادة الوطنية لا لليمن ككل ولا للإقليم الجنوبي وتتناقض مع الحلول العادلة للأزمة اليمنية.

 

*المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي وسياسة الموقع

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية..ماذا تقول الأخبار الأولية

تحديث: فوكس نيوز: مصدر أمريكي يؤكد الضربة الإسرائيلية داخل إيران، ويقول إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة، وكان هناك إخطار...

مقالات ذات صلة